طرقـــــات و شـــوارع مدينــــــــة قالمــــــة تختنــــق
تتعرض طرقات و شوارع مدينة قالمة لأزمة سير خانقة منذ بداية الدخول الاجتماعي، و عودة التلاميذ إلى مقاعد الدراسة، و لم تعد المدينة التاريخية العريقة قادرة على تحمل الضغط الكبير، و تحولت طرقاتها، و شوارعها إلى محشر مفتوح تتكدس فيه السيارات، و الشاحنات، و الحافلات ساعات طويلة دون حراك، في واحدة من أسوأ أزمات السير التي تعرفها المدينة حتى الآن.   
و لم تتمكن مخططات تنظيم المرور من إيجاد حل لحركة السيارات داخل المدينة بالرغم من الجهود التي بذلت حتى الآن و كلفت المدينة أموالا معتبرة، حيث بقيت المداخل الرئيسية مزدحمة و الشوارع مكتظة بالسيارات و الراجلين في مشهد فوضوي مقرف و مثير للقلق.   و قد عقد نظام الأضواء من حركة السير بعدة نقاط سوداء و لم يحل المشكلة كما يحدث بمفترق طرق السوناكوم و شارع أول نوفمبر و شارع سويداني بوجمعة أين تختلط حركة السير في الكثير من المرات و تسود الفوضى و العراك بسبب أضواء المرور التي تنتقل من الأحمر إلى الأخضر حسب ميقات محدد لكنها لم تتمكن من فك الخناق المروري و التخفيف من تكدس المركبات على مسافة طويلة.  و قد يشتعل أمامك الضوء الأخضر لكنك لا تستطيع التحرك لأن الطريق أمامك مغلق بسيارات عالقة لم تتمكن هي الأخرى من السير بعد أن نفد أمامها ميقات الضوء الأخضر و دخلت المجال الأحمر.  و يحاول المشرفون على تنظيم حركة السير بالمدينة إدخال تعديلات على نظام الإشارات الضوئية بين الحين و الآخر في محاولة لتخفيف الضغط بالنقاط السوداء لكن الوضع بقي على حاله و هو يسير نحو مزيد من التدهور و التعقيد بعد تمدد المدينة باتجاه الضواحي الجديدة.  
و كل شوارع مدينة قالمة تقريبا ضيقة بمسار واحد و تشبه الشبكة المعقدة بالضواحي الشعبية و من الصعب المرور فيها للوصول إلى وسط المدينة و الأقطاب السكنية الجديدة الواقعة جنوبا.   و يرى المتتبعون لتطور مدينة قالمة بأنها ضحية سوء تخطيط يعود إلى سنوات السبعينيات تقريبا حيث عجزت السلطات المتعاقبة عليها عن بناء شوارع مزدوجة و محولات متطورة و حتى أنفاق صغيرة لاستيعاب حركة السير في المستقبل.   و تبدأ أزمة السير من المدخل الشمالي على طريق قسنطينة أين توجد نقطة مراقبة للشرطة تحاول تنظيم حركة السير لكنها عجزت عن مواجهة التدفق المروري الهائل على الطريق الوطني 20 العابر للمدينة و الطرقات الأخرى المؤدية إلى الضواحي الغربية الكبيرة.   و تتشكل طوابير طويلة من المركبات بهذا المدخل و يبقى المسافرون عالقون هناك في انتظار تحرك بطيء للطابور باتجاه الجسر الجديد و محطة المسافرين و مدخل باب عنابة أين تتعقد الأوضاع أكثر و تعلو لغة العراك بين السائقين و الراجلين الذين يحاولون عبور شارع مزدوج لدخول المحطة البرية أو الخروج منها حيث تنعدم ممرات علوية تحمي الراجلين و تفتح الطريق أمام طابور المركبات الطويل.     و لا يختلف الوضع بنقاط أخرى قرب مقبرة الشهداء و ضاحية الحاج أمبارك و شارع التطوع و مفترق طرق المدينة الجديدة الأمير عبد القادر و مركب الخزف و صولا إلى شارع سويداني بوجمعة و شارع أول نوفمبر و باب السوق.  و لم تتمكن المجالس الشعبية البلدية و الولائية و الولاة المتعاقبين على المدينة من بناء شوارع مزدوجة و إخراج الطرقات الوطنية الكبرى من وسط المدينة و بناء محولات متطورة و أحزمة من الطرقات تحيط بالمدينة و تنقلك إلى أقطاب المستقبل التي ولدت على الخرائط قبل عقود و أصبحت اليوم حقيقة على أرض الواقع لكنها بلا طرقات.  
و يضطر المتوجهون إلى القطب الجنوبي الكبير لعبور تجمعات سكنية فوضوية و شوارع ضيقة متداخلة بحي وادي المعيز، و يتيه الكثير من الناس هناك قبل الوصول إلى الضاحية العمرانية الجديدة.   
و لم تعد هناك آمال في تغيير الوضع بالمدينة القديمة و يعول السكان على مشاريع كبرى لفتح مداخل و طرقات جديدة عبر بلدية بن جراح و سهل الأرض الكحلة و بلدية بلخير، و على امتداد نهر سيبوس باتجاه بلخير و بومهرة أحمد.   
و يشكوا سكان مدينة قالمة وزوارها من زحمة السير و الإجراءات الردعية الصارمة و ضيق الشوارع و كثرة الاتجاهات الممنوعة و تراجع فضاءات التوقف قرب الإدارات و مراكز الخدمات الكبرى.   و بالرغم من الانتشار المكثف لشرطة المرور على مدار ساعات النهار و الإجراءات الردعية المطبقة على زوار المدينة و سكانها فإن مخطط السير و تنظيم المرور مازال في حاجة إلى مزيد من الجهد و حتى إعادة النظر لتخفيف الضغط الذي تعاني منه مدينة تاريخية عريقة تجاوزها الزمن و لم تعد قادرة على مواكبة التحولات الاجتماعية و الاقتصادية المتسارعة.                           فريد.غ   

الرجوع إلى الأعلى