سهرات  فنية وأجواء عائلية تخرج مرضى من  دوامة السرطان
اقتسمت النصر أول أمس مائدة الإفطار مع مرضى السرطان بدار الإحسان لإيواء المرضى بمدينة البليدة التي يقيم فيها أزيد من 50 مريضا يخضعون للعلاج بالأشعة بمركز مكافحة السرطان بمستشفى فرانتز فانون، وأغلبهم قدموا من ولايات بعيدة من أقصى الشرق والغرب والجنوب، كما أن أغلب المقيمين بدار الإحسان نساء، حيث بلغ عددهن 40 امرأة مقابل 15 رجلا.
 نورالدين عراب
ويعيش المقيمون في هذه الدار في جو أسري مليء  بالتضامن والتكافل بين  المرضى وعمال دار الإحسان الذين يسهرون على راحة المرضى، حيث تتكفل جمعية البدر لمساعدة مرضى السرطان التي أنجزت دار الإحسان بتوفير كل احتياجاتهم  مجانا، من الإيواء والإطعام، والنقل نحو مركز مكافحة السرطان، و يساهم  المحسنون بالمنطقة في توفير هذه الخدمات.
وفي هذا السياق أشار رئيس جمعية البدر مصطفى موسوي إلى أن دار الإحسان أصبحت اليوم تتوفر على محسنين دائمين، كما أن الجو الأسري الذي يعيشه المرضى في ما بينهم، خفف عنهم معاناة المرض، خاصة من الجانب النفسي، لهذا كانت معنوياتهم مرتفعة وأنساهم الجو العائلي آلام المرض، كما استطاع بعض المرضى الاندماج بسرعة بدار الإحسان من خلال المساهمة في عدة أعمال تطوعية، وهو ما ينطبق على عمي أحمد، المنحدر من ولاية معسكر، فقد خضع ل 19 حصة للعلاج بالأشعة ، و من المنتظر أن يخضع لحوالي 07 حصص أخرى، لكن خلال هذه الفترة التي يتواجد فيها بدار الإحسان، يساهم في عدة أعمال تطوعية، خدمة لبقية المرضى، خاصة في المطعم، و يبدو لزائر الدار بأنه أحد عمال الدار وليس مريضا.
ويؤكد عمي أحمد للنصر بأن المرض لم يؤثر فيه واستطاع التغلب عليه، وأصبح جزءا من حياته اليومية، التي يمارسها بشكل عادي، ونفس الشيء بالنسبة للطالب الجامعي حميد، المنحدر من ولاية البويرة الذي تأقلم مع مرض سرطان الدم، لدرجة أنه لم يؤثر على حياته الدراسية، مشيرا إلى أنه لم ينقطع عن الدراسة رغم المرض، و  بعد الانتهاء من حصص العلاج بالأشعة سيعود إلى مقاعد الدراسة، لإجراء امتحانات السداسي الثاني بالمركز الجامعي بالبويرة بعد عيد الفطر.
 الأمر لا يختلف كثيرا مع محمد من عين الدفلى الذي تغلب على المرض، وأصبح جزءا من يومياته، لكنه أعرب عن أسفه لظروف العلاج في العيادات الخاصة، مشيرا إلى أنه أجرى عملية جراحية إثر إصابته بسرطان البروستات بإحدى العيادات الخاصة، وتم الاتفاق على تسديد مبلغ 15 مليون سنيتم، لكن الطاقم الطبي بذات العيادة، اضطر إلى إبقائه تحت العناية لمدة أسبوع، مما جعل فاتورة العلاج ترتفع إلى 42 مليون سنتيم، مشيرا إلى أنه تم احتساب سعر الإقامة لليلة الواحدة بذات العيادة ب03ملايين سنتيم، وهو ما تفاجأ له واضطر لطلب مساعدة الأقارب لدفع كل التكاليف.
لاحظنا أن حالة النساء لا تختلف عن حالة الرجال، فهن أيضا يعشن في جو أسري تضامني كبير، و الاندماج في ما بينهن أقوى مما هو عند فئة الرجال، حيث أن بعض الرجال غير المرتبطين بمواعيد للعلاج في فترات الليل، يبقون في غرفهم بعد الإفطار، أو يتابعون البرامج التلفزيونية ببهو الدار، في حين يتجه آخرون يتوجهون لأداء صلاة التروايح بالمساجد المجاورة، أما النساء فيقمن سهرات فنية في ما بينهن، يغلب عليها المرح وتبادل أطراف الحديثة والفكاهة بعيدا عن قصص المرض، كما أشارت العديد من النساء و أغلبهن مصابات بسرطان الثدي، بأن هناك تضامن أسري كبير معهن، خاصة من الأزواج الذين أصبحوا أكثر وعيا بحالتهن، حسبهن، ويقدمون لهن الدعم الكافي.
