r«صُنع في الجزائر» أصبحت تساوي الجودة والثقة
شكلت الطبعة الـ 56 لمعرض الجزائر الدولي، مرة أخرى شاهدا بامتياز على التحول النوعي الذي يشهده المنتوج الجزائري، من حيث الجودة والتنوع ذو القدرة التنافسية العالية، التي تمكنه من اقتحام الأسواق الخارجية بكل ثقة، ما من شأنه أن يحقق الأهداف التي رسمتها السلطات العمومية الرامية إلى رفع السقف الحالي للصادرات خارج المحروقات، إلى مستويات أعلى.
روبورتاج: عبد الحكيم أسابع
زوار المعرض الذي يعتبر الحدث الاقتصادي الأبرز هذه الأيام في البلاد، والذي واصل ترسيخ مكانته كفضاء استراتيجي لاستعراض القدرات الإنتاجية الوطنية والدولية، وعقد الشراكات، ما جعل الزوار يقفون مطوّلا أمام الأجنحة الوطنية، المدنية منها والعسكرية، التي عكست مستوى متقدما في جودة الصناعة الوطنية في قطاعات متعددة، العمومية منها والخاصة، على غرار الصناعات الميكانيكية، والصناعات الغذائية، و الكهرومنزلية، وحتى التكنولوجيا الرقمية، وهي الجودة التي لم تعد مجرد طموح، بل أصبحت واقعا ملموسا، بفضل التحديث المستمر لوسائل الإنتاج، والانفتاح على الابتكار، والتزام المنتجين المحليين بالمعايير العالمية.
واللافت خلال زيارتنا للمعرض الذي يسدل الستار على فعالياته اليوم، أن الكثير من المؤسسات الجزائرية المشاركة في هذه الدورة التي أعطى إشارة انطلاقها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الاثنين الماضي، ممن سبق وأن قدمت تجارب ناجحة في التصدير إلى إفريقيا، وأوروبا، وآسيا، أكدت حضورها مرة أخرى بإنتاجها الجديد، عقدت لقاءات مع متعاملين اقتصاديين من الدول المشاركة، وأثمرت بإبرام اتفاقيات مختلفة ذات الطابعين التجاري والاستثماري.
كما حضرت المعرض المؤسسات الوطنية وهيئات المتابعة والمرافقة ودعم الاستثمار والتصدير، التابعة لمختلف القطاعات الوزارية، بقوة في هذه الطبعة، لتؤكد مرة أخرى أن دعم المؤسسات الوطنية وتسهيل إجراءات الاستثمار و التصدير، يبقى أولوية في إطار سياسة الإقلاع الاقتصادي.
كما أُتيحت في هذا الصدد للزوار فرص للتعرف على برامج التمويل والمرافقة الموجهة للمنتجين المحليين، كالبنوك ومؤسسات التأمين، التي خصص لها جناح منفرد، وهو ما يعكس الإرادة السياسية الواضحة لتعزيز الاقتصاد الوطني عبر المنتوج المحلي.
nالصناعة العسكرية تخطف الأضواء كالعادة
طائرات دون طيار وتقنيات متقدمة لتعزيز السيادة التكنولوجية
سجلت وزارة الدفاع الوطني، كعادتها حضورا قويا ولافتا في فعاليات معرض الجزائر الدولي، من خلال جناح مميز ومتنوع، جسّد المستوى المتطور الذي بلغته الصناعات العسكرية الوطنية، خاصة في مجال الطائرات دون طيار والأنظمة الإلكترونية والميكانيكية.
وقد شاركت في هذه الطبعة إحدى وعشرون وحدة إنتاجية تابعة لمختلف هيئات ومصالح وزارة الدفاع الوطني، من بينها: قيادة القوات الجوية، قيادة القوات البحرية، دائرة الإشارة ومنظومات القيادة والسيطرة، المديرية المركزية للعتاد، مديرية الصناعات العسكرية، بالإضافة إلى المعهد الوطني للخرائط والكشف عن بعد.وقد استقطب فضاء العرض المخصص للجيش الوطني الشعبي بالجناح المركزي، لـ ‘’ صافيكس’’، جمهورا كبيرا من أجل اكتشاف طيف واسع من إنتاج الصناعة العسكرية الوطنية، التي شملت تجديد وصناعة العتاد الجوي والبحري، وإنتاج الخرائط العسكرية، وتطوير عتاد الإشارة، والصناعات الميكانيكية الخفيفة والثقيلة، فضلا عن الصناعات الإلكترونية، وصناعة النسيج الخاص بالمؤسسة العسكرية.
