أكد الرئس المدير العام لسوناطراك رشيد حشيشي أمس، أن الحديث عن الطاقة في ظل التغيرات العميقة التي يشهدها العالم، لم يعد مقتصرا على وفرتها أو أسعارها، بل أصبح رهينا بالقدرة على جعلها نظيفة وآمنة ومستدامة، ومن أجل هذا يأتي الدور الأساسي للتكنولوجيات الحديثة التي فتحت آفاقا واسعة لإعادة تصور أساليب الإنتاج وأنماط الاستهلاك.
وأوضح رشيد حشيشي في كلمته التي ألقاها أمس خلال جلسة افتتاح الطبعة 13 لمعرض ومؤتمر إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط للطاقة والهيدروجين الذي احتضنه مركز الاتفاقيات بوهران، أن الرقمنة، الذكاء الاصطناعي، والتقنيات المتقدمة لمعالجة البيانات، أصبحت عوامل أساسية لترشيد العمليات وتحسين مردودية الاستغلال الطاقي، كما أن تقنيات التقاط ثاني أوكسيد الكربون وتخزينه واستعماله، أصبحت محور اهتمام رئيسي في صناعة الطاقة، ما من شأنه فتح آفاق حقيقية نحو تخفيض ملموس للبصمة الكربونية في ظل ضمان استمرارية الموارد الطاقية التقليدية، كما أن شعار «تسريع الولوج إلى طاقة الغد والوصول إلى مزيج طاقوي فعال بفضل الشراكة والاستثمار والابتكار والتكنولوجيا « يجسد عمليا طموحا مشتركا يتطلع الجميع لبلوغه، يتضمن أربع مرتكزات أساسية ومترابطة فيما بينها.
ويتعلق الأمر بالشراكة كوسيلة لا غنى عنها لتكامل الجهود وتبادل الخبرات، و الاستثمار بوصفه رافعة لدفع المشاريع وتجسيد الطموحات، و في المقام الثالث فيتعلق الأمر بالابتكار كقوة محركة للتجديد والتطور، أما رابعا فيتعلق الأمر بالتكنولوجيا كأداة لتسريع وتيرة التحول وضمان النجاعة والفعالية.
وركز حشيشي في كلمته على أهمية الاستثمار في تقليص انبعاثات الميثان، باعتباره أحد الغازات ذات الأثر الكبير في ظاهرة الاحتباس الحراري، مشيرا أن سوناطراك جعلت من هذا الهدف محورا رئيسيا ضمن استراتيجيتها البيئية، وهذا انسجاما مع السياسة الجديدة للمناخ التي اعتمدها المجمع والتي تهدف إلى تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية ، معتبرا أن سوناطراك أثبتت قدرتها على أن تكون مزودا أمنا وموثوقا في مجال الغاز الطبيعي للأسواق العالمية، لأن الغاز الطبيعي كطاقة أحفورية، ما زال يحتفظ بمكانته كطاقة انتقالية أساسية توفر مرونة عالية وتَدعم بشكل فعال إدماج الطاقات المتجددة في الشبكات الطاقية وفق المتحدث.
وأضاف الرئيس المدير العام لسوناطراك، أن المزيج الطاقي الذي تتطلع الجزائر إلى تكريسه، يرتكز على مبدأ التوازن بين الحاضر بما يوفره الغاز الطبيعي والنفط من دور محوري في تلبية الطلب عل الصعيد العالمي و ضمان أمن الطاقة، والمستقبل بما يحمله من رهانات مرتبطة بالطاقات الجديدة والمتجددة مثل الهيدروجين وخاصة الأخضر منه والطاقة الشمسية التي تظل خيارا استراتيجيا لتحقيق الانتقال الطاقوي مع الأخذ بعين الاعتبار احتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومتطلبات حماية البيئة، مذكرا الحضور بالإتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم توقيعها خلال الطبعة الماضية لناباك، بين مجمعي سوناطراك وسونلغاز والشركاء الدوليين من أجل إنجاز الدراسات التقنية والاقتصادية عبر سلسلة القيمة الكاملة للهيدروجين من الإنتاج إلى التوزيع وفق غاية تقييم جدوى إقامة مشروع مدمج لإنتاج الهيدروجين الأخضر في الجزائر وتصديره نحو أوروبا عبر محور الممر الجنوبي الثاني «ساوث 2 كوريدور»، مما يعزز مكانة الجزائر في بناء مستقبل طاقوي مستدام.
و عرج حشيشي على تعزيز التعاون الإفريقي في مجال الطاقة والذي يمثل بالنسبة لسوناطراك خيارا استراتيجيا، لتعزيز التنمية المستدامة في بلدان القارة وتقليص الفجوة في الوصول إلى الطاقة الحديثة والآمنة، خاصة وأن الجزائر تعتبر جسرا طبيعيا بين إفريقيا وأوروبا، وتسعى من خلال سوناطراك، لتعزيز تعاونها مع الدول الإفريقية في مجالات الاستكشاف والإنتاج وتطوير البنية التحتية الطاقوية أو في مجالات التكوين والبحث والابتكار، في الوقت الذي تظل دول المتوسط شريكا استراتيجيا بحكم العلاقات التاريخية المترابطة والمصالح الطاقية المتشابكة والمشاريع المشتركة ذات البعد الاستراتيجي طويل المدى.
بن ودان خيرة
