تمكّن طبيب شاب من ابتكار آلة غسيل ملابس ذات دفع آلي، تُمكن الطلبة الجامعيين من غسل ملابسهم، وذلك بمبلغ بسيط لا يتجاوز 100 دج. الفكرة راودت الشاب بعد أن عانى في  إيجاد وسيلة لغسل ملابسه كل نهاية أسبوع، ليقرر الاعتماد على نفسه وصنع آلة ستنهي معاناة بقية زملائه، خاصة بعد منحه ترخيصا لتسويق منتجه داخل 20 إقامة، ليشمل مؤسسات التعليم العالي في الولايات الأخرى ثم الفنادق والمرافق العمومية.

حاتم بن كحول

جسّد الشاب نحوي محمد الهادي مقولة «ما كان في الأمس حلما، أصبح اليوم حقيقة»، بعد أن تمكن من تحويل فكرة إلى مشروع ناجح يلقى الطلب، متمثلا في آلة لغسيل الملابس مزودة بنظام الدفع الآلي، وهو مشروع ينتشر بكثرة خارج الجزائر، إلا أن تجسيده وطنيا بقي حبيس عقول المبتكرين، إلى أن رفع محمد التحدي، ليقوم بتجسيده.
ويعمل المبتكر الشاب، كطبيب متربص في المستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة، إلا أن تخصص الطب لم يكن عائقا أمامه من أجل اقتحام عالم التكنولوجيا والتطبيقات والبرمجيات، ليضاعف من فرص مساعدته للمجتمع باختصاصه الذي درسه لسنوات، وهوايته التي حولّها إلى مشروع ناجح.
وأكد الطبيب أن الفكرة راودته أثناء مكوثه في الإقامة الجامعية، حين كان يجد صعوبة في غسل ملابسه، لعدم توفر آلة غسيل، حيث حاول زملاؤه اقتناء آلة غسيل مزودة بنظام دفع آلي، إلا أنهم وجدوا أن ثمنها مرتفع جدا لتفشل الخطة قبل بدايتها.
وفكّر المتحدث والبعض من زملائه في حل آخر، يتمثل في عرضهم على صاحب نادي الإقامة الجامعية، توفير هذه الآلة، وهو ما تم حسب المبتكر، إلا أن صاحب النادي اضطر لتخصيص شخص يتكفل بتسيير الآلة، وأمام أجرته المادية لم يتمكن من مواصلة النشاط خاصة وأن تكلفة توفير الجهاز أعلى من المداخيل وبالتالي اضطر لتوقيف النشاط.
يقول محمد الهادي إنه شعر وقتها بخيبة أمل، ما اضطره للتفكير في منفذ، ليقرر ابتكار نظام رقمي يزوّد آلة الغسيل، ويمكّن من الدفع الأوتوماتيكي دون أن يتطلب الأمر وجود شخص يشرف على تسييرها، ليشرع في تجسيد مشروعه رغم التزاماته مع مهنة الطب، وبالفعل قام بإنشاء نظام ذكي يمكّن من غسل الملابس من خلال الدفع الآلي.
تــزويد 20 إقامة قبل الدخول الجامعي
أخبرنا محمد أنه عمل لسنوات في مجال البرمجة وتحديدا بالمواقع الإلكترونية، ما جعله يجد سهولة نوعا ما في تجسيد الابتكار، وذكر أنه حاول التعريف بهذه الفكرة سنة 2018، إلا أنه في تلك الفترة لم تكن القوانين التي تنظم هذا المجال موجودة، إلا أنه مع التأطير والمتابعة من تكنوبول هضبة قسنطينة، أصبحت مهمته أسهل في التسويق لهذا الابتكار الذي كان في الأمس فكرة وتحول اليوم إلى حقيقة، مذكرا أن اسم مؤسسته الناشئة والتي يشرف على تسييرها هو «فاست ووتش».
وشرح محدثنا بأن الابتكار يتمثل في برمجة ذكية موصولة بين آلة يتم إلصاقها بماكينة الغسيل، وتمكّن من التسديد الآلي من خلال استغلالها لمدة 30 دقيقة، لتكلّف الزبون 100 دج، على أن تقوم الآلة بغسل ثم تجفيف الملابس في فترة لا تتجاوز 30 دقيقة، في حين لا تتطلب تواجد أي شخص يشرف على العملية.وأكد الطبيب الشاب، أنه بعد تجريب الابتكار، والذي أثبت فعاليته وجودته خاصة وأنه يتيح غسل الملابس ثم تجفيفها، قرر عرض المشروع على مدير الخدمات الجامعية، ليقوم هذا الأخير بإبرام اتفاقية معه تتيح له فرصة تسويق الآلة بكل الإقامات في المدينة الجامعية بعلي مندلي والتي بلغ عددها 20 إقامة.
وأوضح المتحدث أنه تلقى عرضا من أحد مسيري النوادي بالإقامات الجامعية، ما سيمكنه من إنشاء 10 آلات ستزود إقامات البنات العشر الواقعة في المدينة الجامعية، على أن يزود 10 إقامات متبقية خاصة بالذكور بالآلة قبل الدخول المقبل.

