أصيب نهاية الأسبوع الماضي، ثمانية كشافين من فوج الإرشاد بقسنطينة في حرائق الغابات التي مست الحديقة المائية برابطية بالقالة، حيث حاصرتهم النيران عندما كانوا في رحلة كشفية، في حين يمكث أربعة منهم في المستشفى الجامعي ابن باديس ومستشفى البير، بعد أن ساهموا في إنقاذ أرواح 68 طفلا من الفوج من الكارثة رفقة زملائهم من المؤطرين.
ولم يكن قادة  فوج الكشافة «الإرشاد» بقسنطينة يتوقعون أن يقعوا فريسة للنيران الهائلة التي شبت في الحديقة المائية «برابطية» في منطقة القالة بالطارف يوم الأربعاء الماضي، حيث غادروا مخيمهم الكشفي بمدينة عنابة على مستوى المدرسة الابتدائية الخوارزمي بشارع رشيد فلاح، الذي كانوا يقضون فيه رحلة كشفية من يوم 14 إلى 20 أوت، نحو الحديقة المائية «برابطية» في حافلة تضم 85 كشافا من بينهم 68 طفلا، بحسب ما أكده لنا نائب قائد الفوج تيجاني شويخ.
وأضاف محدثنا أنهم وصلوا إلى المكان حوالي التاسعة والنصف صباحا، ولاحظوا في الفترة الصباحية أدخنة النيران من مسافة بعيدة، لكنهم تفاجأوا بعد قضاء حوالي نصف يوم، بألسنة اللهب تمتد إليهم في غضون دقائق معدودات، فضلا عن الأدخنة السوداء الكثيفة التي أحاطت بهم حتى صاروا لا يستطيعون رؤية بعضهم البعض.
وقد هرع القادة والمؤطرون إلى عملية إجلاء الكشافين الأطفال من الغابة «بكل الطرق الممكنة»، مثلما عبر محدثنا، حيث نبه أن عملية الإجلاء استمرت إلى غاية الواحدة والنصف ليلا، وتلقوا خلالها المساعدة من رجال الحماية المدنية والدرك الوطني والجمعيات وأعضاء الكشافة الآخرين وسكان المنطقة الذين فتحوا أبواب مساكنهم للكشافين الفارين بجلودهم من النيران الضخمة، فضلا عن المواطنين المتطوعين الذين وفروا لهم كافة المستلزمات. وأشار محدثنا إلى عدم إصابة أي من الأطفال الذين كانوا في الرحلة، بينما تعرض 8 قادة مؤطرين لحروق متباينة نقلوا على إثرها إلى مستشفى القالة والطارف، قبل أن يحولوا إلى مستشفى عنابة.
وقال نائب قائد الفوج إن المؤطرين قد أصيبوا خلال جهودهم في إنقاذ الكشافين الصغار، حيث أكد أن أربعة منهم يواصلون العلاج في بيوتهم حاليا، بينما يمكث أربعة آخرون في المستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة ومستشفى البير بعد تحويلهم من عنابة، من بينهم قائدة كشفية في الفوج في حالة حرجة جراء الحروق المختلفة التي تعرضت لها وقائدة أخرى.
وذكر لنا قادة آخرون من فوج الإرشاد أن عملية الإجلاء قد تمت بمساعدة المواطنين والمتواجدين من الحماية المدنية والدرك الوطني والجمعيات بالسيارات، حيث كانوا يحملون معهم الكشافين والأطفال إلى أن أخرجوهم جميعا من دائرة النار، في حين نبهوا أن دخان النار بدأ في الظهور لهم حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف لكنه كان يبدو بعيدا.
ولم تقترب الأدخنة من مكان تواجد الكشافين إلى غاية الساعة الثانية والنصف بعد الزوال، حيث أكد محدثونا أن الأمر حدث بغتة ودون أن تسبقه إشارات، باستثناء هبوب رياح ساخنة مفاجئة، في حين أشاروا إلى أن قائد الفوج رياض بوعرعور قد أصيب وهو يمكث في المستشفى حاليا، كما أكدوا أنهم لم يغادروا الحديقة إلى مخيمهم بعنابة إلى غاية الواحدة والنصف ليلا، فقد استغرقوا وقتا في العثور على ثلاثة كشافين أخيرين في نقطة تجمعهم. وذكرت نفس المصادر أن قادة الفوج الجرحى قد حولوا إلى ولاية قسنطينة يوم الخميس الماضي، بينما ظل مؤطرون آخرون في المخيم بعنابة من أجل جمع الأغراض والوسائل الخاصة بهم.
و شدد محدثونا من المنتمين إلى الفوج على أن القادة قد بذلوا تضحية كبيرة في إنقاذ أرواح الأطفال الذين كانوا معهم، في حين نبهوا إلى ضرورة توفير مرافقة نفسية للأطفال على مستوى ولاية قسنطينة «بسبب الصدمة التي يعانون منها حاليا بعد الرحلة الكشفية الترفيهية التي تحولت إلى كابوس حقيقي»، مثلما قالوا.
سامي.ح

الرجوع إلى الأعلى