السبت 3 ماي 2025 الموافق لـ 5 ذو القعدة 1446
Accueil Top Pub

المحمودُ في الحُريّةِ

تلبسُ الفوضى ثوبَ الحريّة وتنزلُ إلى حياتنا مستدعيّة طقوساً يفترض أنّها اختفت لصالح نظامٍ اقتضاه التطوّر، وتفرضه التشريعات المعاصرة.
لذلك، لا تستغربن إن شُتمتَ لأنّك احترمتَ قانون المرور أو صدمك أحدُهم أو قطع طريقك، لأنّه حرٌّ والبلادُ بلاده يفعلُ فيها ما يشاءُ!
 وعليك بالصّمت إن نصب أحدُهم خيمةً لبيع الخضر أو الأواني عند باب بيتك أو مشواة تحت نافذتك.
وعليك احترام مشاعر الأستاذ وقد أخرج أبناءك من مدارس الجمهوريّة إلى المستودعات لينال حقّه من أجرك، والصّبر على الموظّف الذي لم ينمْ جيداً البارحة والسّائق الذي ينفثُ دخان سيجارته في وجهك ويُرغمك على سماع أغنيّة لا تحبّها.
استفحلَ الأمرُ منذ نحو سنتين، مع هبوب نسائم الحريّة وظهور الوباء، وكأنّنا كنا ننتظرُ حدوثَ أمر لنتخلّص من رصيدنا من المدنيّة ونعود إلى مرحلةِ ما قبل العمران.. و من الغرابة، حقاً، أن يتزامن كلّ ذلك مع مطالب بالتّغيير تلتقي فيها النّخب بالجماهير الحالمة بازدهار لا تكلّف نفسها عناء المُساهمة في أسبابه.
ويبدو أن انفتاح شهيّة المُطالبة أعمى العيون عن رؤية الواقع الاجتماعيّ كما هو و"أجاز" سلوكات شاذّة، تبدأ من عدم احترام قانون السير والاعتداء على الطّبيعة والمحيط، مروراً بانتهاك مواثيق وأخلاقيّات مهن حسّاسة، و إهمال العمل والتوقّف التّام عنه مع التمسّك بعائداته والتّهديد بالانتحار عند الاصطدام بالقوانين، ولا تسأل عن الغشّ والتصريحات الكاذبة، وقد تنتهي عند حملات عُنصريّة باتت تهّدد النّسيج الاجتماعيّ الذي حافظ عليه الجزائريّون تحت الاستعمار وخلال الحرب الأهليّة المدمّرة.
والمخيف في القصّة أن تجد أهازيج "الألتراس" تتردّد على ألسنة أفرادٍ من طبقةٍ متعلّمة يفترضُ أنّها تمتلكُ القُدرة على فحصِ الواقعِ على الأقلّ لتعرف الاتجاه والمؤشرات.
قد يكون ما تقدّم من مظاهر ثقافةٍ كرّستها التوجّهات الاجتماعيّة التي صاحبت البناء الشّاق للدولة الوطنيّة، والتي أنجبت الفرد كثير المطالب فقير الجُهد رافض الفطام، وهي توجّهات مدعوّة للاختفاء بمناسبة الحُريّة، لأنّ الحريّة المنشودة تنتمي إلى منظومة تُحرّر العمل والنّشاط الاقتصادي، أيضاً، وتشترط بالتالي النّجاعة والمهارة والاجتهاد الدائم  وهي سلعٌ بدأت تختفي من السّوق.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com