الخميس 29 ماي 2025 الموافق لـ 1 ذو الحجة 1446
Accueil Top Pub

خبراء يعتبرون الانتقال معقدا ويشدّدون على أهمية الاستعداد التقني والقانوني: السيــــارات الكهربائيــــة.. البديــل الأكثــر صداقــة للبيئــة

تبرز السيارات الكهربائية كأحد الحلول الناجعة في طريق التحوّل العالمي نحو مستقبل أكثر استدامة، يعد بعالم نظيف وخال من الانبعاثات الكربونية، ويراهن البعض على أنها البديل الأكثر صداقة للبيئة، خصوصا في ظل تسارع عجلة الابتكار لاعتمادها بشكل أكثر، مع ذلك تطرح تحديات بيئية، وتقنية، واقتصادية أمام هذا المسعى، ويعتبر خبراء أن الانتقال سيكون معقدا، خصوصا وأن هناك أسئلة مهمة لا تزال تطرح بخصوص مدى الاستدامة الفعلية لهذه المركبات.

إعداد :إيمان زياري

يشهد العالم تحوّلا جذريا نحو ما يصطلح عليه بالتنقل الكهربائي، الذي يشكل خطوة كبيرة ومهمة نحو تحقيق هدف استدامة البيئة، وتقليل الانبعاثات الكربونية التي يفرزها خط النقل التقليدي.
وتأتي السيارات الكهربائية، والحافلات، والدراجات الكهربائية كحل مثالي وأكثر انتشارا، مدعوما بتطورات تكنولوجية مستمرة، تعمل على توفير حلول مبتكرة لكل تلك العراقيل والصعوبات التي تواجه هذا الحلم الأخضر، كما يبرز ذلك التغيير الشامل في النظرة العالمية نحو الحفاظ على البيئة وبناء مستقبل أكثر استدامة.
وتزيد الحاجة إلى هذا البديل في ظل ثورة السيارات الكهربائية التي تعرف زخماً متزايداً على مستوى العالم، وتزايد المخاوف بشأن تلوث الهواء، وانبعاث الكربون، والتكاليف العالية للوقود التقليدي، حيث تعتبر السيارات الكهربائية حلا للعديد من تحديات النقل في العالم، مشكلة لاعبا رئيسيا في معادلة مكافحة تغير المناخ.
مع ذلك، يواجه هذا التحول العديد من التحديات البيئية واللوجيستية بداية بمصادر الطاقة، والمواد الخام المستخدمة في البطاريات، ووصولا إلى إعادة التدوير بعد انقضاء العمر الافتراضي للبطارية.
استمرار في نمو المبيعات العالمية
يكشف تقرير لوكالة الطاقة الدولية صادر منتصف ماي الجاري، أنه وعلى الرغم من حالة عدم اليقين الكبيرة حول مستقبل السيارات الكهربائية في العالم، إلا أنه تم تسجيل عام آخر من النمو القوي، وصارت حصة سوق السيارات الكهربائية على مشارف تجاوز 40 بالمائة بحلول عام 2030، مع تزايد أسعارها في السوق العالمية.
ويظهر التقرير، أنه من المقرر أن تتجاوز مبيعات السيارات الكهربائية العالمية 20 مليون سيارة في هذا العام 2025، وهو ما يمثل أكثر من ربع السيارات المباعة في جميع أنحاء العالم وفقا للنسخة الجديدة من تقرير التوقعات العالمي للسيارات الكهربائية السنوي، الصادر عن وكالة الطاقة الدولية.
ويظهر ذات المصدر، أنه وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية الأخيرة التي ضغطت على قطاع السيارات، فقد واصلت مبيعات السيارات الكهربائية العالمية تحطيم الأرقام القياسية مع تزايد أسعار الطرازات الكهربائية، بحيث تجاوزت المبيعات 17 مليون سيارة عالميا في عام 2024، مما يرفع حصة هذه المركبات في سوق السيارات إلى أكثر من 20 بالمائة لأول مرة، وفقا لتوقعات الوكالة التي قالت إن مبيعات السيارات الكهربائية قد ارتفعت خلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2025 بنسبة 35 بالمائة على أساس سنوي.
وقد شهدت جميع الأسواق الرئيسية والعديد من الأسواق الأخرى، أرقاما قياسية جديدة لمبيعات الربع الأول من العام.