ومن بين أبرز المؤسسات الحاضرة، التي توقفنا بها مؤسسة تطوير وإنتاج أنظمة التكنولوجيات المتقدمة، أين صرح النقيب الطاهر رحاني لجريدة النصر، موضحا أن هذه المشاركة تهدف إلى تعزيز القاعدة الصناعية العسكرية المستدامة، والتعريف بقدرات المؤسسة في تطوير الإنتاج الوطني، لاسيما في مجال تصنيع الطائرات بدون طيار.
وأكد النقيب رحاني، أن هذه المؤسسة المتواجدة على مستوى الناحية العسكرية الأولى، متخصصة في تطوير ودعم قدرات القوات الجوية عبر إنتاج طائرات بدون طيار متعددة الأنواع، مبرزا أن من بين هذه الطائرات، ‘’ أوراس 700’’، وهي طائرة صغيرة الحجم رباعية المروحيات، إلى جانب ‘’ طائرة صغيرة الحجم ذات شراع ثابت». وأيضا ‘’ طائرة سداسية المروحيات’’ تتميز بحمولة أكبر و وقت طيران أطول، مما يجعلها قادرة على تنفيذ مهام أكثر تطورا مقارنة بأوراس 700.
وأشار المتحدث إلى أن المؤسسة انطلقت فعليا في عملية الإنتاج قبل نحو أربع سنوات، في مسعى واضح لتعزيز السيادة التكنولوجية للجزائر في هذا المجال.
من جهة أخرى، شاركت المؤسسة المركزية لتجديد عتاد الإشارة، الواقعة كذلك في الناحية العسكرية الأولى، من خلال جناح خاص بالصناعة الإلكترونية، وأوضح النقيب أحمد أيوب عماد الدين، وهو مهندس مطور لمحطات الفحص الأوتوماتيكي، أن المؤسسة تُعدّ حلقة محورية في منظومة الدعم التقني للإشارة بالجيش الوطني الشعبي.
وتُعنى المؤسسة، حسب ذات المتحدث، بمجموعة من المهام الحيوية من بينها، الإنتاج والتجميع وفق النمط الكلي ونصف الكلي (CKD وSKD) و صيانة عتاد الإشارة من الدرجتين الثالثة والرابعة، فضلا عن تركيب أنظمة الاتصالات على متن العربات العسكرية إلى جانب نمذجة وتصميم الدارات المطبوعة، وتقديم الاستشارة التقنية في ميدان الإلكترونيات العسكرية.
من جهتها تشارك مؤسسة إنجاز أنظمة المراقبة بالفيديو، التابعة لمديرية الصناعات العسكرية، تحت وصاية وزارة الدفاع الوطني، في إبراز مجال نشاطها المتخصص في إنجاز أنظمة المراقبة بالفيديو، وأنظمة مراقبة المداخل، بالإضافة إلى أنظمة الحماية المحيطية، التي يتم تركيبها عبر مختلف الموانئ والمطارات والمؤسسات التابعة للدولة، بما في ذلك المنشآت العسكرية.وتعتمد المؤسسة حسب النقيب محمد عبد الجليل صوفي، على تكنولوجيا متطورة وفعالة في تنفيذ هذه الأنظمة، وهو ما يعزز من مستوى التأمين والمراقبة.
وبخصوص طبيعة هذه الأنظمة، فهي تُنجز في إطار شراكات تقنية، ما يسمح بنقل الخبرة والمعرفة ودعم الإنتاج المحلي في هذا المجال الحساس.
تجدر الإشارة إلى أن الزوار ظلوا يتوافدون على الجناح لاكتشاف مختلف منتجات الصناعة العسكرية، على غرار تلك التي يعرضها مجمع ترقية الصناعات الميكانيكية للناحية العسكرية الخامسة بقسنطينة، العربات والمدرعات العسكرية العملاقة مثل مدرعة "فوكس" والمدرعة الخفيفة "نيمر".وأعرب العديد من الزوار القادمين من مختلف ولايات الوطن عن فخرهم واعتزازهم بهذه المنتجات التي تترجم الاحترافية العالية التي وصل إليها الجيش الوطني الشعبي.
