السبت 3 ماي 2025 الموافق لـ 5 ذو القعدة 1446
Accueil Top Pub

حالةُُ تيهٍ

تعاني "جماهير" الفنون والآداب في الفضاء العربيّ من مُشكلة في التلقي تجعلها تُحوّل صدور كتاب أو عرض فيلم إلى كارثة وطنيّة.

ولا يُستثنى قطاعٌ من الصّحافة من هذا العارض، بعد أن استسلم لقواعد الإثارة التي فرضتها شبكات التواصل وللخطاب الديني المهيمن، وهكذا ظهر رقيبٌ جديد متعدّد الرؤوس يفوق الرّقيب الرّسمي في الشدّة وقد يُعاكسه في الاتجاه، و بموجب ذلك أصبح الكتّاب يُحاسبون على أفعال وأقوال أبطال رواياتهم شأنهم في ذلك شأن المُخرجين والمُمثِّلين.
يتعلّق الأمرُ هنا، بتقهقرٍ اجتماعيٍّ وردّة حضاريّة، فما كان متاحاً وعادياً في خمسينيات القرن الماضي بات محرّما الآن، فيما يستخدم نقادٌ أدوات غير فنيّة في معالجة مسائل فنيّة، كأن تجد من يتحدّث عن عدم مُطابقة أحداث رواية أو فيلم لوقائع تاريخيّة أو يبكي على تشويه قيّم أو يدعو إلى حماية المجتمع من عملٍ فنيّ يُفترض أنّه موجهٌ لإمتاع المتلقي  وذاك شأن الفنّ منذ اهتدى الإنسانُ إلى الاستعانة بخياله الكريم في اختراع "واقع" جديد، عبر لعبة الإبداع التي أخذت تعبيرات مختلفة بمرور القرون والأزمنة.
وليس من المبالغة، تسميّة ما يحدث بالتقهقر والرِدة، لأنّ ازدهار الفنون والآداب عادةً ما يكون مرافقاً لنهضةٍ شاملةٍ، فيما يعبّر الصّمت الإبداعي عن حالة عجزٍ عام تتجاوز الإبداع إلى تدبير الأمور البسيطة، أي نفس الحاجات التي كانت تُرهق الأسلاف الميامين قبل أن تدور عجلة الحضارة وترفع الإنسان إلى ما هو عليه.
قد يستدعي الخروج من هذه الحالة، تحرّك العجلة المذكورة أعلاه في الاتجاه الموجب، مع ما يتطلّبه الأمر من وقتٍ، لكنّ ما يبدو مُستعجلا هو إصلاح أنظمة التعليم بالشكل الذي يمكّن من إعادة بناء الإنسان القادر على استيعاب وتذوّق وهضم طيّبات عصره التي لا تتوقّف عند التكنولوجيا كما يبشرنا بذلك أنبياء العصر، بل تتضمّن الفنون والمعارف المتراكمة والمضغوطة والتي باتت متاحة إلا لمن أبى واستكبر، والتي بإمكانها أن تُحيّن الإنسان وتضعه في مداره الصّحيح  وتنتشله من حالة التيه في المقاهي والشوارع وفي الأساطير والخرافات القديمة  التي يلجأ إليها لتفسير ظواهر طارئة.

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com