تميزت السنة الأولى من إعادة انتخاب السيد عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية باستكمال الورشات الاصلاحية الكبرى، وتثبيت أركان الجزائر المنتصرة، ومواصلة العمل على تطوير الاقتصاد ورفع العراقيل التي تعيق المشاريع الاستثمارية، وتعزيز سياسته التضامنية تجاه الفئات الهشّة حفاظا على الطابع الاجتماعي للدولة، كما واصلت الدبلوماسية حضورها القوي في مختلف المحافل الدولية وتأكيد التزامها بالدفاع عن القضايا العادلة في العالم وفي مقدمتها القضيتان الفلسطينية والصحراوية.
حرص الرئيس تبون، منذ إعادة انتخابه قبل عام لعهدة رئاسية ثانية على الانطلاق في تجسيد التزاماته الاجتماعية والاقتصادية المدرجة في برنامجه الرئاسي الذي يولي أهمية خاصة للشقين الاجتماعي و الاقتصادي، حيث أكد في كلمته بمناسبة أدائه اليمين الدستورية، أن عدة انجازات ومكاسب ستتحقق لصالح المواطن والتي ستكون بمثابة مفخرة له أمام العالم.
وخلال السنة الأولى من ولايته الرئاسية الثانية عمل الرئيس تبون على تثبيت أركان الجزائر المنتصرة من خلال استكمال مسار الإصلاحات القانونية و الاجرائية التي ترمي إلى انهاء القطيعة مع الممارسات السابقة، بالعمل على أخلقه الحياة السياسية ومواصلة سياسة مكافحة الفساد و اقرار تدابير جديدة لمكافحة كل أشكال التلاعب بالأموال العمومية عبر إقرار مبدأ المكاشفة والمحاسبة.
وبهذا الخصوص عمل الرئيس على تدعيم ركائز دولة الحق والقانون وتكريس استقلاليتها السياسية والاقتصادية وتعزيز صرحها المؤسساتي القائم على مبدأ المواطنة والديمقراطية التشاركية، وذلك بفضل إرساء نموذج جديد للممارسة السياسية يقوم على النزاهة في الأداء والانضباط في التسيير وتشجيع روح المبادرة والعمل الميداني ويرمي إلى إرساء نمط حكامة قائم على اللامركزية والإنصاف التنموي وترقية الخدمات العمومية وتحسين الإطار المعيشي للمواطن.
كما واصل رئيس الجمهورية سنته الحميدة في تكريس سبل الحوار المباشر مع الفاعلين في الساحة الوطنية، على غرار استقباله لعدد من مسؤولي الأحزاب السياسية بمقر رئاسة الجمهورية ولقائه مع مديري وممثلي وسائل الإعلام الوطنية وكذا إشرافه الشخصي على لقاء الحكومة مع الولاة وعلى أشغال الطبعة الثانية للقاء الوطني مع المتعاملين الاقتصاديين التي نظمت تحت شعار «الجزائر 2025، سنة النجاح الاقتصادي».
تدشين مشاريع استراتيجية
كما سجلت الجزائر خلال السنة الأولى من العهدة الرئاسية الثانية، قفزات عديدة في مؤشرات الأداء بالنسبة لسعر صرف الدينار وارتفاع الاستثمارات إلى جانب التحكم في التضخم والبطالة وهي كلها عوامل تؤكد على ديناميكية النمو الاقتصادي التي سجلت مستويات تقدر بـ 4 بالمائة من الناتج الداخلي الخام وهو مستوى يفوق المعدلات المسجلة في دول الحوض المتوسطي، وكشف الديوان الوطني للاحصائيات أمس الأول أن الاقتصاد الوطني قد حقق نموا حقيقيا بنسبة 3.7 بالمئة سنة 2024 وارتفع الناتج المحلي الاجمالي للبلاد بنسبة 7.2 بالمئة وهي مؤشرات على أن الجزائر تتجه في الطريق الصحيح لتطوير الاقتصاد وتنويعه.
وشدد الرئيس تبون في كل الاجتماعات الحكومية واللقاءات الرسمية على ضرورة تطوير الاقتصاد ورفع العراقيل التي تعيق المشاريع الاستثمارية، ما يسمح بتحقيق الأهداف المسطرة بإنشاء 450 ألف منصب شغل ورفع الناتج المحلي الخام إلى 400 مليار دولار وإنجاز مليوني سكن خلال عهدته الثانية التي وصفها بالاقتصادية بامتياز، مع رفع منحة البناء الريفي إلى 1 مليون دينار خلال العهدة الثانية.
خلال هذه الفترة، تم تدشين عدة مشاريع استراتيجية في مختلف القطاعات، مما عزز المكتسبات الوطنية والثقل الاقتصادي للبلاد، وذلك رغم السياق الدولي والإقليمي المتميز بعدم الاستقرار. ومن بين الإنجازات البارزة، مصانع تحلية مياه البحر الكبرى الموجهة لتأمين تزويد عدة ولايات بالمياه الصالحة للشرب لمواجهة تذبذب التزود بالمياه، وهو المكسب التاريخي الذي مكن الجزائر من بلوغ مستوى عال في مجال الأمن المائي.