ورغم الشكوك الكبيرة التي ما تزال تحيط بملف السيارات الكهربائية، إلا أن الطلب على هذه المركبات يشهد نموا قويا عالميا، ما يعكسه حجم المبيعات التي تسجل أرقاما قياسية جديدة، بما يؤثر بشكل كبير على صناعة السيارات العالمية.
وقال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول :» نتوقع هذا العام أن تباع سيارة كهربائية واحدة من بين كل أربع سيارات مباعة عالميا مع تسارع النمو في العديد من الاقتصاديات الناشئة، وبحلول نهاية العقد من المتوقع أن تتجاوز هذه النسبة سيارتين من أصل كل 5 سيارات».
أما بالنسبة للأسعار، فيشير تقرير الوكالة إلى انخفاض متوسط سعر السيارة الكهربائية التي تعمل بالبطارية في عام 2024، وذلك في ظل تزايد المنافسة وانخفاض التكاليف.

* الباحثة في مركز تنمية الطاقات المتجدّدة سعيدة مخلوفي
الجزائر سوق واعدة
تؤكد الباحثة في مركز تنمية الطاقات المتجددة، الدكتورة سعيدة مخلوفي، بأن سوق السيارات الكهربائية تشهد زخما كبيرا في خضم حاجة ملحة للانتقال نحو بديل آمن بيئيا، لكن الطريق سيكون طويلا نحو اعتماد واسع النطاق لهذه السيارات في الجزائر، لأنه لا يزال مليئا بالتحديات، بدءا من الفجوات في البنية التحتية إلى تردد المواطن والمستثمرين.
مشيرة، إلى العديد من العقبات التي ترى بأنه من الواجب التغلب عليها قبل أن تنتشر السيارات الكهربائية على الطرق الجزائرية.
ضعف البنية التحتية للشحن أول عائق
ويُعد ضعف البنية التحتية للشحن في نظر الباحثة، أحد أبرز التحديات أمام اعتماد السيارات الكهربائية في الجزائر، وتكشف أنه وإلى غاية الآن تم تركيب 1000 نقطة شحن موزعة على كامل التراب الوطنى، وإدراكاً لهذا التحدي، تقول إنه يتعين على الشركات المصنعة والموردين التعاون مع الجهة المعنية لضمان توفير الشواحن على نطاق واسع، مع التركيز على المواقع الاستراتيجية مثل الطرق السريعة، والمراكز الحضرية، والمجمعات السكنية، للقضاء على هاجس انحصار المدى وتشجيع اعتماد السيارات الكهربائية.
التكلفة الأولية مرتفعة
وتعتبر الدكتورة مخلوفي، التكلفة الأولية المرتفعة لاستيراد السيارات الكهربائية وإنشاء شبكة نقاط الشحن مصدر قلق رئيسي في الجزائر موضحة، أن تجاوزه ممكن من خلال تبني سياسة تخفيض التكاليف عبر إلغاء الرسوم الجمركية على المكونات الأساسية للسيارات الكهربائية وهي خطوة حيوية بالنسبة لها، بحيث تُسهم هذه السياسة في خفض تكاليف الصيانة، مما يجعل الأسعار أكثر تنافسية.
وللتحكم أكثر في الأسعار، ينبغي بحسب الخبيرة إعطاء الأولوية لتوطين إنتاج البطاريات، وتحقيق وفرة الحجم في التصنيع على المدى الطويل والتركيز على دور التقدم في تكنولوجيا البطاريات، بحيث من المتوقع أن تصبح أسعار السيارات الكهربائية أكثر تنافسية، مما يتيح للجزائر فرصة لعب دور بارز في تصنيع البطاريات وإعادة تدويرها، أو استعمالها في تطبيقات أخرى.
وضع تسعيرة تنافسية لشحن السيارات الكهربائية
وتقول الباحثة، إنه بالنظر إلى دعم الحكومة الجزائرية لأسعار الوقود والكهرباء، فإن نجاح المرحلة الأولى لنشر السيارات الكهربائية ممكن، مع ضمان رضا الزبائن من خلال تقديم أسعار تنافسية، وهذا التوجه يشكل كما أوضحت، أحد التحديات الرئيسية لتعزيز سياسة التنقل المستدام في الجزائر. وأضافت، بأن بلادنا تتمتع بظروف ممتازة لتطبيقات الطاقة الشمسية الكهروضوئية، والتي يمكن أن تكون مصدرًا نظيفًا لطاقة شحن بطاريات السيارات الكهربائية.
