عودة للتخزين المنزلي للثوم تخوفا من فخ المضاربة
خلق الانخفاض القياسي في أسعار الثوم في المدة الأخيرة، حالة من الهستيريا وسط ربات البيوت، اللائي سارعن إلى تخزينه بكميات كبيرة، بعد أن عرفت أسعاره في الثلاثي الأول من السنة الجارية، ارتفاعا جنونيا لامس سقف 1800 دينار للكيلوغرام الواحد، بسبب كثرة الطلب و نقص العرض،  وقد حرك دخول الإنتاج الوطني السوق والوفرة المتاحة حمى في أوساط العائلات التي تحركت لأخذ احتياطاتها لمواجهة لهيب متوقع للسوق ، فيما يؤكد رئيس جمعية منتجي الثوم بولاية ميلة وفرة المنتوج هذه السنة، و تغطيته لاحتياجات  35 ولاية محذرا من تخزين تجار لكميات كبيرة بهدف المضاربة .
اجتاحت شاحنات بيع الثوم عدة نقاط بمدينة قسنطينة، خاصة عند مخرج بلدية عين سمارة و كذا عبر الطريق المؤدي إلى المدينة الجديدة علي منجلي، و بمنحدر المنية، بأسعار بلغت عشية رمضان 80 دينارا نظرا لوفرة المنتوج، ما خلق نوعا من التهافت عليها و دفع بربات البيوت إلى تخزينها بشتى الطرق في شكل ربطات أو بضفرها و تعليقها في شكل حزم داخل شرفات المنازل، أو في الأقبية، أو بتجفيفها ثم بشرها أو طحنها و وضعها في علب للتجميد، لتلبي احتياجاتهم على مدار العام.
مخاوف متزايدة من المضاربين
أبدى جل من تحدثنا إليهم من المواطنين تخوفهم من ارتفاع سعر المادة مجددا، ما جعلهم يقتنونها بكميات كبيرة، مؤكدين بأنه و بمجرد انقضاء موسمها سيرتفع سعرها مجددا، لأن «الثوم الصيني» الذي كان يساهم في سد العجز أصبح يستورد بكميات محدودة ، و المحلي يبقى تحت رحمة المضاربين، مشيرين إلى أن السعر   بدأ في الارتفاع في الأسبوع الأول من رمضان، حيث بلغ 130 دينارا.
السيدة نصيرة ربة بيت في الخمسينات من العمر، قالت للنصر بأنها متعودة كل سنة على تخزين الثوم عند حلول موسم جنيها بكميات محدودة، تكفيها لسد حاجيات العائلة على مدار العام، مع دعمها بالثوم المستورد، لكن هذه السنة الوضع يختلف مقارنة بالسنوات الماضية، التي لم يتم فيها تسجيل نقص في هذه المادة على مدار العام، و حتى خارج موسمها، كما أنه لم يتم تسجيل ارتفاع قياسي في سعرها، لكن هذه السنة قفز بشكل مذهل لحد استحال معه  على الفرد ذي الدخل المتوسط اقتناء كميات كبيرة لتخزينها، مشيرة إلى أنها و فور انخفاض سعر الثوم، ذهبت رفقة زوجها إلى السوق و اقتنت ثلاث حزم كبيرة منها، و قامت بتعليق اثنتين في شرفة البيت، فيما قامت ببشر فصوص الحزمة الثالثة ووضعها في أكياس بالثلاجة،  لأن الثوم ،حسبها، إذا عُلقت لمدة طويلة تجف.
