الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 الموافق لـ 3 رجب 1447
Accueil Top Pub

رئيس الجمهورية يشيد بمسيرة ومكانة الفقيد: رحيــــل المجاهـــــد والوزيــــر الأسبــــق أحمـــد طـالب الإبراهيمــــي

ووري الثـرى أمس بحضور مسؤولين وشخصيات وطنية ومجاهدين
وفــــاة المجاهــــد و الوزيــــر الأسبـــق أحمــــد طالـــــب الإبراهيمــــــــي
توفي، أمس الأحد، الوزير الأسبق، أحمد طالب الإبراهيمي، عن عمر 93 سنة، وقد ووري جثمانه الثرى في نفس اليوم بمقبرة سيدي امحمد بالجزائر العاصمة.

ويعد الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي من جيل الثورة ومن جيل المجاهدين السياسيين الذين ساهموا بعد نيل الاستقلال في بناء وتشييد الجزائر المستقلة من خلال المناصب السامية العديدة التي تقلدها لأكثر من عقدين من الزمن.
ولد الإبراهيمي في الخامس من شهر جانفي من سنة 1932 بمدنية سطيف، وهو أصيل عائلة عرفت بالعلم والعلماء فوالده الشيخ البشير الإبراهيمي الرئيس الثاني لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين بعد وفاة العلامة عبد الحميد ابن باديس.
بعد تعلمه في الأطوار الأولى في مدينة سطيف حاز على بكالوريا الطور الأول سنة 1948، ثم بكالوريا الطور الثاني في السنة التي تلتها، وهو ما مكنه من التسجيل في السنة التحضيرية للطب بجامعة الجزائر، وهناك بالجامعة احتك مع العديد من التيارات السياسية والفئات الطلابية، وفي سنة 1954 قرر متابعة دراسته بجامعة باريس.
تكونت شخصية أحمد طالب الإبراهيمي السياسية منذ أن كان طالبا حيث وقف على العنصرية والتمييز الذي كانت السلطات الفرنسية تعامل به الطلبة الجزائريين على قلتهم في الجامعة مقارنة بالطلبة الفرنسيين، وزاد من قناعاته السياسية احتكاكه بفئات طلابية من تيارات استقلالية و من أحباب البيان، وفي فرنسا عند إكمال دراسته العليا في الطب بادر رفقة زملاء له على غرار محمد الصديق بن يحيى وعبد السلام بلعيد ومسعود آيت شعلال، إلى تأسيس الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين وكان ذلك في جويلية من سنة 1955، وفي ذلك الوقت كانت الثورة التحريرية المجيدة قد انطلقت، وفي نفس الوقت انضم إلى فدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا.
وتولى الإبراهيمي رئاسة الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين إلى أن سجن في فرنسا سنة 1957 وبقي إلى غاية الاستقلال.
بعد الاستقلال تولى الراحل عدد من المناصب السامية في الدولة الجزائرية مساهما في مرحلة البناء، حيث شغل منصب وزير التربية والتعليم من جويلية 1965 إلى غاية جويلية من سنة 1970، بعدها تولى حقيبة الثقافة والإعلام بين سنوات 1970 و 1977، وبين سنتي 1977 و 1982 شغل منصب وزير مستشار برئاسة الجمهورية، وبعد وفاة محمد الصديق بن يحيى تولى قطاع الشؤون الخارجية إلى غاية سنة 1988، وبعدها ركن إلى التقاعد.
و في خلال عشرية التسعينيات كان الإبراهيمي من الوجوه السياسية المعروفة والنشطة في الساحة السياسية سواء عبر الندوات واللقاءات السياسية التي كانت تنظم في ذلك الوقت أو عبر الاستشارات التي كانت تطلق وكان من دعاة المصالحة الوطنية في تلك المرحلة.
ترشح أحمد طالب الإبراهيمي للانتخابات الرئاسية التي جرت في 16 أفريل من سنة 1999 لكنه انسحب رفقة أربعة مترشحين آخرين قبل موعد الاقتراع.
و يعد الإبراهيمي من السياسيين القلائل الذين تركوا كتابات عن مسارهم السياسي والنضالي، حيث كتب مذكراته في أربعة أجزاء، كما كتب مؤلفات أخرى .
وقد ووري جثمانه الثرى أمس بمقبرة سيدي امحمد بالجزائر العاصمة حيث يرقد والده، وحضر مراسم تشييع جنازة الراحل مسؤولون سامون وشخصيات وطنية ومجاهدون، بالإضافة إلى رؤساء أحزاب سياسية وجمع غفير من أصدقاء الراحل وأفراد عائلته.
وفي كلمة تأبينية، عدد عميد جامع الجزائر، الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني مناقب الراحل، متوقفا عند «المبادئ والقيم الرفيعة التي لزمته والتي حرص على تلقينها للأجيال».
إلياس –ب

