شاربات بمياه ملوثة و منكهات خطيرة
تنتشر خلال شهر رمضان بشكل كبير تجارة الشاربات المعبأة في أكياس بلاستيكية، حيث يغتنم  العديد من التجار الموسميين والمواطنين العاديين وحتى بعض الأطفال، فرصة حلول الشهر الفضيل  لبيع الشاربات، نظرا للإقبال الكبير عليها من طرف الصائمين.
 بالرغم من تعدد أنواع العصائر المعبأة والحاملة لعلامات تجارية مختلفة المعروفة في السوق الوطنية، إلا أن الإقبال على الشاربات لم يتراجع و لو أنها في بعض الحالات   مجهولة المصدر ولا يعرف المستهلك طريقة تحضيرها، و ما مدى احترام المقاييس اللازمة في عملية إنتاجها.
 المادة يتم تسويقها في أغلب الأحيان من طرف تجار موسميين غير شرعيين على الأرصفة، بالرغم من كثرة التجار المختصين في إنتاجها ويملكون سجلات تجارية، ويقومون بإنتاجها على مدار السنة، وعملية تحضيرها تتم أمام عيون المستهلكين في هذه المحلات، خاصة وأن بعض المدن اشتهرت بها ومنها مدينة البليدة، حيث تعود جذورها  إلى الأندلسيين الذين استوطنوا سهل المتيجة و طوروا زراعة الحمضيات بمختلف أنواعها، بالإضافة إلى ذلك فإن تحضيرها يتم بمواد طبيعية، كالليمون، ماء الزهر، القرفة، والياسمين، و كان يتم وضعها في أوان فخارية أو  نحاسية  لتحافظ على ذوقها وبرودتها، عكس ما تعرفه اليوم، ففي أغلب الأحيان يتم تحضيرها بمواد حافظة تشكل خطرا على صحة الإنسان، كما أنها غير خاضعة لأجهزة الرقابة أو التحاليل المخبرية، كما يتم وضعها في أكياس بلاستيكية وتبقى لفترة طويلة معبأة داخلها، في درجة الحرارة عالية، مما قد يؤثر أيضا على الصحة.  
مشروب أندلسي مرتبط بزراعة الحمضيات
كانت الشاربات تعتبر جزءا من التراث التقليدي لسكان مدينة البليدة، و توجد بعدة أنواع، منها شاربات الخطبة، التي كانت تقدم عند خطبة الفتاة، أو الشاربات التي تقدم للطفل عند صيامه لأول مرة، والتي تصنع بالماء و السكر وماء الزهر و القرفة فقط، و تضع فيها العائلات البليدية خاتما أو قطعة نقدية من فضة، ليكون إسلام الطفل صافيا  ، وفق اعتقادهم، كما أن بعض العائلات لا تزال تحافظ على هذا التراث القديم، و لا يزال العديد من المواطنين يذهبون إلى الجبال للتزود بمياه الينابيع الجبلية الصافية والباردة، و صنع الشاربات بعين المكان، وفق عادات الأجداد.
وقد اشتهرت منطقة المتيجة بشاربات بوفاريك، و شاربات «ميخي» بالبليدة، التي كان يأتي الناس من مختلف أنحاء الوطن لاقتنائها، كما أن إنتاجها لا يقتصر على شهر رمضان فقط، بل على مدار السنة، ويتم تحضيرها بمواد طبيعية خالصة، منها الليمون، إلى جانب احترام شروط النظافة، لهذا فإن الإقبال عليها كبير، رغم سعرها المرتفع الذي يصل إلى 150 دينارا للتر الواحد، وذلك بسبب ارتفاع سعر الليمون الذي يقترب هذه الأيام من 300دينار للكيلوغرام الواحد، في حين الشاربات المصنعة بمواد حافظة يتم بيعها بسعر 50 دينارا ، ويتم تحضيرها بحمض الليمون ويضاف له السكر.
وفي نفس الوقت، و بالرغم  من ارتفاع سعر الشاربات الطبيعة، إلا أن عشاقها في مائدة رمضان لم يتخلوا عنها، حيث تتشكل أمام محل « مخيي» بوسط مدينة البليدة، طوابير طويلة من طرف المواطنين لاقتنائها نظرا لتاريخها، وعملية تحضيرها الطبيعية، عكس تلك التي تحضر موسميا خلال شهر رمضان، و في غالب الأحيان يقوم أطفال صغار السن بتسويقها، وتجهل طريقة تحضيرها والمياه المستعملة فيها، كما أن  ذوقها غير طبيعي، بحيث يستعمل فيها  ماء زهر كيميائي عديم الطعم، وبحمض الليمون، و تخلط بعيدان المكانس داخل براميل بلاستيكية، كما أنها توضع في أكياس بلاستيكية لساعات طويلة تحت أشعة الشمس، و تزين بقطعة ليمون مجمد لتضليل المستهلكين.
جمعية حماية المستهلك تحذر وتدعو للتدخل
حذر رئيس الجمعية الوطنية لحماية وترقية المستهلك معمر بوشقيف من خطر تناول  الشاربات المعروضة في أكياس بلاستيكية على مستوى الأرصفة و في الأسواق، وأكد  أن هذه الشاربات تشكل خطرا على الصحة العمومية، كونها مجهولة وغير معروفة، مشيرا إلى أن عملية تحضيرها تتم بطريقة عشوائية، وتحدث عن وقوف جمعية حماية المستهلك على حالات تتعلق باستعمال مياه غير معالجة في تحضير هذه المادة، وبعض الباعة  يعتمدون على مياه الصهاريج، بالإضافة إلى إضافة أصحابها لمواد غذائية بطريقة عشوائية وغير مراقبة، دون احترام المقاييس المطلوبة، كما أنها لا تخضع لأجهزة الرقابة والتحاليل المخبرية، مما قد يشكل خطرا كبيرا على صحة المستهلك، كالإصابة ببعض الأمراض السرطانية، ودعا رئيس جمعية حماية المستهلك المواطنين إلى ضرورة الحذر من اقتناء واستهلاك الشاربات المعروضة في الشوارع وعلى الأرصفة والتي لا تحمل أي علامة تجارية.
من جانب آخر أكد رئيس مصلحة مراقبة الجودة وقمع الغش بمديرية التجارة، قيام أعوان الرقابة بعدة عمليات لمراقبة محلات بيع الشاربات والتأكد من مطابقتها وتوفرها على شروط النظافة والحفظ، أما في ما يتعلق بعرض هذا المنتوج على الأرصفة من طرف بعض الباعة الموسمين والأطفال خلال شهر رمضان، فقال بأن محاربتهم تقتضي مشاركة مصالح الأمن، حيث أن مصالح مديرية التجارة لا تملك صلاحيات حجز سلعهم ومنعهم من تسويق هذه المنتجات على الأرصفة وخارج المحلات التجارية، مضيفا بأن اقتناء هذه السلع مرتبط بسلوك المستهلك الذي يجب أن يكون بتجنب السلع المعروضة على الأرصفة  و التي لا تحمل علامات تجارية، ويتم تسويقها بطرق غير شرعية.   
نورالدين-ع

الرجوع إلى الأعلى