تعرف أسعار السيارات المستعملة ارتفاعا كبيرا في الآونة الأخيرة، صاحبه ركود غير معتاد في السوق  أرجعه المتعاملون إلى ارتفاع أسعار المركبات الجديدة بسبب الإجراءت التي أقرتها الحكومة مؤخرا، في ظل وجود سوق غير منظمة تحتكم إلى الشائعات.
كانت الساعة تشير إلى السابعة ونصف صباحا، عندما دخلنا سوق السيارات المستعملة ببلدية حامة بوزيان بقسنطينة، حيث كان مكتظا عن آخره بالسيارات من مختلف الماركات والأحجام وبألواح ترقيمية، معظمها لولايات شرقية مجاورة، وما لفت انتباهنا عبر جميع أنحاء السوق، قلة السيارات الألمانية المعروفة بجودتها إن لم نقل انعدامها، بالإضافة إلى سيارة سامبول الجزائرية،  مقابل كثرة ماركات السيارات من نوع رونو «سامبول» ولوقان والعلامة الكورية «بيكانتو». وعلى الرغم من أن السوق كانت ممتلئة بالباعة وتعج بالحركة والمتجولين، إلا أن الواقع الحقيقي يدل على ركود وجمود في عمليتي البيع والشراء، حيث بدا الجميع بالمكان غير راض لما يحدث بالسوق، فلا البائع تعجبه الأسعار المعروضة ولا المشتري تجده مقتنعا بالأثمان التي يطلبها البائع، ما جعل غالبية العارضين الذين تحدثت إليهم النصر يتفقون على عبارة واحدة “لا يوجد بيع”، كما أن العديد منهم دخلوا وخرجوا دون أن يُقدم لهم أي عرض.  حال السوق دفعنا إلى التوغل فيه أكثر لمعرفة خباياه ، حيث قمنا بجس نبض أسعار السيارات، خاصة تلك المعروفة بكثرة الإقبال عليها لاسيما من الطبقة المتوسطة، حيث لاحظنا أن أغلبية الوافدين على السوق يتجهون صوب سيارات “رونو لوغان وسامبول» بالإضافة إلى ماركتي «أكسنت وبيكانتو» الكوريتين، كان الجميع يحوم حولها، وسألوا أصحابها عن ثمنها فيجيب البائع بمبلغ يقول بأنه عرض عليه، وما لفت انتباهنا هو الإرتفاع الرهيب في الأسعار التي تحدث عنها العارضون، حيث تراوحت ما بين 75 و 90 مليون سنتيم بالنسبة لسيارات “سامبول» من النوعية القديمة المصنوعة ما بين سنتي 2010 و2012 ، في حين تجد النوعية الجديدة تتراوح ما بين 100 و 118 مليونا، أما سيارات «بيكانتو» فقد وصل ثمنها إلى 130 مليونا في حين تراوح سعر هيونداي  «أكسنت» صنع 2015 ما بين 122 و 129 مليونا، وهي نفس أسعارها في وكالات بيع السيارات الجديدة. أما أسعار بعض العلامات الفرنسية على غرار «بيجو»   208 و 207، فقد سجلت ارتفاعا محسوسا هي الأخرى، حسب ما أفاد به البائعون ويقارب ثمنها الحالي في السوق، سعرها في وكالات البيع في السنة الفارطة بالنسبة للمسجلة في السنة الحالية، أما تلك المسجلة ما بين سنوات 2011 و2013 ، فقد عرفت أسعارها استقرارا نوعيا، لكن العارضين أكدوا بأنها مرتفعة نوعا ما. ويؤكد غالبية العارضين الذين تحدثت إليهم النصر، بأن السوق يعرف حالة من الركود منذ شهر ماي الفارط، كما أن الأسعار ارتفعت منذ ذلك الوقت ووصلت إلى مستويات رهيبة  في شهر رمضان، لتنخفض نسبيا خلال هذه الفترة، عما كانت عليه لكنها تبقى مرتفعة نوعا ما وهي مرشحة للمزيد من الارتفاع، في حال استمرار حالة الجمود التي تعرفها سوق السيارات الجديدة، حيث قال لنا بائع  كان يعرض سيارة من نوع «أكسنت» مسجلة في سنة 2014  أنه عرض عليه رقم 115 مليونا سنتيم لكنه لم يبع السيارة معلقا، “صحيح أن السوق يعج بالمواطنين لكن لا يوجد من يشتري كما أن السعر الذي عرض علي لا أراه مناسبا»، ولما سألناه عن المعايير التي تحدد الأسعار اكتفى بالقول أن «أسعار السيارات الجديدة ارتفعت بأكثر من 30 بالمئة هذا إن وجدت»، مضيفا بأن نظام العرض والطلب  فقط يحدد الأسعار ،  فيما أشار آخر  بأن السوق تتغذى كثيرا بالإشاعات وأن  «بورصة السيارات القديمة عشوائية و لا تحتكم إلى أي قانون، بل تحتكم إلى قانون العرض والطلب»، لكنه أوضح بأن تجميد استيراد السيارات بالإضافة إلى انخفاض قيمة الدينار مقابل العملة الصعبة زاد من لهيب الأسعار، في حين يؤكد لنا أحد العارفين بخبايا السوق بأن السماسرة استغلوا الوضع الحالي والركود الذي يعرفه نشاط استيراد السيارات، بسبب دفتر الشروط الجديد  وقاموا ببث الإشاعات التي قلبت حال السوق رأسا على عقب.  من جهة أخرى أعرب العديد من مرتادي للسوق عن استيائهم من الوضع الذي آل إليه أسعار السيارات المستعملة، حيث قال أحدهم بأنه لم يجد ضالته سواء لدى وكالات بيع السيارات الجديدة التي ارتفعت بها الأسعار بنسب عالية، ناهيك عن تأخر استلامها لفترات تزيد عن الستة أشهر، أو في سوق السيارات المستعملة، إذ يؤكد بأنه و منذ انتهاء شهر رمضان وهو  في رحلة بحث عن سيارة بثمن معقول، لكنه لم يجد ضالته، حيث أعرب عن ندمه لبيعه سيارته من نوع «شفرولي» قبل 4 أشهر بمبلغ 68 مليونا ليجدها الآن في حدود 80 مليونا، في حين يضيف زائر آخر بأن الأسعار مبالغ فيها إذ لا يعقل حسبه أن تكون سيارة مستعملة أغلى من سيارة جديدة على حد ذكره.
روبورتاج لقمان قوادري

الرجوع إلى الأعلى