مشاكــــل التهيئـــة و هاجـــس الإنزلاقـــات تحاصـــر حــي الحطابيـــة بقسنطينـــة
يشتكي سكان حي "الحطابية" الشعبي بمدينة قسنطينة، من نقائص كثيرة يقولون أنها أثرت على حياتهم اليومية، بحيث تشهد الطرقات و الممرات الداخلية تدهورا كبيرا و لا تزال مشكلة التسربات المائية و الإنزلاقات تشكّل هاجسا بالنسبة لهم، فيما ينتظر أن تنهي الترحيلات المبرمجة باتجاه شقق لائقة، معاناة العديد من العائلات.
حي الحطابية أو نهج جباسي و الذي أطلقت عليه هذه التسمية، لأنه كان قبل عدة سنوات الطريق الوحيدة التي تربط وسط مدينة قسنطينة بمنطقة "الجباس"، يضم حاليا ما يزيد عن ألفي نسمة يعيشون في منازل متلاصقة لا تكاد تتعدى مساحة 90 بالمائة منها، 50 مترا مربعا، ما يجعلها غير قادرة على تحمل العدد الكبير للسكان، حيث يعرف الحي على أنه أحد أكثر المناطق من حيث الكثافة السكانية التي تنحصر في مساحة محدودة جدا، تزايدت بها البنايات خلال سنوات السبعينيات و الثمانينيات.
و رغم أنه يعد الأقدم من بين الأحياء و لا يبعد عن وسط مدينة قسنطينة سوى بكيلومتر واحد، إلا أن الحطابية لم يحظ بالمشاريع التنموية بالشكل الكافي، حسب السكان، الذين يرون أنه لا يزال بعيدا عن اهتمام المسؤولين، بسبب السمعة "السيئة" التي يقولون أنها ارتبطت به خلال السنوات الماضية، لكن ذلك لم يفقدهم، كما يضيفون، السعي لتحسين الأوضاع المعيشية، و ميلاد جيل جديد من الإطارات الشباب.
وقد وقفنا في جولة استطلاعية للحي، على جملة من المشاكل التي لا تزال العائلات تعاني منها، حيث تظل الكثير من المشاريع وعودا لم تتجسد على أرض الواقع، ما دفع بالسكان إلى البحث عن حلول أخرى، من خلال تنظيم حملات نظافة من حين لآخر، أو تعبيد بعض الممرات الداخلية في إطار عمليات تضامنية.
دخلنا "الحطابية" من جهة مسجد الرحمانية، و هو عبارة عن غرفة صغيرة تتوسط الحي كانت في السابق زاوية، أما المنازل فهي متلاصقة ببعضها البعض بالجهتين اليمنى و اليسرى، حيث بُنيت في خطين منحنيين إلى غاية الوصول إلى الجهة العلوية من حي المالحة، و أكد لنا عدد كبير من السكان أن أغلب هذه المنازل شُيدت بطريقة فوضوية منذ سنوات طويلة، قبل أن تقوم البلدية بتسوية وضعيات بعضها، كما قام البعض الآخر بوضع ملفات لطلب تسوية البنايات الصيف الماضي، في حين تبقى منازل أخرى خارج التسوية لكونها مصنفة ضمن الخانة الحمراء للمساكن الهشة و التي يحوز قاطنوها على قرارات استفادة مسبقة من السكن الاجتماعي.
كما يعد مشكل انزلاق التربة من بين أكثر المشاكل التي تمثل هاجسا بالنسبة للعائلات، كونه أضر بعشرات المنازل التي ظهرت بها تشققات خطيرة، يمكن أن تتسبب في الكثير من الحوادث مستقبلا، و قد أكد لنا أحد سكان الحي أن دراسة للأرضية أعدّت منذ سنوات، كشفت أن حي الحطابية يقع فوق صخرة كبيرة لحقها تصدع كبير، وهو ما يفسر، حسبه، تصنيف الجزء السفلي من الحي ضمن المنطقة الحمراء.
سكان يصلحون التسربات و يعبّدون الطرقات بأنفسهم
زيادة على ذلك، تُعرف ممرات حي الحطابية بضيقها و انحدارها الشديدين، ما يزيد من صعوبة التنقل عبرها خصوصا بالنسبة لأصحاب الشاحنات، إلى جانب أن أغلب المنازل بها عالية و تحجب أشعة الشمس طيلة النهار، كما يظهر عند رؤية الطريق الرئيسي للحي، أنه عُبّد منذ مدة ليست طويلة، إلا أن كثرة التسربات في شبكتي المياه الصالحة للشرب و الصرف الصحي، أضرتا به كثيرا، و هو ما أكده رئيس جمعية الحي، الذي قال أنه و رغم المراسلات العديدة الموجهة للسلطات المحلية، بضرورة إعادة النظر في الشبكتين، إلا أنه لم يتلق أي رد، مضيفا أنه حتى في حالة التسربات المفاجئة، يقوم السكان بالتكفل بذلك بمفردهم، لأن تدخل الفرق التقنية المختصة يستغرق وقتا طويلا.
و مع توغلنا أكثر بالحي، قادنا مواطن نحو ممر قال لنا أن السكان قاموا بعملية تضامنية بينهم لإصلاحه، بعد أن جمعوا حوالي 25 مليون سنتيم اشتروا بها مواد بناء و كمية من الحديد، حيث عبّدوا الطريق بواسطة الاسمنت المسلح، حتى يكون صالحا لمرور المركبات، ليستغل بذلك كمنفذ ثان للحي باتجاه حي الإخوة بوخنفوف، مضيفا أن العملية تكررت أيضا بين بعض السكان، الذين تمكنوا من إصلاح جزء من الطريق بإمكانياتهم الخاصة، معتبرا أن هذه الظاهرة "الصحية" أصبحت سلاحهم الوحيد في وجه المشاكل التي يعاني منها الحي، الذي يفتقر، حسب محدثنا، للكثير من المشاريع.
أما بخصوص النظافة، فلا يتوفر حي الحطابية سوى على عدد ضئيل من نقاط جمع القمامة، كما أن أغلبها بعيد عن السكان، حيث يضطرون للتنقل مسافات طويلة من أجل الوصول إلى أقرب نقطة، زيادة على عدم تخصيص عدد كاف من الحاويات، و قد وقفنا على تجمع كميات كبيرة من الأوساخ عشية عيد الأضحى بالقرب من نقطة لجمع القمامة خلف مكتب البريد، حيث أكد لنا أحد السكان أن رفع القاذورات لا يتم سوى مرة في اليوم، و هو ما أدى لتراكم القمامة بشكل شبه يومي تقريبا.
كما وقفنا خلال زيارتنا على حجم الأضرار التي لحقت كوخا قصديريا أتت النيران على كل محتوياته مؤخرا، حيث لم يتمكن عناصر الحماية المدينة من إيقاف الحريق، و كان التدخل صعبا للغاية، بسبب بُعد الكوخ عن مكان توقف شاحنة الإطفاء، التي منع ضيق الممرات من  بلوغها مكان الحريق.
 عبد الله بودبابة

الرجوع إلى الأعلى