ولأجل دعم هذا التوجه أجرت مخلوفي، دراسة حديثة على مدينة الجزائر العاصمة، استعرضت فيها الفوائد التقنية والاقتصادية للسيارات الكهربائية ومحطات الشحن المرتبطة بها، أين ركزت الدراسة على زيادة تدريجية في مسافات التنقل الأسبوعية، مع تركيب نظام طاقة شمسية في موقف السيارات القريب من محطة المترو.
وأظهرت الدراسة، أن السيارات الكهربائية يمكنها تغطية أكثر من نصف استهلاكها للطاقة من نظام الطاقة الشمسية، مما يحقق اكتفاءً ذاتيًا بنسبة 40% في المتوسط. ويمكن أن ترتفع هذه النسبة إلى أكثر من 50% عند التنقل لمسافات أقل من 1000 كيلومتر أسبوعيًا.
وتؤكد النتائج المتحصل عليها قدرة الأنظمة الشمسية على تقليص تكاليف التنقل، خاصة عند استخدام محطات الشحن المنزلية، مما يعزز من جدوى السيارات الكهربائية، ويمهد الطريق لانتشارها الواسع في الجزائر.
حذرت الدراسة مع ذلك، من الاعتماد المفرط على محطات الشحن عالية القدرة، التي قد تعاني من انخفاض في نسبة تشغيلها في المرحلة الأولى من الاستخدام.
نقص الوعي لدى المواطن
وتقول الباحثة، إن المواطن الجزائري لا يزال غير مدرك لفوائد السيارة الكهربائية، وأن العديد من الأفراد ينظرون إلى السيارات الكهربائية كمنتج غير مألوف، ويفتقرون إلى المعرفة حول التوفير طويل الأجل والفوائد البيئية التي تقدمها هذه السيارة. ولمعالجة هذا الأمر، يجب على الشركات والهيئات الحكومية استيراد السيارات، واعتماد حملات توعية واسعة النطاق، ويمكن حسبها أن تلعب التجارب العامة للقيادة، والبرامج التعليمية، والحوافز للمستهلكين دورًا حاسمًا في تعريف المواطن بالتنقل الكهربائي، وإبراز إمكانية التوفير في حجم تكاليف الوقود، والصيانة الدنيا، والفوائد البيئية، وهذا ما ترى بأنه سيساعد في تغيير تصورات المواطن والتحول إلى اقتناء سيارة كهربائية.

تكنولوجيا البطاريات وقيود المدى
تصنف الدكتورة مخلوفي، أداء البطاريات ضمن أحد الهموم الأساسية للأشخاص الذين يفكرون في اقتناء سيارة كهربائية، فعلى الرغم من تحسن بطاريات السيارات الكهربائية، إلا أنها لا تزال حسبها لا تتطابق مع المدى أو الراحة التي توفرها السيارات التقليدية التي تعمل بالوقود.
ويشكل المدى المحدود مصدر قلق كبير خاصة للجزائريين الذين اعتادوا حسبها، التنقل لمسافات طويلة أو التجول بالسيارة، كما تؤثر التكلفة العالية للبطاريات بشكل كبير على السعر الإجمالي للسيارات الكهربائية. ولمعالجة هذه المشكلات، تدعو الخبيرة المستوردين لاختيار أنواع السيارات بعناية، من حيث كفاءة البطاريات وأدائها وعمرها الافتراضي، علاوة على ذلك، يمكن أن تساهم الابتكارات في تقنيات الشحن السريع وأنظمة تبديل البطاريات في معالجة قلق المدى ومشكلات الراحة بشكل أكبر.
وتهدف هذه السياسة كما قالت، إلى تعزيز القدرة الإنتاجية للبطاريات مع تقليل الاعتماد على الواردات، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى بطاريات أكثر فعالية من حيث التكلفة والكفاءة، ومع استمرار تطور تكنولوجيا البطاريات، ترى بأن المستهلك سيستفيد من بطاريات أطول أمدًا، وبتكلفة مقبولة، وذات أداء أعلى، مما يجعل السيارات الكهربائية خيارًا أكثر جاذبية.
من جانب آخر، تسلط الباحثة الضوء على دور النصوص والقوانين التنظيمية، وتقول إنه و بدون سياسات مدروسة ومستقرة، قد يتردد المستهلكون، والمصنعون، والموردون في الاستثمار طويل الأجل في التنقل الكهربائي، ولذلك تشدد الباحثة، على ضرورة وجود إطار تنظيمي متكامل يشمل حوافز مستدامة طويلة الأمد.
