السبت 3 ماي 2025 الموافق لـ 5 ذو القعدة 1446
Accueil Top Pub

ما تخفيه الصّدور

كان يكفي أن تكسر نجمات سينما جدار الصّمت حتى يبدأ التداعي الحرّ، ويكتشف العالم ظاهرة لا دين ولا عرق لها، تضرب كوكبنا و لا فرق في مُمارستها بين سكان مدن الزّجاج و القبائل الطارئة على المدنيّة.
ظاهرة “نجحت” في توحيد الإنسانية، إلى درجة أنها جمعت بين منتجٍ هوليودي وضع منصّة لإطلاق النّجمات في فندقٍ وداعيّة إسلامي في أوروبا يحاول البرهنة لمريداته أنه أحلى في الواقع من صورته في التلفزيون وكبير أطبّاء في فرنسا يدعو طبيبات إلى الجلوس على ركبتيه.
بدأ الأمر بتحقيق لصحيفة «نيويورك تايمز» ممارسات المنتج السينمائي هارفي واينستين و سلّط الضوء على مسيرة ثلاثة عقود من التحرّش بممثلات وعاملات في شركة الإنتاج، ودفعت الفضيحة المُنتج إلى الاعتذار العلني والاعتراف بأنه مريض نفسيا، وامتدت ألسنة اللّهب، هذا الأسبوع، إلى المخرج جيمس توباك الذي يواجه نحو أربعين امرأة بتهمة مقايضة نزواته بالأدوار.
و سرعان ما "تعولمت" إدانة التحرّش، حيث صرّحت إيزابيل عجاني أن رجال السينما في فرنسا يتعاملون مع نسائها كعاهرات، قبل أن تتدخّل وزيرة الصحة الفرنسية، وهي أستاذة في الطب، لتؤكد أنها تعرضت في مسيرتها المهنيّة لسلوكات غير لائقة كأن يدعوها رئيس مصلحة إلى الجلوس على ركبتيه، وحثت الوزيرة الرجال على مشاركة النساء في الثورة على التحرّش في بلد تقول أحدث استطلاعات الرأي أن ثلاثة وخمسين من نسائه  تعرضن للعنف الجنسي أو التحرّش، وتسقط نخبه السياسية في قصص قاتلة، أشهرها قصة الفيل الاشتراكي الذي ضيّع الطريق إلى الإليزي بسبب عاملة نظافة وآخرها حكاية تحرش بطلها نائب في الأغلبية الحاكمة.
الظاهرة تحوّلت في الأيام الأخيرة إلى خبز يومي للصحافة العالمية، ويبدو أن العالم في حاجة إلى مراجعة الدفاتر القديمة للطبيب النمساوي الأكبر وكاشف أسرار النفوس الذي بيّن كيف يوجه "الليبيدو"بني البشر في كلّ الأمكنة و الأزمنة.
وقبل اعترافات مُمثلات هوليود التي هزّت الغرب، بسنوات طويلة، كانت عالمة الاجتماع العربية الكبيرة فاطمة المرنيسي قد كشفت في كتابها “شهرزاد ترحل إلى الغرب” أنه لا فرق بين الرجل الغربي وشقيقه العربي في النظرة إلى المرأة، أي في اختزالها إلى موضوع جنسي، وفق ما توصلّت إليه وهي تضع مثقفين غربيين تحت التجربة.
 لكن الفرق يبقى واضحًا بين مجتمعات تسلّط الضوء على الظواهر المشينة وتدينها و أخرى تبقيها في الظلام ، كما هو شأن المجتمعات العربية( مع ضرورة استثناء تونسيات خرجن إلى الشارع تنديدا بالظاهرة ذاتها في وسائل النقل) ولنا أن نتصوّر ماذا سيحدث لو تحرّرت ألسنة النساء العربيات و أخرجن إلى العلن ما تخفيه الصّدور.
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com