ترتفع نسبة  حوادث المرور في الجزائر، خلال شهر رمضان، كما تكثر المخالفات المرورية التي تسجل قبل موعد الإفطار، ويرجع مختصون السبب إلى  التوتر الذي يصيب السائقين للوصول إلى منازلهم قبيل أذان المغرب، بالإضافة إلى السرعة المفرطة و قلة النوم والإجهاد البدني والذهني بفعل الصيام داعين، إلى التأني في السياقة حتى لو كلف ذلك التأخر لبعض الوقت عن موعد الإفطار، تفاديا لتعريض حياتهم وحياة مستخدمي الطريق للخطر.

لينة دلول

صور مروعة تسبق موعد الإفطار بقليل
تنشر  كل مصالح شرطة المرور و الحماية المدنية خلال شهر رمضان،  صورا يومية لحوادث طرقات وضحايا، تقع على مختلف المحاور المرورية، بالإضافة إلى تسجيل  أضرار وخسائر كبيرة، كما يتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لحوادث تقع بالعموم خلال الساعات الأولى من الصباح أو قبل موعد الإفطار بدقائق
وقد صرح  خلال الأيام القليلة الماضية، العميد الأول للشرطة، أحمد نايت الحسين، المكلف بتسيير المندوبية الوطنية للأمن عبر الطرقات    أن المعدل اليومي  للقتلى خلال شهر رمضان بسبب حوادث المرور  قدر بـسبعة أشخاص وذلك بفعل عوامل متعددة، أهمها تفاقم العنف المروري عبر الطرقات،  وتغير نمط تنقل المواطنين و التعب و التهور والإفراط في السرعة أثناء قيادة السيارات والمركبات.
 وقال نايت الحسين، إن جهودا إضافيا تبذل سنويا خلال شهر رمضان من أجل قمع مثل هذه الممارسات التي تفاقم مآسي العائلات الجزائرية خاصة ما تعلق منها  بالتكفل بالجرحى والمصابين بإعاقات وانعكاسات ذلك على الخزينة العمومية.
التحسيس المتواصل كسبيل للتقليل من الحوادث
وحسب مسؤول خلية الإعلام والاتصال بمديرية الحماية المدنية بقسنطينة، الملازم فاتح شبيرة، فإن مصالح الحماية المدنية قامت يوم 18 مارس،  بحملة تحسيسية للوقاية من حوادث المرور بمشاركة الحماية المدنية وبالتنسيق مع مصالح الدرك الوطني وبمشاركة الشرطة، وذلك على مستوى بلديتي حامة بوزيان وأولاد رحمون.
حيث تم خلالهما توزيع مطويات تحتوي على  تدابير أمنية للوقاية من حوادث المرور، مع تقديم الإرشادات اللازمة للسائقين حول ضرورة احترام قانون المرور وعدم استعمال السرعة المفرطة والتجاوز الخطير.
وأكد المتحدث، أن نسبة حوادث المرور في شهر رمضان تزداد خلال الساعات القليلة قبل أذان الإفطار، حيث يتعمد أصحاب المركبات السياقة بأعلى سرعة بغية عدم تفويت فرصة الإفطار مع العائلة، وهو ما يؤدي إلى عواقب وخيمة.

وأكد الملازم، أن من بين أسباب ارتفاع حوادث المرور في الشهر الفضيل السهو و السياقة في حالة تعب، إلى جانب القيام بالتجاوزات الخطيرة و السياقة بسرعة مفرطة بعد الإفطار مباشرة، مشيرا إلى أن أغلب  حوادث المرور تحدث في أوقات الذروة، قبل الإفطار بنصف ساعة وبعد الإفطار بنصف ساعة.
وذكر المتحدث، أن حوادث المرور تعرف وتيرة متصاعدة منذ بداية شهر رمضان الحالي، داعيا في ذات السياق إلى ضرورة رفع درجة الوعي والجاهزية لدى المواطنين والسائقين، خاصة مع تغير الروتين اليومي لديهم في هذا الشهر.
وعلى السائق الذي  يشعر بتعب في نهار رمضان ينوه شبيرة، أن يركن  سيارته  في مكان أمن ويأخذ قسطا من الراحة، وإن كان الشخص مرهقا فمن المستحسن أن  يستخدم المواصلات، مشددا في ذات السياق على ضرورة تجنب القيادة لمسافات طويلة، وعدم السياقة بسرعة والقيام بالتجاوزات الخطيرة لأجل الوصول في موعد الإفطار، مع الحرص على النوم جيدا في الليل والابتعاد عن السهرات المرهقة.