رئيس الجمهورية يعزي في وفاة المجاهد أحمد طالب الإبراهيمي
الجـزائر فقدت «اسما مذكورا بحظوة ومكانة الشخصيات الوطنية»
بعث رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس الأحد، برسالة تعزية إلى عائلة المناضل المجاهد، أحمد طالب الإبراهيمي، الذي وافته المنية عن عمر ناهز 93 سنة، مؤكدا أن الجزائر فقدت برحيله «اسما مذكورا بحظوة ومكانة الشخصيات الوطنية».
وجاء في نص رسالة التعزية: «بسم الله الرحمن الرحيم. (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا). صدق الله العظيم.
الله أكبر، شاء المولى تبارك وتعالى أن يتوفى الدكتور المرحوم، أحمد طالب الإبراهيمي، سليل بيت العلم والورع. وبرحيله تفقد الجزائر اسما مذكورا بحظوة ومكانة الشخصيات الوطنية ذات القدر المستحق والمكانة المرموقة.
فلقد جمع الراحل خصال حكمة السياسي ورصانة المثقف ووطنية المناضل المجاهد، منذ أن التحق فتيا بالاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين في خمسينيات القرن الماضي وطيلة مساره الحافل بالمهام والمسؤوليات السامية، الذي رفعه إلى مقام خيرة رجالات الدولة الوطنيين الأوفياء الغيورين على الجزائر.
وفي هذا المصاب الأليم، أتوجه إليكم بخالص التعازي وصادق المواساة، داعيا المولى عز وجل أن يتغمد فقيدنا برحمته الواسعة ويسكنه جنة الرضوان مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وأن يلهمكم جميعا جميل الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.
(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي). صدق الله العظيم.

