السبت 3 ماي 2025 الموافق لـ 5 ذو القعدة 1446
Accueil Top Pub

خطابُ الامتثال

تدفع الخبراتُ التي راكمها الإنسانُ منذُ خروجه من الغابة واستبداله القفز بالمشي وتنظيم عيشه في تجمّعات، إلى إبداء مشاعر استياءٍ من مظاهر العُدوان.
لذلك، تسقطُ حُجج الغاضبين على المُتعاطفين مع الضّحايا الفلسطينيّين التي لا يستلطفُ أصحابُها الشّوائب الدينيّة أو العرقيّة التي "تُفسد" التعاطف.
قد نفهمُ صرخةَ فيلسوفِ عصره وأوانه برنار هنري ليفي الذي اعتبر التّضامن مع الفلسطينيّين معاداةً للساميّة وعودةً للحقد المكبوت على اليهود، قد نفهمُ تحميله مسؤوليّة ما يحدث لحماس ووصفه لتدمير غزّة بالردّ المشروع على اعتداءٍ من خارج الحدود، كما قال في حوارٍ تلفزيونيّ لام فيه سكّان حيّ الشيخ جراح على عدم الاحتكام إلى العدالة الإسرائيليّة التي لا يُظلم عندها أحدٌ.
قد نفهمُ رفض الفيلسوف ذاته الفصلَ بين الفلسفة و"الجيوبوليتيك"، واعتباره المؤامرات السيّاسيّة التي يُدير بها أشرارُ العالمِ العلاقات الدوليّة فلسفةً و حقّ التدخّل الذي استخدم كذريعة في احتلال دوّل عربيّة، حاصل تطوّر حضاريّ يجعل من حماية الشّعوب التي تُعاني من الدكتاتوريّة حتميّة.
قد نفهم موقفاً كهذا من فيلسوف لا يخفي صهيونيّته، ولا يتردّد في القيّام بدبلوماسيّة الحرب في مناطق الأزمات خدمة لأجندات لم تعد خافيّة على أحدٍ. لكنّنا لن نجد تفسيراً لمواقف قريبة من مُوقفه يلوم أصحابها الضحيّة والمتعاطفين معها، حين تصدر، عن محسوبين على النّخب يقيمون في السّاحل الجنوبي للمتوسّط، استغلّوا المأساة لنشر صوّرهم الشخصيّة ومزاحمة ضحايا القصفِ في بطولةٍ كان يفترضُ أن تُفرد لهم حصراً، لوجاهة فعل الموت وشدّته مقارنة بالرأي، وبغضّ النّظر عن أناقة صاحبه و تموضع أصابعه في لحظة التأمّل الفارقة التي سبقت إصدار تعاليمه للضّحايا حول الطريقة المثلى للموت من غير سوءٍ أو شبهةٍ، أو تحذيره للاعب كرة من خطر التعاطف غير المحسوب الذي قد يؤثر على مسيرته وضرورة تغييره لبوصلة اهتمامه، لاعتقاده، مثلاً، بأنّ محرز "لا يفكّر" ويعوزه الذكاء.
وإذا كان عدم إبداء الموقف حريّة شخصيّة فلماذا يحاول البعض حرمان الآخرين من الحريّة ذاتها عند التعبير عن مواقفهم؟
ثمّة خطاب مركزيّة غربية يُقصي فئة واسعة من سكّان كوكبنا من دائرة الإنسانيّة ويزّين أفعال صنّاع القرار من السّاسة و سُرّاق ثروات الشعوب، كان على المتأمّل أن يفكّكه بل وينتقده أو يتجنّب التماهي معه على الأقلّ.
و إذا كان كثير من تجار الأفكار في الغرب يخدمون استراتيجيات هيمنة لا تسقط الدين من اللّعبة، فأيّ استراتيجيّة ينخرطُ فيها المتأمّل الجنوبيّ المهموم بقيّاس نسبة الدين في صرخة المقاومة؟
نتمنى أن تكون ثمرة الموقف أغلى من وعود كاذبة بالمجد و دعواتٍ إلى معارض الكتب التي يُشرف عليها "يهود المغرب العربي" في الضّفة الشماليّة.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com