أسرة من 10 أفراد تعيش داخل غرفة تشبه القبر منذ 40 عاما
دفعت الظروف القاهرة بعائلة متكوّنة من 10 أفراد إلى العيش في غرفة ضيقة مثلثة الشكل ،لا يزيد طولها عن أربعة أمتار بحي التوت وسط مدينة قسنطينة، و هي تناشد اليوم والي الولاية لإنقاذها من هذه المعاناة بمنحها سكن يصون  كرامتها و إنسانيتها.
النصر تنقلت إلى بيت عائلة بن حركو و اطلعت عن كثب على ظروف معيشتها المزرية، التي اتضحت معالمها بمجرد أن وطأت أقدامنا البناية التي تقطن العائلة بإحدى غرفها بالطابق الأول الذي يضم غرفتين ضيقتين فقط.
 وجدنا صعوبة في صعود السلالم المؤدية إليها، نظرا لضيقها الشديد و علوها الشاهق، و عندما وصلنا إلى الغرفة التي تأوي عائلة بأكملها، فوجئنا بأنها مثلثة الشكل و طولها لا يزيد عن 4 أمتار، و توجد بها  بعض الأفرشة و خزانة ، و تستعمل كغرفة نوم و استقبال و كذا للاستحمام،  فيما تستغل مساحة من أدراج السلالم المؤدية إلى الطابق الثاني من البناية للطبخ، كما يضطر أفرادها إلى التنقل إلى أسفل البناية لقضاء حاجتهم، حيث يوجد مرحاض واحد جماعي يستعمله كل القاطنين بهذه البناية الضيقة.
 بين مخالب  الفقر و المرض و أزمة السكن
استقبلتنا ربة البيت بحفاوة في غرفتها الضيقة التي تأوي أفراد أسرتها العشرة،  و و زينت ابتسامة في وجهها الشاحب رغم المعاناة الشديدة التي تعيشها، و أخبرتنا بأنها  تشتغل عاملة نظافة بمديرية التربية بقسنطينة منذ سنة 2006، و أكدت بأن الظروف القاسية التي تعيشها أسرتها، أرغمتها على العمل لتوفير دخل تعيل به زوجها ، بالرغم من أن وضعها الصحي لا يسمح بذلك و كذا سنها فقد تجاوزت الستين، مضيفة  بأن أزمة السكن التي تعاني منها منذ نحو 40 عاما، زادت من معاناتها ، و تفاقمت وضعيتها بعد أن كبر أبناؤها الخمسة و لم تعد تتسع الغرفة لهم، و ما زاد الطين بلة طلاق ابنتها منذ نحو 9 سنوات و عودتها رفقة ابنتها للعيش معهم في الغرفة الضيقة جدا، كما عادت بعد ذلك ابنتها الثانية المتزوجة إلى بيت أهلها رفقة اثنين من أبنائها، إثر مشاكل وقعت لزوجها أرغمتها على التخلي عن بيت الزوجية.
و تابعت محدثتنا بأن مسؤوليتها تضاعفت في ظل هذه الظروف، إذ لم تعد مسؤولة عن إعالة أفراد أسرتها فقط، بل على ابنتيها و أحفادها الثلاثة المتمدرسين في الطور الابتدائي ، الذين تتكفل بمصاريفهم  و كل ما يحتاجونه، موضحة بأن زوجها لا يعمل بشكل دائم، ما جعلهم يعانون الأمرين: ضيق السكن و الظروف المادية الصعبة .
و أخبرتنا ربة البيت بأنها أم لابن في العشرينات من العمر و بنت تدرس في السنة الرابعة متوسط و أخرى تتلقى تكوينا في الحلاقة ،بغية الحصول على عمل و مساعدة أسرتها على مواجهة الظروف القاسية داخل هذه الغرفة الضيقة التي تفتقر لأهم متطلبات العيش الكريم ، قالت بأنها تعاني منذ نحو 40 سنة من أزمة سكن ، و قد تحصلت على  استفادة من السكن الاجتماعي سنة 1995 و تلقت وعودا من السلطات المحلية، غير أنها لم تحصل على سكن بعد، بالرغم من أن كل جيرانها حتى بعض المتزوجين  حديثا منهم ، تحصلوا على سكنات و تم ترحيلهم في العملية التي تمت مؤخرا.
و أكدت بأن أسرتها و أسرتي شقيقي زوجها لا تزال تعاني من أزمة سكن، و قد تم تهميش الأسر الثلاث، على حد قولها .
و تناشد السلطات المحلية التدخل العاجل للنظر في وضعيتها قبل حلول فصل الشتاء،  الذي تتحول فيه غرفتها إلى مسبح تتسرب إليه الأمطار عبر السلالم المؤدية إلى الطابق الثاني من البناية.
أسماء بوقرن

الرجوع إلى الأعلى