ومن بين الأجنحة التي لقيت الإقبال الكبير، الفضاء المخصص لقيادة القوات البحرية، هو الآخر، سيما فئة الشباب الراغبين في الالتحاق بهذا السلاح.
كما شهد الجناح المخصص لقيادة القوات الجوية إقبالا ملفتا للجمهور، على غرار مؤسسة صناعة الطائرات "الشهيد عابد بومدال" بوهران بالناحية العسكرية الثانية، والتي تقوم بصناعة وصيانة مختلف الطائرات، منها تلك المخصصة للتكوين العسكري والمدني، وهو ما يعكس الخطوات العملاقة التي عرفها مسار عصرنة الجيش الوطني الشعبي ومسايرته للتكنولوجيات الحديثة.
وحظيت مؤسسة قاعدة المنظومات الالكترونية بسيدي بلعباس اهتماما واسعا من قبل الزوار الذين عبروا عن إعجابهم بمجال نشاط هذه المؤسسة، لا سيما الدفاع عن طريق الأنظمة الالكترونية وتصنيع المعدات واللوازم ذات الجودة العالية، المتماشية مع المعايير الدولية.وليس ببعيد عن هذا الفضاء، عرف المساحة المخصصة لدائرة الإشارة ومنظومات القيادة والسيطرة بدورها حضورا لافتا للزوار الشغوفين لمعرفة آخر مستجدات عتاد الإعلام الآلي والتكنولوجيات الحديثة.
ونفس الاهتمام أبان عنه زوار مركز الهندسة والتطوير في الميكانيك والإلكترونيك، الذي يقترح الحلول الملائمة لمختلف الإشكاليات المطروحة في الحياة الاقتصادية، من خلال دراسات الجدوى ومراقبة الجودة ومعايرة مختلف وسائل القياس. وتعكس هذه المشاركة المتنوعة الطموح الكبير للجيش الوطني الشعبي اللافت في مواكبة التطور التكنولوجي، وبناء قاعدة صناعية عسكرية وطنية تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي.
وتعكس هذه المشاركة المتنوعة الطموح الكبير للجيش الوطني الشعبي اللافت في مواكبة التطور التكنولوجي، وبناء قاعدة صناعية عسكرية وطنية تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي.
عملاق الطاقة «سوناطراك» يعرض استثمارات المستقبل
لم تكن مشاركة مجمع سوناطراك في الطبعة الـ56 من معرض الجزائر الدولي، الذي تختتم فعالياته اليوم السبت، مجرد حضور رمزي، بل جاءت لتُجسد بوضوح تحوّل هذه المؤسسة الوطنية العملاقة إلى فاعل صناعي واستراتيجي متعدد الأنشطة والاستثمارات.
وقد استوقف جناح سوناطراك في قصر المعارض بالصنوبر البحري آلاف الزوار، وكان بمثابة متحف تفاعلي مفتوح يروي قصة أكبر مجمع في الجزائر وإحدى أبرز الشركات النفطية في القارة الإفريقية.
وقد توزع جناح سوناطراك على مساحة شاسعة تُعد من بين الأكبر في المعرض، ليُبرز الإمكانات الهائلة للمجمع، وقد تضمّن الجناح عروضا رقمية ونماذج تفاعلية تُحاكي منشآت الإنتاج ومحطات الغاز، بالإضافة إلى شاشات تتيح للزائر استكشاف مشاريع ضخمة مثل أنبوب الغاز العابر للصحراء والموانئ النفطية.
وتم عرض نشاطات نحو 100 شركة فرعية ومساهمة للمجمع تغطي مجالات الاستكشاف، الحفر، التكرير، النقل، التسويق، البتروكيماويات، إضافة إلى الطاقات الجديدة والمتجددة.
وحرصت سوناطراك على تقديم نفسها كأكثر من مجرد شركة نفط وغاز، من خلال التركيز على مشاريعها في البتروكيمياء التي تهدف إلى خلق قيمة مضافة محلية بدل تصدير المواد الخام، وتوسيع خدماتها في مجال نقل وتوزيع الطاقة على المستوى الإقليمي، إضافة إلى إبراز دورها في التكوين المتخصص عبر المعاهد التابعة لها.