وقد تم تسليم أربع منشآت كبرى في ولايات الطارف (كدية الدراوش)، بومرداس (كاب جنات)، تيبازة (فوكة) ووهران (الرأس الأبيض)، بطاقة إنتاجية تبلغ 300.000 متر مكعب/اليوم لكل منها، وذلك في انتظار تسليم مصنع مماثل ببجاية. وأنجزت هذه المصانع في وقت قياسي بواسطة كفاءات وطنية وتقنيات متقدمة، وتعتبر من قبل رئيس الجمهورية “فخرا للجزائر المنتصرة”.
وفي مجال البنية التحتية، تم أيضا تسجيل مكتسبات جديدة، خاصة مع تدشين خطوط سكك حديدية في ولايات الجنوب، لربط المناطق المنجمية الاستراتيجية بالموانئ الشمالية وتحفيز التنمية، مع دعم إنجاز ممرات لوجيستية إقليمية نحو البلدان المجاورة.
ويعد خط السكة الحديدية بشار-عبادلة، بطول 100 كلم، الذي دشنه رئيس الجمهورية في أفريل 2025، جزءا من المشروع الكبير الذي يربط بشار بمنجم الحديد في غارا جبيلات على نحو 1000 كم. ومن المتوقع أن يتيح استكمال هذا المحور في 2026 استغلال هذا المنجم الكبير الذي يحتوي على أزيد من 3,5 مليار طن من خام الحديد، ويفتح آفاقا اقتصادية هامة للبلاد.
وتبنى سياسة رئيس الجمهورية على التوازن بين المناطق في التنمية ما جعله يخص بعض الولايات ببرامج خاصة للتنمية، كما واصل الاهتمام بمناطق الظل والمناطق المعزولة والحدودية و الجنوبية، حيث عرفت السنة الأولى من عهدته الثانية برامج تنموية مكثفة مع حرص على تحسين البنى التحتية والإطار العام للحياة في القرى و المداشر خصوصا، وفي مجال المرافق عرفت الهياكل المدرسية تحسنا ملحوظا مع توجيهات صارمة بتوفير النقل المدرسي و التدفئة والوجبات الساخنة خاصة بالمناطق البعيدة .
لا تراجع عن السياسة الاجتماعية للدولة
كما واصل الرئيس تبون سياسته التضامنية تجاه الفئات الهشّة حفاظا على الطابع الاجتماعي للدولة، بغرض تحسين معيشة المواطنين وتعزيز قدرتهم الشرائية من خلال رفع العلاوات والأجور، حيث أشار في هذا الصدد إلى أن الأمانة التي يستمر في حملها بتفويض من الشعب تدعوه إلى شحن العزائم وحشد القدرات من أجل تعزيز رصيد الإنجازات.
وفي هذا الصدد، تعززت المكاسب التي تم تحقيقها حفاظا على كرامة المواطن وتحسينا لإطاره المعيشي بفضل القرارات السياسية الشجاعة التي تم اتخاذها في هذا الاتجاه، وهي المكاسب التي تجسدت في كنف الاستقرار والحوار المتواصل والمباشر مع المواطن وممثليه. كما حرص رئيس الجمهورية على تنفيذ برنامج واسع للسكن، مواصلة رفع وتحسين الأجور للموظفين و المتقاعدين، وتحسين الوضعية المهنية لمختلف الأسلاك وإيلاء اهتمام خاص بالأمن الغذائي، الذي يعتبر محورا استراتيجيا وتحقق لأول مرة منذ عقود بالاكتفاء الذاتي الكامل من القمح الصلب في 2025.
كما باشر الرئيس تبون في تنفيذ استراتيجية تسمح بتحقيق الأمن الغذائي من خلال إطلاق مشاريع لإنتاج الحليب زيادة المساحات المخصصة لزراعة الحبوب وإنشاء مخازن، ما يسمح بتحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المحاصيل الزراعية الاستراتيجية في غضون سنتي 2025 و2026، ومواصلة بناء شراكات دولية في قطاع الفلاحة مع دول صديقة وشقيقة رائدة في الشُعب الاستراتيجية مثل الحليب والحبوب، بهدف تقليص الاستيراد إلى أدنى مستوياته بما في ذلك الوصول في نهاية 2025 إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي الكامل والتام في القمح الصلب وكذا في مادتي الشعير والذرة في غضون سنة 2026، إضافة إلى استلام خمس محطات لتحلية مياه البحر نهاية السنة الجارية، وغلق ملف مناطق الظل نهائيا قبل انقضاء السنة الأولى من العهدة.
