يحتفي الجزائريون و المسلمون في بقاع العالم هذا الجمعة أو السبت بعيد الفطر المبارك الذي سنه المصطفى صلى الله عليه وسلم متوخين تحقيق مقاصد وحكم دينية ودنيوية وأبعاد اجتماعية وحضارية؛ فقد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنه قال: (كان لأهل المدينة في الجاهلية يومان من كل سنة يلعبون فيهما، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم: قال: كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله بهما خيرا منهما: يوم الفطر، ويوم النحر) وقد شرعت بعض الآداب والسنن لتحقيق المقاصد والحكم المتوخاة من هذا
العيد، وجعله شعيرة تعبدية ومظهرا اجتماعيا يمتد أثره المبارك ليشمل كل المسلمين.
فمن مقاصد هذا العيد تميز المسلمين عن باقي الأمم وأتباع سائر الأديان، من خلال الاحتفال بعيد خاص بهم يتفردون به ويظهرون ويطلقون فيه العنان لأنفسهم بالفرحة والبهجة والسرور، حامدين الله تعالى ومكبرين ومتواصلين فيما بينهم، وهو ما يزيد المسلمين قوة وتماسكا ومودة، ويعطيهم جرعات أمل جديدة في غد أفضل يمكن لهم الله تعالى في الأرض ويمكن لهم دينهم، ويخيب ظن من راهنوا على إذكاء الفتن بين المسلمين وتحويل أيامهم إلى حزن وكآبة وفتن، وهو مقصد أساس من مقاصد هذا العيد، حتى يتيقن غيرهم باستحالة فك رابطة الدين بين المسلمين مهما حاولوا،  ولئن ضعفت في مرحلة تاريخية ما فإنها سرعان ما تستعيد قوتها ووهجها.
وعلى المستوى النفسي فإن المسلم يفرح لأنه أدى فريضة الصيام وفيها من الأجر العظيم الذي ينتظره؛ كمن يتوج بعد عمل جاد ومتقن؛ فقد جاء في الحديث: (قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده! لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه)، وما أعظمها فرحة أن تلقى ربك وهو عنك راض، وهذا لا يعطى إلا لمن أتقن صيامه فصام إيمانا واحتسابا، ولم يعكر صفوه بانتهاك حرمته أو مفر عن ذلك، ولذلك فما يظهره المسلم من فرحة يوم العيد نابع من فرحته من حسن ظنه بالله تعالى.
إن فرحة العيد والابتهاج به مشروع وهو تعبير عن شكر نعمة الحياة والانشراح بها؛ لأن من حق المسلم التمتع بالطيبات في هذه الحياة بخلاف من يحاول أن يقدم حياة المسلم بصورة نمطية خاطئة تجعل متنها حياة الكآبة والحزن والبكاء الدائم، فالإسلام يدعو للفرح والابتهاج؛ بل يدعو لإشراك النساء والأطفال علانية في مثل هكذا فرحة من خلال إخراجهم إلى فضاءات المصليات التي تكون في الفلاة والتوسيع عليهم في هذا اليوم.
ع/خ

الرجوع إلى الأعلى