علاوة على ذلك، فإن تحديد أهداف واضحة لتبني السيارات الكهربائية إلى جانب تشريعات تنظيمية مرنة، سيوفر بيئة سياسية شفافة ومستقرة تعزز الثقة اللازمة لتطوير وتحديث قطاع النقل.
نظام الصيانة والخدمة
وقالت الدكتورة مخلوفي، إن السيارات الكهربائية تتطلب صيانة أقل مقارنة بالسيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي، إلا أن الجزائر يجب أن تستعد للمرحلة بالتفكير في إنشاء مراكز خدمة متخصصة، و تحضير فنيين مؤهلين في هذا المجال. وبحسب ما نبهت إليه الباحثة، فإن غياب نظام خدمة متين قد يمنع المشترين المحتملين من التحول إلى السيارات الكهربائية.
ولمواجهة هذا التحدي، يتعين علينا كما أوضحت، إنشاء شبكة خدمات قوية مزودة بكوادر مدربة وموارد كافية، تشمل الحلول المقترحة لتوسيع شبكة الخدمات، من خلال إدخال وحدات خدمة متنقلة للصيانة و تطوير منصات عبر الإنترنت للبحث عن مركز خدمات وصيانة قريب.
ومع توسع سوق السيارات الكهربائية، تتوقع الخبيرة أن ينمو نظام الخدمة بشكل طبيعي، مما يجعل من السهل على المستهلكين صيانة سياراتهم.
تبنّي الحافلات الكهربائية بين الطموح البيئي والواقع الاقتصادي
توضح الباحثة من جهة ثانية، أن الجزائر تتمتع بشبكة واسعة من الحافلات تشكل العمود الفقري لوسائل النقل الجماعي، ومع ذلك تقول خبيرة الطاقات المتجددة سعيدة مخلوفي، إن الاعتماد المستمر على وقود" الديزل" يضر بالبيئة والمواطنين على حد سواء، ما يفرض تحولا نحو استخدام الحافلات الكهربائية يشمل الطرق بين المدن، وهو ما من شأنه أن يساهم في خفض الانبعاثات، وتقليل تكاليف النقل، وتطوير وسائل النقل الجماعي.
وعلى الرغم من أن الحافلات الكهربائية تتطلب استثمارًا أوليًا مرتفعًا، إلا أنها توفر حسب محدثتنا مزايا مالية على المدى الطويل، فهي تحتاج إلى صيانة أقل بكثير، مما يلغي العديد من التكاليف المرتبطة بمحركات "الديزل".
وحسبها، فإنه مع مرور الوقت ستؤدي وفرة الوقود وتقليل الصيانة إلى جعل هذه المركبات خيارًا أكثر ملاءمة من الناحية الاقتصادية، علاوة على ذلك، فإن دمج محطات شحن تعمل بالطاقة الشمسية، يمكن من تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة غير المتجددة.
كيف نتجاوز التحديات؟
رغم الفوائد العديدة للتحول نحو استخدام الحافلات الكهربائية، إلا أن هناك تحديات كبيرة تقول الباحثة، إنه يجب علينا أخذها بعين الاعتبار عند بدء رسم خريطة نشر الحافلات الكهربائية في الجزائر.
ويُعد نقص محطات الشحن من أبرز هذه التحديات، لا سيما في المناطق الحضرية وعلى الطرق السريعة التي تربط المدن، ففي ظل غياب عدد كافٍ من نقاط الشحن، قد يصعب تشغيل الحافلات الكهربائية بكفاءة على المسافات الطويلة. ولضمان نجاح هذا التحول يتعين على كل من الحكومة والقطاع الخاص التعاون لإنشاء محطات الشحن، وخاصة في المناطق التي تشهد كثافة عالية في حركة الحافلات.
ومع وجود شبكة شحن كافية، يمكن للحافلات حسب الباحثة، أن تعمل بسلاسة، ما يشجع السائقين على الانتقال من الديزل إلى الكهرباء بثقة أكبر.
تحديات تقنية تعرقل انتشار الحافلات الكهربائية
تُعد التكلفة من أبرز العقبات التي تواجه التوسع في استخدام الحافلات الكهربائية، وتشير الباحثة إلى أنه حتى مع تقديم الحكومة لإعانات مالية لتخفض أسعار هذه الحافلات، فإن التكلفة تبقى مرتفعة بالنسبة لكثير من الناقلين، مما يجعل عملية التحول صعبة.