كما أولى الرئيس تبون أهمية كبيرة لإشراك الجالية الوطنية بالخارج، في مسار التنمية الوطنية وتقديم كل التسهيلات لها، إلى جانب الدفاع عن حقوقها في الدول المقيمة بها. ويحرص رئيس الجمهورية على تجسيد مبدأ تكافؤ الفرص بين كافة أبناء الجزائر، سواء داخل الوطن أو خارجه، وهو المسعى الذي يقع في صلب اهتمام برنامج عمل الحكومة وتعمل على تجسيده كتابة الدولة المكلفة بالجالية الوطنية بالخارج من خلال الورشات التي بادرت بإطلاقها لبلوغ الأهداف المنشودة. وانطلاقا من هذا المبدأ الراسخ، دأب رئيس الجمهورية على لقاء أفراد الجالية الوطنية خلال كل الزيارات الرسمية التي يقوم بها إلى الخارج، حيث ينظم لقاءات للإطلاع على أوضاعهم والإصغاء لانشغالاتهم وتطلعاتهم، وهو ما يندرج في إطار الحرص على التواصل المستمر مع أفراد الجالية والتفاعل معهم ومتابعة أحوالهم أينما تواجدوا.كما منحت لهم تسهيلات للاقامة في الجزائر ونظمت مخيمات لأبناء المغتربين حتى يتم ربط جسر مع بلدهم الأصلي وثقافته.
ويحظى عنصر الشباب بعناية خاصة من رئيس الجمهورية الذي فتح المجال لهذه الفئة من خلال تشجيع المؤسسات الناشئة والرهان عليها لتطوير الاقتصاد، كما تم إنشاء وزارة خاصة بالشباب لضمان التكفل بانشغالاتهم و مرافقتهم، وعمل الرئيس تبون على تعزيز تواجد الشباب في مختلف المؤسسات الحكومية والهيئات الاستشارية ورفع العراقيل لتمكينهم من الانخراط في مختلف الفضاءات السياسية والمجالس المنتخبة، وأكد الرئيس أن برنامجه قائم على الاعتماد على الشباب و مؤسساتهم الناشئة، ووصف ما حققوه بأنه مدعاة للفخر، ولا يفوت رئيس الجمهورية مناسبة إلا ويكرم فيها مبتكرين ونوابغ شرفوا الجزائر في مسابقات دولية.
كما نالت المرأة نصيبها من الاهتمام بترقية دورها وحمايتها اجتماعيا ومهنيا، ويعد قرار رفع مدة عطلة الأمومة إلى خمسة أشهر تاريخيا بالنسبة للأوساط النسوية ذلك أنه يسمح لمئات الآلاف من النساء بالتفرغ لمواليدهم الجدد، في خطوة حظيت بتثمين كبير من النساء العاملات والجمعيات المدافعة عن المرأة.
الدبلوماسية تواصل حضورها القوي
كما واصلت الدبلوماسية الجزائرية، تحت قيادة رئيس الجمهورية، تعزيز حضورها القوي في مختلف المحافل الدولية وتأكيد التزامها بالدفاع عن القضايا العادلة في العالم وفي مقدمتها القضيتان الفلسطينية والصحراوية. وسجلت الجزائر حضورها المتميز وانخراطها الفعلي في جل الجهود الرامية إلى تحقيق الأهداف النبيلة المكرسة في الميثاق الأممي، حيث تعمل، تحت قيادة رئيس الجمهورية، على تعزيز دورها الدبلوماسي الإيجابي والبناء على الساحة الدولية وحضورها في مختلف فضاءات انتمائها العربية والإفريقية والمتوسطية، وفية لمبادئها المكرسة المؤسسة على قيم الحوار والسلم العالمي.
وقد سجلت الجزائر طيلة عقود حضورها المتميز وانخراطها الفعلي في جل الجهود الرامية لتحقيق المقاصد النبيلة وتحريم المساس بالشأن الداخلي للدول، كما أنها كعضو غير دائم بمجلس الأمن، أخذت على عاتقها الإسهام في معالجة القضايا المطروحة من خلال إعلاء قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
وأخذت الجزائر على عاتقها الاسهام في معالجة القضايا المطروحة أمام مجلس الأمن، استنادا للتعليمات الواضحة التي أسداها رئيس الجمهورية، لتكون الجزائر الصوت العربي والإفريقي بمجلس الأمن نصرة للقضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وقضية الصحراء الغربية، دفاعا عما أقرته الشرعية الدولية.
كما شكلت الجزائر قوة اقتراح إيجابية تساهم في رأب التصدعات والانقسامات بين الأعضاء الدائمين داخل مجلس الأمن ، وعلى الصعيد الإفريقي، جددت الجزائر رفضها للتدخل العسكري في منطقة الساحل والصحراء، مؤكدة أن الحلول السياسية هي أساس تسوية النزاعات وأن «كل الأفارقة بحاجة إلى مفوضية قوية بالنظر إلى حجم التحديات التي تواجه القارة».
ع سمير