و أوضحت مسؤولة الاتصال بالمجمع، حياة عجالي، أن سوناطراك تسعى من خلال هذه المشاركة إلى تعريف الجمهور بمهامها وتخصصاتها ومشاريع الشراكة التي تخوضها، مؤكدة أن المجمع يتجه بخطى ثابتة نحو استثمار أكبر في الطاقات النظيفة والمتجددة.
كما أشارت إلى الإقبال الكبير من الطلبة على الجناح بحثًا عن فرص للتربصات الميدانية والعمل، وهو ما يعكس موقع سوناطراك كقاطرة لتكوين الكفاءات الوطنية.
كما قدّمت سوناطراك لمحة عن استثماراتها بالخارج، في دول مثل البيرو، ليبيا، تونس، تركيا، إيطاليا، بريطانيا وعدد من البلدان الإفريقية، مما يعكس طموحها في تعزيز مكانتها كلاعب عالمي في مجال الطاقة.
وأثبتت سوناطراك من خلال مشاركتها في هذا المحفل الاقتصادي الدولي أنها ليست فقط محركا لمداخيل الجزائر من العملة الصعبة، بل أيضا شريك أساسي في دعم التنمية الوطنية من خلال خلق فرص العمل، الاستثمار في الإنسان، وتوجيه الاقتصاد نحو آفاق أكثر تنوعًا واستدامة.
الصناعات الغذائية تنافس الماركات العالمية
شهدت مشاركة مؤسسات الصناعات الغذائية في الطبعة الـ56 لمعرض الجزائر الدولي ديناميكية لافتة، تجسدت في عرض منتجات مبتكرة تعكس التحول الإيجابي في ذوق المستهلك الجزائري، خاصة مع تصاعد التوجه نحو المواد الطبيعية والصحية.
ولم تقتصر جهود هذه المؤسسات على الحضور الفيزيائي فقط، بل دعّمتها بحضور قوي على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أضحت هذه المنصات واجهات فعالة للترويج، من خلال المؤثرين، والفيديوهات التوضيحية، والعروض التفاعلية التي عززت
ثقة المستهلك وأثّرت في قراراته الشرائية وزادت من رواج المنتوج على المستويين الداخلي و الخارجي وتنافسيته.
ومن بين المشاركين، برزت شركة «رامي» بعصير طبيعي 100 بالمائة دون سكر أو مواد حافظة، وبتغليف عصري جذاب، مصحوب بعروض ترويجية مشوّقة.
أما مؤسسة ‘’الباسقة’’، فقدّمت تشكيلة من مشتقات التمر خالية من السكر المضاف، تماشيا مع إقبال كبير على المنتجات الصحية.
أما ملبنة « الصومام»، فجددت تشكيلة الألبان والياغورت بإطلاق منتج «منزوع الماء» بأذواق مبتكرة، في حين واصلت شركة ‘’بلاط’’ توسّعها بأسواق إفريقيا ومنتجات جديدة، مؤكدة تنافسيتها مع الماركات العالمية.
هذا الزخم يترجم وعيا مؤسساتيا بأهمية الترويج الذكي والجودة العالية، ما يؤكد أن الصناعات الغذائية الجزائرية مؤهلة لتكون قوة تصديرية حقيقية، شريطة مواصلة الاستثمار في الابتكار والتسويق والتصدير المنظم.
وللإشارة فإن مؤسسات إنتاج كريمات الطلي، والبسكويت وأنواع الشوكولاطة التي سبق وأن ظفرت بجوائز عالمية، أكدت حضورها هي الأخرى في هذا المعرض، وعلى غرار العادة فقد استقطبت منتوجاتها، إقبالا كبيرا.
nالصناعات الكهرومنزلية والإلكترونية
إنتاج مبتكر يوظف الذكاء الاصطناعي و آفاق تصدير واعدة
عادت الصناعة الكهرومنزلية والإلكترونية الجزائرية الصنع لتتصدر المشهد في معرض الجزائر الدولي، مؤكدة تموضعها القوي محليا وطموحها الكبير في التوسع أكثر نحو الأسواق الخارجية، بعد نجاح تجاربها السابقة خصوصا الإفريقية والخليجية.
وقد عكست مشاركات مؤسسات كبرى مثل «كوندور» و«إيريس» على سبيل الذكر، حجم التطور الذي شهدته هذه الصناعة في السنوات الأخيرة.