رئيسا غرفـتي البرلمان و وزيرا المجاهدين و الاتصال يعزون
بعث كل من رئيس مجلس الأمة، عزوز ناصري، و كذا رئيس المجلس الشعبي الوطني، إبراهيم بوغالي، و كذا وزيرا المجاهدين وذوي الحقوق، عبد المالك تاشريفت و الاتصال زهير بوعمامة برسائل تعزية إلى عائلة المجاهد والوزير الأسبق، أحمد طالب الإبراهيمي.
واعتبر رئيس مجلس الأمة في رسالة التعزية رحيل الإبراهيمي اختفاء لكوكب أنار درب الحرية والانعتاق.
وذكر السيد ناصري بأن الفقيد يعد «نفحة من الأعلام السياسيين الخالدين في حصافتهم وفي رصانتهم، في حلمهم واتزانهم»، كما كان ‘’من الطلائع الذين انتصروا واختاروا نهج الثورة التحريرية الظافرة».
كما كان الراحل «من طينة الرجال الذين نذروا العمر وجعلوا الوطن قبلتهم وناضلوا من أجل تحريره، حيث عانى في سبيل ذلك ما عانى وتجرع من ويلات الاستعمار الأعمى، وهو الذي ألقي عليه القبض من طرف الاستعمار الغاشم عام 1957 وقضى في غياهب السجون الاستعمارية خمس سنوات، وهو آنذاك رئيسا للاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين، وبعدها مسؤولا عن جبهة التحرير الوطني».
من جانبه، نعى رئيس المجلس الشعبي الوطني الفقيد، مذكرا بأنه «أفنى حياته في خدمة الوطن والدفاع عن مبادئ ثورته المجيدة، وساهم بفكره ومسيرته في بناء الدولة الجزائرية «.
فيما أكد وزير المجاهدين أن الجزائر تفقد برحيله «واحدا من أبنائها البررة الذين ظلوا بعد الاستقلال، وفي كل المسؤوليات التي تقلدوها، أوفياء لقيم نوفمبر ومخلصين في خدمة الوطن».
وأضاف بأن الفقيد «أدى واجبه الوطني بإخلاص وتفان وساهم في تدويل القضية الوطنية والتعريف بعدالتها، سواء في اللقاءات الدولية أو عبر التنسيق مع أصدقاء الثورة الجزائرية، فكان بذلك صوت المناضل المتبصر في زمن الكفاح».
و بدوره كتب وزير الاتصال في تعزيته «بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وببالغ الحزن والأسى، تلقينا نبأ وفاة المغفور له بإذن الله تعالى، الدكتور أحمد طالب الابراهيمي. لقد فقدت الجزائر اليوم، مجاهداً، ورجلا وطنياً من خيرة الرجال، ومناضلاً ملتزماً بقضايا شعبه وأمته، رجلاً كرّس حياته لخدمة الوطن، في عديد المناصب التي تقلدها، مستعيناً على أدائها، بإرث عائلي أصيل من الرصانة والحكمة والعلم والوطنية الحقّة، أهلته ليكون عن جدارة رمزاً من رموز جزائرنا الحبيبة في عوالم السياسة والفكر والثقافة».

أقنعه بومدين بالتخلي عن الطب لاستكمال رسالة أبيه
الإبراهيمـــــي.. مثقـــف استثنائــــي وشاهــــد على تاريـــخ الجزائـــر الحديـــــث
فقدت الجزائر، برحيل أحمد طالب الإبراهيمي شخصيّة وطنيّة من الطراز النادر جمعت بين الثقافة الموسوعيّة والعمل السيّاسي في مسيرة حافلة، بدأت بالكفاح من أجل الاستقلال وتواصلت خلال بناء الدولة الوطنيّة والنّضال من أجل تكريس الديمقراطيّة، وفي مختلف المواقع عُرف الرّجل بالرزانة و الاعتدال وصلابة الموقف.

