أعلن رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، أمس، تنصيب لجنة برلمانية خاصة تتولى صياغة مقترح قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر، تضم ممثلين عن كل الكتل البرلمانية الممثلة في المجلس.
وأفاد بوغالي في كلمة له أمس بمقر المجلس الشعبي الوطني أن تنصيب هذه اللجنة الخاصة لصياغة مقترح قانون تجريم الاستعمار يأتي «تجاوبا مع إجماع كل التيارات السياسية حول هذا الموضوع»، تكريمًا لذاكرة الأسلاف الميامين من جيل المقاومة إلى جيل الثورة التحريرية المجيدة الذين نذروا حياتهم فداءً لهذا الوطن العزيز وشعبه الأبي. وتضم اللجنة ممثلين عن المجموعات البرلمانية لكل من، حزب جبهة التحرير الوطني، التجمع الوطني الديمقراطي، حركة مجتمع السلم، حركة البناء الوطني، الأحرار، جبهة المستقبل، و تكتل غير المنتمين، و أوضح بوغالي أن اللجنة ستكون مفتوحة للعضوية شرفيا لكل النواب السابقين الذين سبق لهم تقديم مقترحات في هذا الموضوع. كما أكد رئيس المجلس أن هذه اللجنة الخاصة ستمكن من ضروريات العمل للقيام بمهامها على أكمل وجه، كذلك يمكنها الاستئناس بكل الكفاءات والخبراء والحقوقيين المهتمين بمسائل الذاكرة والجرائم المقترفة في حق الجزائر الإنسان والتاريخ في الحقبة التاريخية المعنية 1830-1962. وبالمناسبة اعتبر بوغالي أن مسألة الذاكرة بالنسبة لبلادنا لا تطرح، كما يُروَّج له، كورقة للضغط والمساومة، وإنما من «باب الوفاء للتضحيات الجسام التي كابدها الشعب الجزائري برمته وكواجب أخلاقي وتاريخي كذلك لإظهار الحقيقة وافتكاك الاعتراف بما اقترف من جرائم طالت الإنسان والبيئة والعمران»، وهي الجرائم التي قيدها مرتكبوها، بكل وقاحة ودون وخز الضمير، في مذكراتهم وتناولتها الصحافة الأوروبية في حينها وانتقدت بشاعتها. و أشار في هذا الصدد إلى أن بعض الأقلام الحرة في فرنسا تحاول توثيق تلك الأحداث والكتابة عنها والتذكير بطابعها الإجرامي في وسائل الإعلام غير مكترثة بما تتعرض له من مضايقات لإسكاتها وحملها على إخفاء تلك الحقائق التي تأبى التبدد والطمس. كما جدد بوغالي في هذا المقام التذكير بموقف رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الصريح والواضح من ملف الذاكرة، وهو الذي قال أن» ملف الذاكرة لا يتآكل بالتقادم أو التناسي ولا يقبل التنازل والمساومة، وسيبقى في صميم انشغالاتنا حتى تتحقق معالجته معالجة موضوعية ومنصفة للحقيقة التاريخية». و لفت أيضا إلى أن المشرع الجزائري لم يغفل هذا الملف، إذ حظي على الأقل منذ الفترة التشريعية الرابعة بمجموع خمس مقترحات قانون من مختلف التشكيلات السياسية الوطنية الممثلة في المجلس الشعبي الوطني، مضيفا بأن موضوع تجريم الاستعمار استأثر باهتمام كبير على مستوى القارة الأفريقية التي عانت أكثر من غيرها من الانتهاكات الاستعمارية واستباحة كرامة الإنسان فيها، حيث اعتمدت الدورة العادية الثامنة والثلاثين لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي مؤخرا تصنيف «الاسترقاق والترحيل والاستعمار» كجرائم ضد الإنسانية وكجرائم إبادة جماعية ارتكبت في حق الشعوب الأفريقية. ولتزامن الإعلان عن تنصيب اللجنة الخاصة بإعداد مقترح قانون لتجريم الاستعمار مع ذكرى اغتيال المحامي علي بومنجل في 23 مارس من العام 1957، فقد استحضر بوغالي هذه الجريمة الاستعمارية بحق رجل قانون ومحامي وإعلامي وأحد رموز الثورة التحريرية الذي غيب الاستعمار ظروف وحيثيات اغتياله لأكثر من ستة عقود، مثله في ذلك مثل الآلاف من الجزائريين الذين افتقدوا خلال الليل الاستعماري الطويل. وبعد أن عرج على مجازر فظيعة ارتكبها الاستعمار الفرنسي ببلادنا طيلة 132 سنة شدد رئيس الغرفة السفلى للبرلمان على أن «أهمية التاريخ لا تكمن في استحضار الأحداث فحسب وإنما في الاعتبار منها وتفادي تمجيد ما لا يمجد والأصح والأصوب هو أن يجرَّم ولا يمكن أن يوصف بما هو أقل من التجريم». ونشير فقط أن تنصيب لجنة لصياغة مقترح قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي بالجزائر كان مطلبا ملحا للطبقة السياسية والبرلمانيين منذ سنوات، حيث سبق لنواب في عهدات تشريعية سابقة تقديم هذا المقترح خمس مرات.
كما يأتي تنصيب اللجنة هذه أيضا انسجاما مع الموقف الرسمي للجزائر من مسألة الاستعمار سواء هنا في الجزائر أو في أي بقعة أخرى من العالم وبخاصة في فلسطين والصحراء الغربية.
إلياس -ب