آفاق لتسويق الجهاز في الفنــادق
وأضاف الطبيب أن أول نسخة للابتكار قام بإنشائها بإمكانياته الخاصة، موضحا أنه تنقل إلى ورشة ألمنيوم في ولاية قسنطينة، وقام بصنع غطاء خارجي للبرنامج المبتكر، وزودته بدواليب تم إلصاقها بماكينة الغسيل، ليكون أول نموذج جاهز للاختبار وهو ما تم بالفعل في الأشهر القليلة الماضية.
وأكد المتحدث أن الاتفاقية المبرمة مع مديرية الخدمات الجامعية ستسمح له بوضع الآلة في مختلف الإقامات، مقابل مبلغ رمزي فقط، على أن يتحول الإتفاق إلى اقتناء للآلة وذلك بعد تجريبها لمدة سنة على الأقل، والتأكد من فعاليتها، وبالتالي قد يسوق المشروع في كل الإقامات بولاية قسنطينة، على أن يتحول للأحياء الجامعية الأخرى الواقعة في مختلف ولايات الوطن ومنها العاصمة.
وأضاف صاحب الابتكار، أنه تلقى اقتراحات من تجار باستعمال آلة الغسيل على مستوى محلات في العاصمة، موضحا أن هدفه توسيع تسويقها إلى مختلف المؤسسات العمومية والخاصة، وكذا الفنادق، خاصة وأن الفنادق في الدول المتطورة تعتمد على مثل هذه الآلات الذكية، بما أن الزبائن الذين يقيمون لفترة طويلة بها، سيكونون بحاجة لغسل ملابسهم، كما أوضح أنه يهدف أيضا لتسويقها في الفضاءات الكبرى المفتوحة والتي تعرف تواجد عدد من الأجانب، الذين يبحثون دون شك عن طريقة سهلة حسبه، تمكنهم من غسل ملابسهم بسرعة وبمبلغ ليس بالمرتفع.
نحو تطوير الابتكار ليتماشى مع الدفع الذكي
وأوضح محدثنا أنه تعمد توجيه ابتكاره للطلبة الجامعيين كخطوة أولى لحاجتهم الملحة لهذه الآلة، إضافة إلى إتقانهم العمل بطريقة التسديد الآلي من خلال تعاملهم مع الموزعات الآلية بكل يسر. ومن أجل تسويق ابتكاره والتعريف به أمام أكبر عدد من المواطنين، أوضح الشاب أنه سيقوم بتصوير مقطع فيديو يظهر استعمال الآلة من طرف طالب جامعي، حتى يتعرف الطلبة على الابتكار وكذا تسهيل مهمة استعمال الماكينة، ليتم نشره على مختلف الصفحات الرسمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالإقامات الجامعية، معتبرا مشروعه المجسد ابتكارا بسيطا وفعالا في نفس الوقت.
وعن مدى قدرته على إنتاج نسخ عديدة من الابتكار ومزالة نشاطه كطبيب متربص، أوضح محمد الهادي أنه يحاول الموازنة بين العملين، خاصة وأن هذا الابتكار يعتبر الأول من نوعه على المستوى الوطني، مؤكدا أن كل الآلات التي تعمل بنفس النظام يتم اقتناؤها من الخارج، وبالتالي فإن هذا المشروع يستحق أن يضحي من أجله.
وطرحت النصر استفسارا عن بعض الزبائن الذين يرغبون في غسل الملابس لكن دون حيازتهم لقطعة نقدية ذات فئة 100 دج، وبالتالي قد لا يفضّلون استعمال الجهاز، ليرد المتحدث أنه يحاول تطوير ابتكاره من يوم إلى آخر، وبأنه بالفعل فكر في هذا الإشكال، ما جعله أمام إمكانية مشاركة أحد مبتكري نظام الدفع الذكي، أي دعم برنامجه بآخر يمكّن من استقبال أي قيمة مالية ليرجع المبلغ المحدد إلى صاحبه إذا فاق 100 دج، كما قد تسمح الشراكة بإمكانية الدفع الالكتروني عن طريق البطاقات البريدية أو البنكية.
وعن طريقة استفادة المؤسسات العمومية أو الفنادق من هذه الآلة، رد الشاب بأنه يمكن اقتناؤها مباشرة وترك حرية التصرف في استغلالها، كما يمكن أن تستعمل مؤسسة ما الآلة وتوفرها لموظفيها وعمالها، في المقابل يقوم المعني بدفع المقابل المادي للمياه أو الكهرباء، فيما يتكفل هو شخصيا بعمليات الصيانة كاملة، وبالتالي يمكن لجميع الأطراف أن تستفيد.
ح.ب

الرجوع إلى الأعلى