
أعلنت حركة حماس موافقتها على مقترح جديد لوقف إطلاق النار في غزة، قدمه الوسيطين المصري والقطري، وأشارت الحركة في بيان صحفي، أمس، أنها تلقت المقترح منذ يومين في القاهرة، وناقشته مع الفصائل ثم مع الأُطر القيادية داخل الحركة، ومن ثم سلمت موافقتها عليه، مدعومةً بموافقة الفصائل الفلسطينية.
وذكرت مصادر إعلامية، أمس، أن رد حماس سُلّم للكيان الصهيوني، حيث يُنتظر رده، وأوضحت المصادر نفسها أن المقترح الجديد لوقف إطلاق النار يستند إلى ما قدمه الوسيط الأمريكي منذ أسابيع، وأن حركة حماس أبدت مرونة كبيرة في التعاطي معه، ويبقى الوصول إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة مرتبطًا بما سيعلنه الكيان الصهيوني، الذي تَنَصَّلَ أكثر من مرة مما يتم الاتفاق عليه.
ويشمل المقترح الجديد، حسب المصادر ذاتها، هدنة مؤقتة لمدة 60 يومًا يتم فيها تبادل للأسرى وانسحاب جزئي لجيش الاحتلال من مناطق في غزة، مع فتح المعابر ودخول المساعدات الإنسانية، على أن يتم خلال هذه الفترة التفاوض على وقف نهائي لإطلاق النار وانسحاب كامل لقوات الاحتلال وتبادل لما تبقى من الأسرى.
وأوضح ممثل حركة حماس في الجزائر، يوسف حمدان، في تصريح صحفي أمس أن المقترح الذي وافقت عليه الحركة والفصائل الفلسطينية هو عبارة عن ورقة إطار وليس اتفاقًا تفصيليًا، وينطلق مما قدمه الوسيط الأمريكي سابقًا مع بعض التعديلات، وأضاف أن الحركة تواصل التعامل بمسؤولية بالغة مع هذا المسار، رغم مماطلة الاحتلال وتهربه من استحقاقات أي اتفاق تسعى حماس للوصول إليه، وأشار إلى أن الحركة أبدت في سبيل ذلك أقصى درجات المرونة والمسؤولية الوطنية والسياسية، وحصّنت موقفها بالموقف الوطني الفلسطيني الذي مَثَّلَته حالة التشاور الفصائلي المستمر، وكان آخرها لقاءات القاهرة مؤخرًا.
وأضاف حمدان أن المطلوب حاليًا هو تثمير الموقف الإيجابي للحركة وموافقتها على المقترح الذي قدمه الوسطاء، وكذلك استغلال التحولات الدولية الضاغطة على الاحتلال باتجاه المزيد من الضغوط لإنهاء الحرب وعدم العودة للعدوان، وكسر الحصار الإنساني الجائر والظالم بغض النظر عن المسار التفاوضي الذي قد يماطل فيه الاحتلال، ويشتري به مزيدًا من الوقت الذي يعني بالنسبة للشعب الفلسطيني مزيدًا من التجويع والتقتيل والتشريد حسبه،مؤكدا أن مسؤولية الجميع هي تضافر الجهود للضغط على الاحتلال في كافة جبهات الاشتباك الموجودة، سواء كانت سياسية أو إعلامية أو شعبية، مضيفًا أن هذه معركة الجميع ضد عدو الإنسانية، ولا يجب الاكتفاء بالمسار التفاوضي لحسم المعركة أو لوقف العدوان.
على صعيد الوضع الميداني في قطاع غزة، يواصل جيش الاحتلال الصهيوني حرب الإبادة الجماعية ضد المدنيين الأبرياء والنساء والأطفال، ويشهد حي الزيتون في مدينة غزة منذ أسبوع حرب تطهير عرقي أمام حجم الدمار والاستهداف المكثف للمباني، وأعلنت وزارة الصحة أمس عن وصول 60 شهيدًا و343 مصابًا إلى مستشفيات القطاع خلال 24 ساعة الأخيرة، ومن بين الضحايا 31 شهيدًا ارتقوا أثناء استهدافهم من قِبَل قوات جيش الاحتلال الصهيوني أثناء انتظار المساعدات الإنسانية، إلى جانب 197 مصابًا، ليرتفع بذلك العدد الإجمالي لشهداء لقمة العيش إلى 1996 شهيدًا وأكثر من 14898 مصابًا.
في الوقت ذاته، تتوسع المجاعة في قطاع غزة وتتفاقم بشكل أكبر مع استمرار الحصار الصهيوني ومنع إدخال المساعدات الإنسانية بما يتوافق وحاجيات السكان، وكشفت وزارة الصحة أمس عن تسجيل 3 حالات وفاة جديدة بسبب المجاعة وسوء التغذية، ليرتفع العدد الإجمالي لشهداء المجاعة إلى 266 شهيدًا، من ضمنهم 112 طفلًا.
كما ارتفع عدد الشهداء الصحفيين في غزة إلى 239 صحفيًا بعد الإعلان عن استشهاد الصحفي إسلام الكومي، وأدان المكتب الإعلامي الحكومي في بيان صحفي أمس اغتيال جيش الاحتلال الإسرائيلي للصحفيين الفلسطينيين بشكل ممنهج، داعيًا إلى حمايتهم.
وفي السياق ذاته، حذّرت وزارة الصحة من تدهور الوضع الصحي في القطاع جراء الحصار ومنع الاحتلال الصهيوني دخول الإمدادات الطبية واستهدافه للمنظومة الصحية، وأعلنت عن توقف فحوصات الأمراض المناعية والمختبر المركزي، كما كشفت عن تعطل نحو 45 بالمائة من أجهزة المختبرات نتيجة تدميرها من قِبَل الاحتلال الإسرائيلي أو حاجتها لقطع الغيار لإصلاحها.
من جهة أخرى، أوضحت وكالة الأونروا، أمس، أن مدارسها في غزة التي تحولت إلى ملاجئ للفلسطينيين بحثًا عن الحماية تحت راية الأمم المتحدة، أصبحت مكانًا للموت، بما في ذلك لعدد كبير من الأطفال، حسب منشور للوكالة عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك. وأكدت الأونروا أنه لا يوجد مكان آمن للأطفال في غزة، وكشفت عن قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي 450 طفلًا شهريًا خلال الخمسة أشهر الماضية، أي منذ استئناف الحرب على غزة في مارس الماضي، كما كشفت الأونروا عن استشهاد 360 من موظفيها في قطاع غزة منذ بداية الحرب.
في سياق متصل، أكدت أمس مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أن خطر الجوع الشديد ينتشر في كل مكان في غزة، نتيجة سياسة حكومة الاحتلال الإسرائيلي في منع المساعدات الإنسانية، وأشارت إلى أن حكومة الاحتلال لم تسمح بدخول المساعدات إلا بكميات أقل بكثير مما هو مطلوب لتفادي جوع شديد واسع النطاق، وأشار ثمين الخيطان، المتحدث باسم المفوضية في مؤتمر صحفي لوكالات الأمم المتحدة بجنيف أمس، أن الوصول إلى الإمدادات الشحيحة المتاحة في غزة قد يكون مسعىً مميتًا، وذكر أن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان سجلت في الفترة ما بين 27 ماي الماضي و17 أوت الجاري قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي 1857 فلسطينيًا أثناء بحثهم عن الطعام، من بينهم 1021 قُتِلوا بالقرب من مؤسسة غزة الإنسانية و836 قُتِلوا على طرق شاحنات الإمدادات. نورالدين ع