وحتى وإن تولى الفقيد مناصب ساميّة في عهدي الرئيسين الرّاحلين هواري بومدين و الشاذلي بن جديد، إلا إنّه لم يفرّط في قبّعة المثقّف الذي يمنح نفسه هامش النّقد والاختلاف، وهكذا انتقل من صناعة القرار إلى صفوف المعارضة حين اقتضي الأمرُ ذلك، مع خطّ سيرٍ واضح في الدفاع عن هويّة ووحدة الجزائر والحفاظ على استقلالها.
وهو من قِلّة من السيّاسيين و المسؤولين، فضّلت أن تحمل القلم وتقدّم «شهادة أمينة وموضوعيّة، قدر الإمكان» عن عصرها ومسيرتها، لأنّه كان يرى في ذلك واجبًا ودينًا في عنقه وفي السّكوت ضربًا من الإثم، كما كتب في مقدمة الجزء الأول من مذكراته، رغم أنه فضّل إسقاط بعض «التفاصيل» ، «لأنها أقرب إلى السيكولوجيا منها إلى التاريخ، وإلى تصرّفات الأفراد منها إلى التطوّر الجماعي»، كما قال، في إشارة إلى إحجامه عن توثيق سلوكات يمكن أن تُدرج في خانة تصفيّة الحسابات أو تمسّ بصورة أشخاص، وهذا خيار اعترف بأنّه يتحمّل مسؤوليته في اتخاذه.
ومكّنت المذكرات بأجزائها الأربعة، إلى جانب كتابه «رسائل من السجن» الأجيال الجديدة من الاطلاع على بانوراما ضخمة من تاريخ الجزائر الحديث، تُغطي مراحل من فترة الاستعمار و فترة بناء الدولة الوطنيّة والنجاحات و الإخفاقات التي صاحبتها، بل إن مذكراته قدمت صوّرا عن وقائع تاريخية كما هو الشأن عن تفاصيل سجنه مع الزعماء الخمسة بفرنسا، كما قدمت صورة غير مسبوقة عن «مطبخ السلطة» من الداخل، في فترتي حكم بومدين والشاذلي، وسلّطت الضوء على نشأة نظام التعليم في الجزائر وعلى أداء قطاع الإعلام في فترة من التاريخ الوطني، خلال توليه لحقيبة الإعلام والثقافة، هو الذي كان يوقّع الافتتاحيات بأسماء مُستعارة ويوجه تعليمات مكتوبة لوسائل الإعلام تحذرها من تضليل المواطنين، كما نقرأ في تعليمة موجهة إلى وسائل إعلام سنة 1972 في شكل تنبيه وتوبيخ بعد نشر أخبار كذّبتها إرساليات مصالح الأمن عن وضعيّات الطرقات خلال اضطراب جوي وبعد نشر روبورتاج عن محطة القطار في العاصمة عشيّة العيد سقطت منه مشاهد التدافع التي خلّفت جرحى، كما قدمت المذكرات مُثقفين كبار تعامل معهم كوزير أو كزميل بشكلٍ غير مألوف وغير شائع.
ويمكن الاطلاع في مذكراته أيضًا، على كواليس الدبلوماسية الجزائرية التي تولى حقيبتها في فترة رئاسة الشاذلي بن جديد التي شغل فيها أيضا منصبًا استشاريا، وقام بمهام حسّاسة كمبعوث خاص ويتعلّق الأمر بفرنسا وبعض الدول العربيّة في مراحل خلافات، نجحت الجزائر في تسويتها من خلال إحراج فاعلين دوليين، حيث تقدّم تفاصيل لقاءات مع الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتيران والملك فهد وصدام حسين ... ونائب الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي اعترف له بأنّ الجزائر، هي الدولة العربيّة الوحيدة التي تقول للأمريكيين نفس الكلام في السرّ وفي العلن، في إشارة إلى أن بعض الدول تقول في السر عكس ما تقوله في العلن.
عاش أحمد طالب الإبراهيمي حياة مكثفة، ولعب عدة أدوار في تاريخ الجزائر ولعل ذلك ما جعله يقدّم العام على الخاص في مذكراته، فقد أحرج وهو طالب طب ألبير كامي الذي رفض دعم نضال الجزائريين من أجل الاستقلال وحمل القضية الجزائرية إلى الصحافة الفرنسية والعالمية، وهو بعد في ريعان الشباب، و أقنعه بومدين بالتخلي عن الطب والالتحاق «بمعركة البناء»، لأنّه كان يعرف نقطة ضعفه، حين «أغراه» باستكمال رسالة والده، كما يعترف في المذكرات، ليعرف بعد ذلك الجزائريون الوزير الشاب الأنيق الذي لم تسرقه دراسة الطب ولا اطلاعه الواسع على الثقافة الغربية من جذورهن متحصّنا بميراث أبٍ، وبوعي مبكّر بالذات وبحركة التاريخ. ثم تقاعد في منتصف خمسينيات العمر، وتحوّل إلى النّضال في موقع آخر، متبنيا أطروحة المصالحة خلال الأزمة الدموية، وداعيّا إلى أخلقة العمل السياسي، بعد ذلك، قبل أن يعلن عن مغادرة السّاحة السيّاسيّة كما فعل رفيقه وصديقه حسين آيت أحمد، ويقدّم شهادته عن الجزائر إلى غاية 2019.
وباختفائه تفقد الجزائر مثقفا وسياسيا من سلالة نادرة، تلخص سيرته مسار البلد.
سليم-ب

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com