ففي جناح شركة كوندور، لفت الانتباه إطلاق هاتف نقال ذكي من الجيل الخامس يعمل بالذكاء الاصطناعي، طُوّر نظامه التشغيلي داخليا تحت اسم «A OS»، بفضل شراكة مع الشركة العالمية الصينية «ديبسيك».
كما عرضت الشركة، مكيفا ذكيا يتم التحكم فيه عن بعد عبر تطبيق «كوندور سمارت كونكت»، وأعلن المدير العام للشركة محمد دعاس، في تصريح للنصر توقيع ثلاث اتفاقيات استراتيجية: يتعلق الأمر بتصنيع علامة «ويربول» الأمريكية محليا، وتوزيعها حصريا عبر شركة «بروكسيما»، للتسويق الإلكتروني، وتصدير علامة «كريستور» إلى تونس.
من جهته، قدّم مجمع «إيريس» جيلا جديدا من المكيفات الذكية، القادرة على العمل في درجات حرارة مرتفعة تصل إلى 60 درجة، مزودة بأنظمة لتنظيم استهلاك الطاقة ومقاوِمة لتقلبات التيار الكهربائي.
كما تم أيضا – حسب ما صرح به مسؤول المنتج لدى شركة إيريس عدلان عمورة- إنتاج ثلاجات، وغسالات وتلفزيونات تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
هذه المشاركة القوية تعكس ليس فقط تطور الإنتاج الوطني، بل توجه الجزائر الحثيث بخطى واثقة نحو التصدير والتكامل الصناعي، مدفوعة برؤية اقتصادية قائمة على التنويع والابتكار.
nالشبكة الوطنية للسكك الحديدية
بنية تحتية استراتيجية في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية
حضرت الوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة إنجاز الاستثمارات في السكك الحديدية (ANESRIF) فعاليات الطبعة السادسة والخمسين من معرض الجزائر الدولي، لتعرض من خلال جناحها المتميز، طموح الجزائر في بناء شبكة سككية عصرية، تُعد ركيزة أساسية في الاستراتيجية الوطنية لتحديث البنية التحتية وتحفيز التنمية الاقتصادية المستدامة.
وقد استقطب جناح الوكالة اهتماما واسعا من الزوار والمستثمرين والمهنيين، حيث عرضت من خلال مجسمات وشروحات تقنية دقيقة، أبرز المشاريع التي تشرف عليها، سواء الجاري إنجازها أو تلك المبرمجة ضمن الأفق القريب، على غرار خطوط الربط بين المدن الكبرى، خطوط النقل المنجمي، وكذا المشاريع الخاصة بربط الموانئ والمناطق الصناعية بشبكة نقل فعالة واقتصادية.
مشاركة الوكالة في هذا الموعد الاقتصادي الكبير لا تندرج فقط في إطار الحضور المؤسساتي - حسب الشروحات المقدمة لنا- بل تعكس إرادة قوية من الدولة الجزائرية في التعريف بمجهوداتها الجبارة في قطاع النقل السككي، وإبراز ما تحقق وما ينتظر تحقيقه، فالوكالة، بصفتها الذراع التقني والاستثماري في مجال السكك الحديدية، تُعد فاعلا محوريا في بلورة المشاريع الكبرى، من مرحلة الدراسة إلى الإنجاز.
كما تسعى ANESRIF من خلال هذه المشاركة إلى الترويج لفرص الشراكة والتعاون مع مختلف المتدخلين، سواء المحليين أو الأجانب، بما يتيح استقطاب الخبرات، التقنيات الحديثة، والاستثمارات التي من شأنها تسريع وتيرة الإنجاز وتحسين أداء المشاريع من حيث النوعية والتكلفة.
وفي ظل ما تشهده الجزائر من تحوّل اقتصادي وهيكلي، تأتي المشاريع السككية لتؤدي دورا مضاعفا، عبر ربط المناطق الداخلية والمعزولة، وتسهيل حركة البضائع والموارد عبر الوطن، من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، ما يمنح الاقتصاد الوطني مرونة في التنقل وفاعلية في التوزيع.
كما أن هذه المشاريع تندرج ضمن رؤية أشمل لتعزيز مكانة الجزائر كحلقة وصل محورية في المنطقة، سواء من خلال مشاريع الربط الإقليمي نحو دول الجوار الإفريقي، أو تسهيل التبادلات التجارية عبر الموانئ الجزائرية.
