أبناء حي « الفلوجة» بقالمة ينتصرون  على مافيا العقار   
أخيرا، و بعد صراع مرير مع فوضى العقار و الدمار، التي أحكمت قبضتها على الضواحي الشعبية الفقيرة، انتصر أبناء حي «الفلوجة» الشعبي بمدينة قالمة، عندما تمكنوا من تحرير قطعة أرضية صغيرة، و صد شبكات العقار، التي تواصل التهام المزيد من الجيوب، و المساحات الخضراء، و تفرض مزيدا من الحصار على الضواحي الشعبية التعيسة.  
أخيرا عادت القطعة الأرضية الصغيرة إلى أبناء الحي الفقير، و صارت اليوم ملعبا أخضر جميلا، يبعث الأمل، و الفرح، في قلوب الأطفال، الذين أفاقوا على حلم جديد، و انتشروا فوق القطعة الخضراء، غير مصدقين بأن أكوام النفايات قد ولت، و أن الخرسانة، و حديدها المسلح، لن يكون لها نصيب هنا، بآخر فضاء لعب ينجو من الزحف الرهيب للبنايات العملاقة، التي تحجب الرؤية و نور الشمس.    
أبناء الفلوجة، الذين قادوا معركة تحرير الملعب الصغير، و صدوا الهياكل الخرسانية الزاحفة على كل كائن أخضر جميل، يقولون بتأثر كبير « اليوم أشرقت شمسنا، و أصبح لأطفالنا مكانا يلعبون فيه، بعيدا عن النفايات و البنايات، و الشوارع التي ضاقت بأهلها، و لم تعد تتحمل المزيد، انتصرنا على الخرسانة التي التهمت كل شيء، و طهرنا المكان، و فتحنا نافذة أمل لأبنائنا الذين ولدوا و كبروا بعيدا عن ضوء الشمس، نحيي سلطات المدينة التي وقفت إلى جانبنا، و دافعت بقوة عن قرار بناء الملعب الصغير، ملعب حديقة الفقراء».   
حي الفلوجة، الواقع بقلب الضاحية الغربية لمدينة قالمة، هو واحد من الأحياء الشعبية الفقيرة بالمدينة التاريخية العريقة، و ارتبط اسمه بمأساة مدينة الفلوجة العراقية خلال حرب الخليج الأولى، عندما ارتكبت القوات الأمريكية، مجزرة رهيبة في حق السكان العزل، في 28 أفريل 2003.
و خرج سكان الضواحي الشعبية بمدينة قالمة آنذاك، في مظاهرات منددة بالمجزرة و الغزو الأمريكي للعراق، و ظل الحي الصغير، منذ تلك المظاهرات القلب النابض و المحرك القوي لكل النشاطات الداعمة للقضايا العربية، و المعززة للوحدة الوطنية، و روح التضامن بين المواطنين.  
و يشعر سكان «الفلوجة» اليوم بالفخر و الاعتزاز، بعد انتصارهم في معركة تحرير الملعب الصغير، من قبضة الباحثين عن مزيد من الجيوب العقارية، بالضواحي الشعبية البائسة، التي تعاني من نقص المرافق الحيوية، و فضاءات اللعب، و المساحات الخضراء، و قرروا تسمية الملعب الصغير «ملعب حديقة الفقراء»، و كلهم عزم و إرادة لحمايته، و صيانته، حتى يبقى مساحة جميلة خضراء، وسط الهياكل الخرسانية الضخمة، التي تكاد تحجب الهواء، و نور الشمس الذي أشرق أخيرا بالملعب الجميل، و شجع الطفل الصغير على التحرر من حياة البؤس و الشقاء و ممارسة حقه في اللعب و الاستمتاع بطقوس البراءة دون حواجز و قيود.   
   فريد.غ 

الرجوع إلى الأعلى