السبت 3 ماي 2025 الموافق لـ 5 ذو القعدة 1446
Accueil Top Pub

وصفةٌ إبراهيميّةٌ

بلغت "الفرحةُ" بالتقارب مع إسرائيل في بلدان عربيّة مستويات كاريكاتوريّة،  يمكن رصدها في منشورات "هادفة" على مواقع التواصل الاجتماعيّ أو في وسائل إعلام محليّة لم تكتشف خطاب التسامح فحسب، بل باتت تروّج لإنسانيّة إسرائيل كما هو الحال في قصّة طفل من بلدٍ مطبّعٍ استضافته جمعيّة في إسرائيل لإجراء عمليّة على القلب الذي حيّر داؤه الأطباء في بلده وكلّلت العمليّة بالنّجاح طبياً وصاحبها احتفاءٌ إنسانيٌّ بالمريض أفرح منابر متخصّصة في هجاء "الجيران"، فضلاً عن الإشارة إلى مكاسب آتيّة في الطّريق، بعد التّطبيع، حيث سيجري تلقيح الدوّل المطبّعة بالتكنولوجيا الإسرائيليّة المتطوّرة وحلّ مشاكلها الاقتصاديّة، وفق وصفةٍ صالحةٍ لكلّ الإبراهيميين إلا من أبى واستكبر.
وفي هذه الأجواء التي يسودها التسامح يتمّ إبراز أقليّات يهوديّة خرجت بطقوسها إلى العلن في بلدان عربيّة، بعد عقودٍ من السّريّة و القمع والحيف، وها هيّ، بفضل نسائم السّلام، تصلي وتمتدح الملوك في أغانٍ ارتجلت بالمناسبة !
ثمة اشتغال عميق على صورة الإسرائيلي الذي نجح عسكرياً في احتلال الأرض وتهجير الشعب، لكنّه انهزم أخلاقياً أمام الرأي العامّ العالمي، تتولاه مخابر متخصّصة وتلقي به إلى الفضاء الأزرق و وسائل الإعلام العربيّة التي أصبحت لا تتردّد في توجيه اللّوم للضحيّة الفلسطينيّة في ألطف الحالات، لأنّ الأمر بلغ أحياناً حدود التّسفيه وترديد أطروحة عدوّ الأمس حبيب اليوم، فيما بدأ يتسلّل خطاب البراغماتيّة والمصالح القُطريّة إلى خطاب "المثقّفين العرب"  الذين كانوا إلى وقتٍ قريبٍ يؤمنون بمذهب إدوارد سعيد القائم على "مواجهة القوّة بخطاب الحقّ"، والرّجل بالمناسبة لم يكن معادياً لليهود بل للهيمنة والعدوان، واستطاع إحراج خصومه على مسرح الأفكار العالمي مثلما فعل محمود درويش على المستوى الجمالي و هو يصون الذاكرة ويستعيد حصان أبيه الذي تركه ليؤنس البيت ويحميه من الموت الذي يصيب البيوت إذا غاب سكّانها.
ويتعلّق الأمر هنا بمحاولة من الدولة العبريّة لاستثمار رمزي يحجب على الأقلّ الصورة القاتمة التي رسّخها قتل الأطفال ودهسهم وكسر عظامهم، وإلا ما الذي يدفعها إلى طلب سلامٍ ممّن لا يستطيعون تقويضه؟
ومثلما لا يمكن أن يحجب علاج طفل عربيّ جرائم قتل أترابه فإنّ التّطبيع لن يخرج الفقراء من الفقر ولا المتخلّفين من التخلّف، أما الغناء للطّغاة فلن يبرع فيه اليهود مهما حاولوا لأنّه صنيع لا يتفوّق فيه أحدٌ على أبناء العمومة!
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com