السيدة زهية، في الأربعينات من العمر، قالت بأنها تستعمل في الطبخ الثوم بشكل يومي، إذ تضعه في صلصة السلطة و في كل الأطباق التي تُعدها بالدجاج، لأنه يساعد على التخلص من رائحته، كما تضعه عند تحضير الأسماك و صلصات العجائن كالمعكرونة، مشيرة إلى أن الثوم مفيد جدا باعتباره غني بفيتامين "بي6" و مخفض لنسبة الكوليسترول في الدم و غني بنسبة كبيرة من الماء، إذ يجعل الأكل صحيا و يمده بمذاق خاص، مشيرة إلى أنها قامت باقتناء الثوم في فترة غلائها، بمقدار  3 كيلوغرامات بسعر 1400 دينار للكيلوغرام الواحد، و ذلك خوفا من نفاده في ما بعد،  غير أنها تفاجأت بأنه لم ينضج بشكل جيد، و لم تقسم بعد «رؤوسه» إلى فصوص،  مضيفة بأنها لا تحبذ حفظ الثوم في المجمّد، لأنه يفقد كامل مدخراته الغذائية، و تفضل استعماله فور نزع قشوره، و قالت بأن زوجها يعاني من ارتفاع الضغط الدموي و الثوم يساعد بشكل كبير في خفضه، ما يجعلها حريصة على توفره الدائم في المنزل و استعماله في الطهي لتفادي، حسبها، وقوع أي مضاعفات لزوجها.
أحد باعة الثوم و هو متعود على بيعه كل سنة، قال لنا بأن حالة الهستيريا التي انتابت المواطنين في الثلاثي الأول من هذه السنة، جراء الارتفاع الفاحش في أسعاره و نقص العرض، جعلتهم يتهافتون عليه إذ لم يتمكن الأغلبية من اقتنائه، كما أن العرض كان أقل من الطلب، ما دفع ببعض الفلاحين إلى جنيه قبل الأوان و بيعه على حواف الطرقات، مشيرا إلى أنه و بعد أن انخفض سعره قبيل شهر رمضان، حيث وصل إلى 50 دينارا بالمنطقة المعروفة بإنتاج الثوم و هي تلاغمة بولاية ميلة، بدأ يلتهب مجددا، إذ بلغ أمس 150 دينارا للكيلوغرام الواحد، مبررا هذا الارتفاع بأن عشب المادة التي جنيت منذ فترة،  بدأ يجف ليصبح خفيفا في الميزان، ما يتسبب في غلاء سعره، موضحا بأن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد و تقليص قائمة المواد المستوردة ومن بينها الثوم، خلقا هاجسا لدى المواطنين الذين أصبحوا يقتنون كل منتوج صالح للتخزين بكميات كبيرة، تحسبا لارتفاع الأسعار أو النفاد.
رئيس جمعية منتجي الثوم بالتلاغمة
كميات كبيرة خزّنها التجار للسيطرة على السوق
و يطمئن رئيس جمعية منتجي الثوم بتلاغمة، ولاية ميلة، المواطنين بأن منتوج الثوم متوفر و يلبي احتياجات المواطنين بمختلف ولايات الوطن، موضحا بأنه و قبل أسبوع من حلول الشهر الفضيل، قدم ممثلون عن وزارة الفلاحة، بالإضافة إلى ممثلي الولايات المنتجة كوادي سوف و بسكرة و قالمة و سوق أهراس و المدية،  و تم تقييم نسبة المنتوج الوطني الذي تبين بأنه كاف، و قد تم تصنيف ثوم تلاغمة في المرتبة الأولى من حيث النوعية، مضيفا بأن ولاية ميلة لوحدها بإمكانها تغطية احتياجات 35 ولاية، لأن الإنتاج ارتفع مقارنة بالسنة الماضية، حيث غرس الثوم في مساحة 670 هكتارا ، فيما قدرت المساحة هذه السنة بـ 1077 هكتارا ، و قال بأن سعر الثوم  يبلغ حاليا بولاية ميلة 100 دينار للحزمة ذات الحجم المتوسط، و 120 دينارا لذات الحجم الكبير ، بعد أن وصل سعره حسبه في منتصف ماي إلى 50 دينارا، مبررا الارتفاع الطفيف في السعر، بالرغم من الوفرة ،إلى تغير طبيعة عشب الثوم الذي أصبح يابسا ليخف بذلك  وزنه، و  قال أن السعر  سيبقى مستقرا، مشيرا إلى أن كميات كبيرة بيعت للتجار الذين تهافتوا عليها بشكل كبير في هذه الفترة، و هذا بغية تخزينها في غرف التبريد، التي لا يملكها فلاحو الولاية، حسبه ، و يتوقع أن يبيعها هؤلاء التجار في ما بعد بأسعار مرتفعة.                    
أسماء بوقرن

الرجوع إلى الأعلى