أشرف الوزير الأول سيفي غريب يوم أمس بالمركز الدولي للمؤتمرات››عبد اللطيف رحال››، بالجزائر العاصمة على افتتاح أشغال الطبعة الرابعة للمؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة، الذي ينظم تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، والذي يعد أكبر منصة قارية للابتكار وريادة الأعمال، ومحطة محورية ضمن الأجندة الاقتصادية لإفريقيا، ليواصل الدفع بثبات نحو تموقع الجزائر كفاعل قيادي في بناء اقتصاد المعرفة الإفريقي.
وتأتي هذه الطبعة لتعزيز مسار تصاعدي صنعته الجزائر خلال السنوات الأخيرة، ليس فقط عبر احتضانها المنتظم لهذا المؤتمر منذ 2022، بل أيضا من خلال نجاح باهر حققه معرض التجارة البينية الإفريقية IATF 2025 الذي احتضنته الجزائر قبل ثلاثة أشهر فقط، والذي شكل – وفق ما أكده رئيس الجمهورية – محطة مفصلية أكدت قدرة الجزائر على تنظيم كبرى التظاهرات القارية وقيادة مسار التكامل الاقتصادي الإفريقي.
وسجّل المؤتمر الذي افتتح أمس، مشاركة أزيد من 25 ألف مشارك، وما يفوق 35 وفدًا وزاريا وأكثر من 200 عارض من داخل إفريقيا وخارجها، إضافة إلى 300 خبير دولي في الابتكار والصناعة الرقمية، بحضور رواندا كضيف شرف، ما يحمل رمزية خاصة بالنظر إلى التجربة الرائدة لهذا البلد في التحول الرقمي.
ويؤكد هذا الحضور الضخم – الذي يتزايد سنويا – أن الجزائر نجحت في ترسيخ المؤتمر كـ ‘’موعد لا غنى عنه’’ بالنسبة للمبتكرين والمستثمرين الأفارقة، وفق ما صرح به وزير اقتصاد المعرفة نور الدين واضح، الذي شدد على أن القارة باتت تعتبر الجزائر «منصة استراتيجية» لمستقبل المؤسسات الناشئة.
الحدث الذي يدوم ثلاثة أيام عرف كذلك تنظيم قمة وزارية رفيعة المستوى، إلى جانب جلسات متخصصة وورشات للذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا المالية، وصناعة المحتوى، والبحث العلمي، ومناقشة أفضل السياسات العمومية لاحتضان الابتكار.
ولم يكن الربط بين المؤتمر وإقامة معرض التجارة البينية الإفريقية (IATF 2025) مجرد تذكير بتاريخ حدث سابق، بل جاء كدليل على التحول البنيوي الذي تعرفه الدبلوماسية الاقتصادية الجزائرية، فالمعرض – الذي عرف مشاركة قياسية وأصداء واسعة داخل القارة – كشف قدرة الجزائر على احتضان مبادرات عملاقة، وعلى إدارة ملفات معقدة ترتبط بآفاق التكامل الإفريقي.
وتأتي هذه المبادرة لتسد فجوة كبرى في المنظومة الاقتصادية الإفريقية، حيث تعاني المؤسسات الناشئة غالبًا من نقص التمويل ومن غياب أنظمة تمويلية مرنة. كما أن الجزائر أعلنت – من خلال وزير اقتصاد المعرفة – أن المؤتمر سيشهد إطلاق التمويلات الأولى لصندوق تمويل المؤسسات الناشئة والشباب المبتكر، الذي أُنشئ بقرار من رئيس الجمهورية بعد معرض IATF 2025.
وتواصل الجزائر الدفع بمبدأ «إفريقيا للإفريقيين»، وهو شعار رفعه الرئيس تبون منذ بداية ولايته، وعاد في سياق خطابه بالمؤتمر ليؤكد على التزام الجزائر الثابت بالدفاع عن شراكات إفريقية – إفريقية، وبناء اقتصاد قاري مستقل يعتمد على قدراته الذاتية. ويتميز المؤتمر الإفريقي للمؤسسات الناشئة بأنه لم يعد مجرد تجمع للمبتكرين أو معرض للفرص، بل تحول سنة بعد أخرى إلى منصة لصياغة القرارات القارية.
ويشير تطور الحدث منذ إطلاقه سنة 2022 إلى تحول نوعي في موقع الجزائر. فالبلاد انتقلت من مرحلة تقديم الدعم التنظيمي إلى مرحلة قيادة النقاش القاري حول مستقبل الاقتصاد الرقمي.
ويجدر التنويه إلى أن إحدى أهم إضافات هذه الطبعة هي تسليط الضوء على «الأبطال الأفارقة»، وهم نماذج شباب ومؤسسات تمكنت من تحقيق نجاحات قارية في التكنولوجيا والابتكار.
ويمثل هؤلاء – وفق القائمين على المؤتمر – النواة الأولى لسوق تكنولوجية إفريقية موحدة.
عبد الحكيم أسابع