وتقترح خيارات التأجير التي ترى بأنها قد تساعد في تخفيف العبء المالي، مع ذلك توضح أنها قد لا تكون مناسبة للجميع، وسيظل الاستثمار الأولي مصدر قلق رئيسي.
وأشارت الخبيرة، إلى أنه رغم تطور تقنيات البطاريات، والجهود المستمرة لزيادة عمرها وتسريع عملية الشحن، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، فزمن الشحن المرتفع وتكاليفه يمثلان عائقًا أمام التشغيل الفعال لمسافات طويلة.
ومن الضروري كما قالت، تحسين هذه الجوانب لضمان تشغيل الحافلات بكفاءة، خصوصا مع استمرار التقدم التقني وتوفير دعم مالي أفضل، حيث يمكن أن يصبح التحول إلى الحافلات الكهربائية أكثر سهولة بمرور الوقت.

* الخبيرة في المناجمنت الطاقوي والبيئي فتحية ياسمين روابح
تأثير بيئي مشجع تقابله مشاكل البطاريات
من جهتها، تؤكد الخبيرة في المناجمنت الطاقوي و البيئي، والتنمية المستدامة، الدكتورة بجامعة البليدة، فتحية ياسمين روابح، أن السيارات الكهربائية تحظى بشعبية متزايدة في ظل تميزها بنقاط قوة تجعل منها محط أنظار الحريصين على حماية الكوكب من التغيرات المناخية الناتجة عن الانبعاثات الكربونية لوسائل النقل، إلا أنها تعترف بوجود جملة من العراقيل التي تقول بأنها لا تزال ترهن الانطلاقة القوية لهذه المركبة الخضراء.
وتشير الخبيرة، إلى أن إحدى أكبر نقاط القوة لهذه السيارة تكمن في التأثير البيئي الأقل، بحيث لا تنتج عنها أي انبعاثات لغازات ثاني أكسيد الكربون، أو أكسيد النيتروجين، أو الجسيمات الدقيقة أثناء القيادة، مما يساعد على تحسين جودة الهواء في المدن على مدار دورة حياتها بأكملها.
وتؤكد، أنه رغم إنتاج البطارية والكهرباء، فإن هذه السيارة تملك بصمة كربونية أقل من بصمة السيارة التي تعمل بالوقود، خاصة إذا كانت الكهرباء من مصدر متجدد.
ولأن السيارات الكهربائية تعتمد على الطاقة النظيفة، فإن تكاليف تشغيلها بحسب المتحدثة، تكون أقل من ملء خزان الوقود بالبنزين أو الديزل، خاصة إذا تم شحنها في المنزل خلال ساعات الذروة المنخفضة.
وتضيف الخبيرة في المناجمنت الطاقوي والبيئي، أن السيارة الكهربائية تحتوي على عدد أقل من الأجزاء المحركة لها، مع انعدام محرك احتراق أو علبة ميكانيكية معقدة، أو فلتر زيت وما إلى ذلك، مما يقلل احتياجات الصيانة وبالتالي التكاليف المرتبطة بها.
من جانب آخر، تشير الخبيرة إلى أن العديد من البلدان تقوم بتشجيع شراء هذا النوع من السيارات، وذلك من خلال مساعدات متنوعة مثل المكافئة البيئية ومنحة التحويل أو الرسكلة، بالإضافة إلى الاستفادة من المزايا الضريبية.
وأشارت المتحدثة كذلك، إلى أن المحرك الكهربائي يوفر تسارعا فوريا وخطيا بدون اهتزازات، وقيادة هادئة للغاية، وهذا ما يساهم حسبها في قيادة فائقة ويقلل من التلوث، وغالبا ما تعفى السيارات الكهربائية من قيود المرور مما يوفر حركية أكبر.
هذه نقاط ضعف السيارات الكهربائية
على الرغم من جملة الفوائد التي تضمنها السيارة الكهربائية، إلا أن لديها نقاط ضعف تفرض بعض المخاوف، وقد أوضحت الخبيرة أنه رغم التقدم المستمر في التكنولوجيا إلا أن مدى السيارات الكهربائية لا يزال يمثل عائقا في بعض الأحيان، خاصة في الرحلات الطويلة بسبب الخوف من نفاد الشحنة الكهربائية، وهو ما يجعل منه مصدر قلق على الرغم من تطور محطات الشحن بسرعة.