* أمحمد كواش خبير وباحث دولي في  السلامة المرورية
 اضطراب نمط النوم في رمضان يضعف تركيز السائقين
أكد الخبير في السلامة المرورية، الدكتور أمحمد كواش، أن  حوادث المرور ترتفع بشكل كبير جدا في شهر رمضان، خاصة خلال الفترة الصباحية بسبب السهر ليلا، لذلك تجد السائق مرهقا بفعل قلة ساعات النوم،  وكذا  قبيل الإفطار بدقائق بسبب السرعة المفرطة والتجاوزات الخطيرة التي يقوم بها.
وأشار المتحدث، إلى أن رمضان يسجل ذروة حوادث المرور، وتوقع ارتفاعا في معدل الحوادث خلال الأيام القادمة، مع بداية التقلبات الجوية، بالإضافة إلى عاملي الصيام وكذا العطلة المدرسية.
وأرجع كواش،  سبب وقوع حوادث الطرقات بشكل كبير في هذا الشهر جوانب اقتصادية واجتماعية ونفسية، وذلك لأن رمضان هو شهر الانتعاش التجاري، إذ يشهد حركية مكثفة وزيادة في الاستهلاك، ما يؤدي إلى تضاعف حركة نقل البضائع و غالبا ما يعاني السائقون في المجال من التعب بسبب المسافات الطويلة وضغط العمل، وهو ما يضعف قدرتهم على التحكم في المركبة، فيترتب عن ذلك حوادث مأساوية وخيمة، تتعلق عموما بشاحنات نقل السلع، وتأتي حوادث الحافلات في مرتبة ثانية و السبب يتعلق عادة بالإرهاق الجسدي الناجم عن قلة النوم.
وأَشار الخبير، إلى دور  الجانب الاجتماعي في مضاعفة  حوادث المرور خلال الشهر الفضيل، وذلك بسبب الزيارات المتبادلة لغرض الإفطار والتنقلات المكثفة بين البلديات والولايات لأجل زيارة الأهل.
ولا يجب بحسبه، إغفال الجانب النفسي، لأن الصيام  ليس بالشيء الهين  على السائق الذي تتغير ساعته البيولوجية والغذائية، فتتأثر تباعا لنفسيته فيشعر بالإرهاق، الذي يزيد من احتمالية نومه على مقود السيارة              ويتسبب في  حادث مرور يودي بحياته وحياة الأبرياء.
وأوضح المتحدث، أن قلة النوم ترفع نسبة الكحول في الدم بمعنى يصبح السائق في حالة السكر لأن عدم النوم لأكثر من 17 ساعة يجعل تركيز الكحول0،5 غ في اللتر، أما عدم النوم لأكثر من 24 ساعة فيرفع النسبة إلى 1 غ في اللتر، علما أن الرقم المسموح به هو 0،2 غ في اللتر، بالإضافة إلى التعب  و الإرهاق لأن الصيام يمكن أن يخفض نسبة السكر في الدم، و هذا يؤدي  حسبه،  إلى شعور السائق بالقلق وهو ما نلاحظه في  الساعات الأخيرة من الصيام، مع انخفاض نسبة السكر في الدم ما يجعل السائق متوترا و قلقا وغير مركز في القيادة، و يسبب حوادث المرور خصوصا في الفترة المسائية التي ترتبط كثيرا بالاختناق المروري.
نسب مرتفعة في مناطق الوسط والجنوب
وأضاف المتحدث، أن ذروة حوادث المرور، تسجل قبل الإفطار بنصف ساعة و ساعة بعد الإفطار مباشرة، نظرا للتجاوزات الخطيرة والسرعة المفرطة التي يقوم بها السائقون خلال هذه الفترة، مشيرا إلى أن حوادث المرور مرتبطة أيضا بالدراجات بمختلف أنواعها، كالدراجات العادية الهوائية ودرجات خدمات التوصيل.  
 وأشار  الخبير، إلى أن ولايات الوسط والجنوب، تعد مناطق تمركز حوادث المرور خلال الشهر الفضيل، وذلك بسبب طبيعة الطرقات والنشاط التجاري  في هذه المناطق، عكس  المناطق الغربية التي تقل فيها الحوادث بسبب الطبيعة الجيولوجية للطرقات.
 ودعا كواش، إلى الحيطة والحذر، ليمر شهر رمضان بردا وسلاما ولأن لا يصبح  ذكرى حزينة لبعض العائلات، ويقترح في هذا الصدد تكثيف الحملات التحسيسية وتكييف المخططات المرورية مع طبيعة النشاط الاقتصادي والاجتماعي في شهر رمضان مع التركيز على ساعات وأماكن الذروة.
 وتوقع المختص، أن ترتفع حوادث المرور خلال العشرة أيام الأخيرة من شهر رمضان المرتبطة بالنشاط الاقتصادي و الاجتماعي والمتعلق بالتحضير لأيام العيد، أين يستنزف المواطنون كل قدراتهم الجسدية، بالإضافة إلى التنقل و السفر للولايات البعيدة لأجل قضاء العيد مع العائلة و الأهل.

الرجوع إلى الأعلى