تعطل  جهاز  الأشعة  يمدد فترة التواجد  بالدار  
من جانب آخر و رغم هذا الجو العائلي والتضامني بدار الإحسان بين المرضى والعمال والمتطوعين، إلا أن بعض المرضى لم يخفوا تذمرهم واستياءهم من ظروف العلاج بمركز مكافحة السرطان، خاصة بعد تعطل جهاز العلاج بالأشعة لمدة أسبوع كامل، مما أخر حصصهم العلاجية، وبالتالي تم تمديد فترة بقائهم بالولاية لاستكمال العلاج، بالإضافة إلى مواعيد العلاج الطويلة التي تقدم لهم و التي تصل إلى 08 أشهر.
وفي هذا السياق أوضح بعض المرضى بأن الأطباء يلزمونهم بالخضوع لحصص العلاج بالأشعة خلال شهرين، إلا أن المواعيد التي تمنح لهم تصل إلى 08 أشهر، وذلك التأخر قد يترتب عليه تطور في المرض، أو آثار صحية جانبية أخرى، ولهذا اضطر العديد منهم إلى التوجه نحو مركز خاص للعلاج بالأشعة بالبليدة، رغم تكاليفه الباهظة، حيث تقدر تكلفة الحصة الواحدة ب11ألف دينار وبذلك تتجاوز التكلفة الإجمالية للعلاج 40 مليون سنتيم للمريض الواحد.
و قالت السيدة عائشة من ولاية الشلف المصابة بسرطان الثدي بأنها لم تتمكن من الظفر بموعد قريب للعلاج بالأشعة بمركز مكافحة السرطان، و نظرا لظروفها العائلية البسيطة، لم تجد من سبيل سوى التوجه نحو الإذاعة المحلية بالشلف و رفع نداء للمحسنين الذين تكفلوا بكل المصاريف الخاصة بعلاجها لدى مركز خاص  لمكافحة السرطان.
 أربعة مرضى في الغرفة الواحدة
من جانب آخر يذكر رئيس جمعية البدر مصطفى موسوي، بأن الطاقة الاستيعابية لدار الإحسان تقدر ب45 سريرا، لكن بما أن الفئة المعنية بالإيواء هي مرضى السرطان، فإن استقبال المرضى لم يتوقف، رغم تجاوز الطاقة الاستيعابية بكثير، حيث تجاوز عدد المقيمين بها 60 مريضا، و تتكفل الجمعية بكل احتياجاتهم، مشيرا إلى أن الغرفة التي تتسع لشخصين يتم رفع عدد المقيمين فيها إلى 04 أفراد، إلى جانب استغلال الفضاءات الأخرى المتوفرة في الدار وتحويلها لإقامة المرضى، وأكد نفس المتحدث بأن كل مريض يصل إلى دار الإحسان، يجب توفير مكان لإقامته والتكفل به، ومن غير المعقول التحجج بغياب الأسرة.
وبهدف مساعدة المرضى أكثر وتوجيههم واستقبالهم، أشار رئيس الجمعية إلى فتح ملحقة لدار الإحسان على مستوى مستشفى فراتنز فانون، تخصص لاستقبال مرضى السرطان، خاصة الذين لا يملكون مكانا يأويهم ويقصدون مركز مكافحة السرطان من ولايات بعيدة بغرض العلاج بالأشعة.
من جانب آخر وعن المشاريع المستقبلية لجمعية البدر، يذكر رئيسها بأن الهدف القادم هو إنجاز أكبر مستشفى لعلاج سرطان الأطفال، حيث استفادت الجمعية من قطعة أرض مساحتها 03آلاف متر بمحاذاة مستشفى فراتنز فانون، ويتوقع أن ينظم «تليطون» مع نهاية السنة الجارية لجمع الأموال لانجازه، خاصة وأن تكلفته الإجمالية تصل إلى 100مليار سنتيم، كما أنه يوجد حاليا قيد الدراسة التقنية، ليكون بذلك أول مستشفى لعلاج سرطان الأطفال بالجزائر.
ن ع

الرجوع إلى الأعلى