وتتحدث الخبيرة أيضا، عن وقت الشحن الطويل الذي يكون أكثر من وقت ملء خزان الوقود العادي، فحتى مع الشواحن السريعة يستغرق الأمر 20 دقيقة إلى عدة ساعات حسب قوة الشاحن وحجم البطارية ،كما يطرح كذلك مشكل سعر الشراء الذي ترى أنه يبقى أعلى من سعر الطراز الحراري، وأن تضمن مساعدات حكومية لتقليل الفارق.
وتشير الخبيرة، إلى البنية التحتية للشحن والتي تعترف بتوسعها السريع، إلا أن شبكة محطات الشحن ليست كثيفة ومتاحة مثل شبكة محطات الوقود، وعدم توفر الشواحن خاصة في المناطق الريفية وحتى في المجمعات السكنية.
وتطرقت أيضا، إلى إشكالية عمر البطاريات وإعادة التدوير، لأن للبطارية عمرا افتراضيا كما أن استبدالها قد يكون مكلفا، بينما تعتبر إعادة تدويرها قضية بيئية مهمة خصوصا وأن سلاسل التوريد قيد الإنشاء تتحسن باستمرار.
وتشير الخبيرة البيئية فتحية ياسمين روابح، إلى ثقل البطاريات التي تزيد من ثقل السيارات، ما من شأنه أن يؤثر على استهلاك الطاقة وعلى تآكل بعض المكونات كالإطارات والفرامل، مع ذلك تعتبر بأن السيارة الكهربائية تعكس تقدما كبيرا في مجال التنقل المستدام، لأن لها مزايا بيئية واقتصادية مهمة.
وترى، أنه من الضروري مراعاة القيود المتعلقة بالمدى والشحن، بالإضافة إلى التكلفة الأولية لتحديد ما إذا كانت تتناسب مع احتياجات وأسلوب حياة المواطن الجزائري.
ولكي تنجح تجربة السيارات والحافلات الكهربائية على نطاق واسع في بلادنا، لا بد من وضع خطة واضحة وشاملة، فلا يزال غياب محطات الشحن على الطرق السريعة يمثل أحد أبرز التحديات كما قالت، وبدون شبكة شحن كافية لن تتمكن الحافلات ولا السيارات من إكمال رحلاتها الطويلة بكفاءة، ومن هنا كما عبرت، تبرز ضرورة التعاون مع القطاع الخاص لإنشاء نقاط الشحن في المناطق الحيوية.
ورغم أن التكلفة ما تزال مرتفعة، إلا أن هناك وسائل لجعلها أكثر جدوى اقتصاديا، فالدعم يخفف من العبء المالي، كما أن إدخال خيارات دفع مرنة قد يُسهّل اتخاذ قرار التحول، ومن شأن تقسيط المدفوعات أن يقلل الضغط، ويُساهم في تسريع التحول من الوقود إلى الكهرباء.
وأوضحت المتحدثة، أن التعاون بين القطاعين العام والخاص يمكنه أن يُساهم في تقاسم التكاليف وتوفير دعم إضافي. وإلى جانب ذلك فإن استخدام الطاقة الشمسية في تشغيل محطات الشحن، يساعد في خفض تكاليف الكهرباء على المدى الطويل.
وأوضحت، أن الانتقال إلى مركبات الكهرباء في الجزائر يسير ببطء ورغم كل التحديات فإن الاستثمارات الاستراتيجية، والدعم الفعّال ومشاركة المجتمعات المحلية يمكن أن تمهّد الطريق لتحول ناجح، بأنه في حال تبنّي التنقل الكهربائي، فإننا سنكون أمام فرصة كبيرة لتصدر مشهد النقل المستدام.
وأضافت، أن التغلب على تحديات البنية التحتية، التكلفة، الوعي، التكنولوجيا، السياسات، وشبكات الخدمة، أمر حاسم لتحقيق اعتماد واسع النطاق، وذلك من خلال الاستفادة من المبادرات الحكومية، التصنيع المبتكر، والشركات الاستراتيجية، حيث يمكن للمستثمرين المعنيين بقطاع النقل تسريع تحول الجزائر نحو شبكة نقل متطورة وأكثر استدامة.
مؤكدة، على أهمية التخطيط المتكامل، الدعم الحكومي ، والاستثمار المدروس، ودورهم في ضمان نجاح التحوّل نحو تنقل مستدام ناجح.

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com