منارة مليانة تقليد سنوي للإحتفال بالمولد النبوي   
  ترتبط الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف بمليانة بولاية عين الدفلى، بعادات  و تقاليد تعود إلى 4 قرون من الزمن ، يقال أن عرب الأندلس استحدثوها لمواجهة الطقوس الصليبية، وتعتبر من رموز الحضارة الإسلامية التي تصدت لها السلطات الاستعمارية  بالجزائر، لما كانت تشكله من وعي حضاري و أبعاد وتوجهات سياسية ودينية، و تتمثل أساسا في تنظيم موكب كبير يجوب المدينة تتصدره المنارة الكبرى و أشكال و مجسمات عديدة للمنارات و عروض الخيالة و المدائح الدينية.
تحضر كل عائلة بالمنطقة لهذا اليوم الموعود بطهي مختلف الأطباق التقليدية وصنع منارة و تلبيسها بأجمل حلة ،حتى تكون ضمن الموكب الكبير الذي ينطلق بعد صلاة العصر من وسط المدينة، في أجواء من الفرح و السرور ، وتزداد المنارات إشعاعا بضوء الشموع بعد حلول الظلام في مشهد لا يرتبط إلا بهذه المناسبة الدينية ، و يشارك في هذه الاحتفالية النساء و الرجال و الأطفال ، يتقدمهم الخيالة.
و تمتلئ الشوارع  برائحة البارود التي لا تتبدد إلا بعد ساعات من صمت البنادق، و تجوب المنارات من بينها المنارة الكبيرة، أهم الشوارع الرئيسية، انطلاقا من السور الروماني، مرورا بساحة البطحاء و دار الخلافة للأمير عبد القادر ، وشارع « السانبول « و الحديقة الرئيسة ، وصولا إلى  فناء الولي الصالح سيد أحمد بن يوسف الراشدي،  مع صلاة المغرب، حيث تقام الصلاة ،ثمّ ينطلق الحفل بالمدائح الدينية على وقع الزرنة ، مع التهليل و التكبير و الصلاة على النبي محمد عليه الصلاة و السلام، وترشق  حينها المنارة بالسكر و اللوز.
تتخلل هذه التظاهرة محاضرات حول السيرة النبوية و تلاوة القرآن الكريم ، لتوزّع بعدها الحلويات، وغيرها من المأكولات و الأطباق التقليدية على الحضور.
استنادا لأبناء المنطقة ، فإن المنارة تشبه إلى حد كبير صومعة المسجد، بها هلال و نجمة، كما تشمل أشكالا هندسية مستقاة من الحضارة الإسلامية، حيث كانت المنارة في السابق تزين بقطعة قماش، باللونين الأبيض، والأخضر، للتعبير عن السلام والشموع فقط، لكن في الآونة الأخيرة أدخلت عليها عدة تغييرات، فباتت تزين بالألعاب و المؤثرات الضوئية، كما يتم تغليفها بورق فضي مزخرف.
تتّخذ المنارة أشكالا متعدّدة كأساطيل بحرّية، و مساجد و صوامع ومنازل ذات دلالات ومعان عميقة، تقول السيدة فاطمة في العقد السادس، يشرع في صناعتها وتجهيزها قبل حلول المولد النبوي الشريف بمدة قد تتجاوز لدى بعض العائلات خمسة أشهر ، حسب امكانيات المادية لكل عائلة ، ويستغل بعض الحرفيين الفرصة للمتاجرة بهدف الاحتفال و تزيين البيوت بالمنارات، حسب رغبة كل عائلة، حيث تتراوح أسعار المنارات المصنوعة من الخشب من ألف إلى 3 آلاف دج  للمنارة الواحدة ، وفق البائع  مصطفى . م ،  25 عاما، ابن منطقة  قرقاح بمليانة.  و يتيح هذا التقليد السنوي ، حسب محدثنا ، الفرصة لالتقاء الأحبة والتنفيس عن الفقراء و المحتاجين، لأن الأجواء الاحتفالية تحمل جانبا اجتماعيا تضامنيا أيضا.                                                     
هشام. ج

الرجوع إلى الأعلى