من جهة أخرى، يعكس حضور الوكالة تطلع الجزائر إلى اعتماد مفاهيم النقل المستدام والصديق للبيئة، من خلال إدماج معايير السلامة البيئية في مشاريعها، واستخدام تقنيات حديثة لتحسين كفاءة استهلاك الطاقة وتسهيل الرقمنة
وخلال لقائنا، به استعرض، نائب مدير الاتصال على مستوى الوكالة، معاد برياش، البرنامج الوطني للسكك الحديدية التي يجري إنجازه، والذي بلغ منذ 2007 تاريخ إنشاء الوكالة وهي ( هيئة مكلفة بالتصور والتصميم ومتابعة إنجاز مشاريع السكة الحديدية بالجزائر) إلى اليوم 4887 كلم، مسلطا الضوء على كل الخطوط المنجزة وتلك التي يجري إنجازها، سواء خطا الشمال أو غيرهما، لاسيما الخطان المنجميان الشرقي والغربي اللذين سيشكلان عند إتمام تجسيدهما حجر الزاوية في دعم الاقتصاد الجزائري.
وبعد أن أشار إلى الجهود المبذولة لرفع سرعة القطارات إلى 160 و 220 كلم في الساعة، تطرق السيد برياش في لقائنا به إلى الخطوط الاختراقية التي تشكل لاسيما الخط الشرقي والخط العابر للصحراء – القلب النابض للسياسة الجديدة من أجل فك العزلة عن الجنوب الجزائري وربطه بالنسيج الوطني حيث يمر كل منهما عبر مناطق حيوية ذات أهمية استراتيجية، إلى جانب دوره المحوري في تحسين جاذبية هذه المناطق للاستثمارات، كما سيسهم عند تجسيده في رفع كفاءة وفاعلية نقل البضائع والأفراد بين شمال البلاد وجنوبه.
nمجمع حسناوي
خمسون سنة من البناء والشراكة والتنوع الإنتاجي
مثّل مجمع حسناوي، في مشاركته بالطبعة 56 لمعرض الجزائر الدولي، نموذجا جزائريا ناجحا في التوسع الصناعي والتنويع الاقتصادي، بمناسبة احتفاله بخمسين سنة من التأسيس. فمن مقاولة صغيرة أسسها السيد إبراهيم حسناوي سنة 1974، تطور المجمع إلى قوة إنتاجية تضم 22 شركة موزعة على خمسة أقطاب استراتيجية، ما يجسد روح الريادة والتخطيط طويل الأمد.ففي قطب البناء، يضم المجمع شركات لإنتاج الخرسانة والمواد المستعملة في الورشات، إلى جانب نشاطات الترقية العقارية.
أما القطب الصناعي، فتميز بمشاريع شراكة مع إسبانيا وإيطاليا، لتصنيع الطلاء، الخرسانة، تغليف الأرضيات، الأبواب، النوافذ، الألمنيوم، وألواح الجبس.
ويتكامل نشاط المجمع مع قطب الفلاحة الذي يضم مخبرا متخصصا، وقطب الخدمات الذي يشمل مستشفى خاصا تأسس عام 2023، ومعهدا للتكوين المهني، فضلا عن شركة الأمن والنقل، ما يعكس حرص المجمع على خلق منظومة متكاملة. أما قطب الحجارة، فيضم أحد أكبر مصانع تحويل الرخام والغرانيت في إفريقيا، يصنف ضمن الخمسة الأوائل عالميا.
وحسب أحمد فارس قرومي ، المكلف بالتسويق، فإن حضور المجمع في المعرض لم يكن فقط للتعريف بمنتجاته، بل لتأكيد التزامه بالتنمية الوطنية والانفتاح على الشراكات الدولية، بما في ذلك الاستعداد للاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الأداء والتحكم في الجودة والوقت.
n«شركة طايال للأنسجة»
شراكة جزائرية تركية تصنع ماركات عالمية من قلب غليزان
بروز شركة طايال في معرض الجزائر الدولي كنموذج ناجح في مجال النسيج، يعكس ثمار الشراكة الجزائرية التركية الطموحة.
تأسست الشركة سنة 2018 وانطلقت فعليا في الإنتاج بعد جائحة كورونا، لتتحوّل في ظرف وجيز إلى أحد أكبر أقطاب الصناعة النسيجية في الجزائر.
تمتد منشآت طايال على مساحة 110 هكتارات بسيدي خطاب في ولاية غليزان، ويعمل بها نحو 4000 عامل، مع قدرة تشغيلية مستقبلية تصل إلى 10 آلاف منصب. تنتج الشركة سنويا نحو 30 مليون قطعة، اعتمادا على قطن مستورد يتم تحويله محليا إلى خيوط، وأقمشة متنوعة على غرار «الجين» و «الدينيم»، ثم إلى ألبسة جاهزة موجّهة للسوق الوطنية والدولية.أبرز ما يميّز طايال حسب أحد إطاراتها، هو شراكتها الصناعية مع كبريات العلامات العالمية، حيث تنتج لصالح «ديكاتلون، ولاكوست، وليفيس، وسيليو»، كما تزود ليفيس تحديدا بقماش الدينيم عالي الجودة.
وتصل صادرات طايال إلى 9 دول، منها تونس، مصر، تركيا، إسبانيا، فرنسا، والبيرو. أما داخل الجزائر فتُزوّد «طايال»كبريات المساحات التجارية الجزائرية بألبسة جاهزة تحمل علامات تجارية مخصصة، ما يعكس تنوع الإنتاج وجودته العالية. وتؤكد مشاركة طايال في المعرض على قدرة الصناعة النسيجية الجزائرية على التحول من مجرد سوق استهلاكية إلى فاعل حقيقي في سلاسل القيمة العالمية.
nسلطنة عُمان ضيف الشرف
حضور نوعي يعزز الشراكة والتكامل الاقتصادي
في مشاركتها كـ«ضيف شرف» في الطبعة الـ56 من معرض الجزائر الدولي، رسخت سلطنة عُمان مكانتها كشريك استراتيجي يعكس عمق العلاقات الاقتصادية والثقافية مع الجزائر، وأكدت من خلال جناحها المتميز على رؤيتها الشاملة للانفتاح والتعاون الإقليمي والدولي.
وجاء الجناح العُماني، الذي يمتد على مساحة 900 متر مربع، بتصميم فريد يحاكي قرية عُمانية متكاملة، تضم رموزا معمارية وتراثية ودلالات من البيئة العُمانية، لتعكس للزائر عمق الحضارة والتاريخ.
وشارك في المعرض ما يقارب 60 شركة ومؤسسة عُمانية تمثل قطاعات استراتيجية متعددة مثل الصناعات الدوائية، التحويلات الكهربائية، العقار، الأسماك، السياحة، المواد الغذائية، الصناعات الحرفية، فضلا عن الحضور الثقافي المتمثل في تسليط الضوء على «حارة العقر» وقلعة نزوى وصناعة الحلوى العُمانية.
وأكد مسؤولون بجناح هذا البلد الشقيق، للنصر، أن هذه المشاركة تعكس التنوع الاقتصادي للسلطنة، وتفتح آفاقا جديدة أمام التبادل التجاري، خاصة في ظل اهتمام الشركات العُمانية بإقامة شراكات مع نظيراتها الجزائرية، مبرزين بأن المعرض يشكل منصة لتوسيع العلاقات بين البلدين وتكريس نتائج الزيارة التاريخية التي قام بها السلطان هيثم بن طارق إلى الجزائر في ماي الماضي.
وشهد الجناح العُماني إقبالا واسعا من الزوار والمتعاملين الاقتصاديين، الذين أبدوا اهتماما كبيرا بالمنتجات العُمانية وفرص التعاون.
وأعرب ممثلون لشركات عمانية حاضرة عن رغبتهم في الاستثمار في الجزائر، مستفيدين من التسهيلات التي توفرها الجزائر، والفرص الواعدة التي تزخر بها، خاصة في قطاعات الزراعة، الصناعة، والطاقة، وغيرها من المجالات.
و بهذه المشاركة الفاعلة والمتكاملة، نجحت سلطنة عُمان في جعل جناحها مركز جذب رئيسي في معرض الجزائر الدولي، مؤكدة أن التعاون العُماني الجزائري يفتح صفحة جديدة في مسار الشراكة الاستراتيجية والتنمية المتبادلة بين البلدين.
ع.أ