السبت 3 ماي 2025 الموافق لـ 5 ذو القعدة 1446
Accueil Top Pub

«هذا شاعر»!

بقليل من الشّعر يكتسبُ الشاعرُ اسمه وصفته، مالك حداد مثلا. خالد بن صالح بكلّ تأكيد.
لا يتأخر الشعر في الإشارة إلى صاحبه. لا ينفع الإصرار. لا ينفع الصّراخ، فمن جملة غريبة واحدة يُرى الشاعر.
بثلاثة دواوين ألقاها في صمت وهدوء صار الشاعرُ شاعرا مكتمل الملامح و مُعفى من تقديم المزيد، لولا أن "الأشياء التي تتأخر في أن تصير عادية لأسباب واهية" تستدعيه كي تستكمل انتسابها إلى العالم لغة، بعد أن عانت من قلّة الانتباه خارجها، لولا أن ما ألقاه يشعلُ عطشا إلى ما يليه  ويعلي سقف الانتظار.
لم يكن في حاجةٍ إلى مدنٍ كثيرة، كانت الحياة المتاحة تكفيه كي يُشعل النار و يطلق أشباحه العابثة، و لم تكن «الأشياء العادية» وحدها التي تحتاج طفل «الديس» الذي أنضج نفسه بنفسه، بل كان الشعر في حاجة إليه و قد عانى من ردّة صاحبت الموت المجاني الذي زرعه الرّعاة  في الأقاليم، في السنوات المجنونة، التي رسمها  وحماها من خطابة راجت في الجسد الشعري الجزائري، ومثلت انتكاسة صاحبت الانتكاسة العامة، كأن سوء التدبير الذي أجاب بالحرب على مشكلات طارئة شقيق خلل في الذائقة يوجه ضحاياه إلى الجرار العتيقة كلّما دعتهم حاجة إلى الابتكار.
وصل  خالد بن صالح في الوقت المناسب، وشكلّ مع قلّة حساسيّة جديدة، وضعت النصّ الجزائري في عصره، متجاوزة  النقاشات السائدة عن الشعر، وكان مسلّحا بأدوات غير متوفرة لأبناء جيله: لغة غير قابلة للعطب، ثقافة بصريّة ورثها عن سوابقه التشكيلية، خلفيّة شعرية متعدّدة لا تبحث عن نسب تعتدّ به، نزعة سرديّة تتغذى على الرواية والسينما، معارف تسند اللغة، عفويّة معصومة من زلّات العفويين، وعي بغربة الشعر...
هكذا حفر الشاعر مجراه ، ويقول اليوم أنّه متخفّف من العالم، يقرأ الكتب ويشاهد الأفلام، في انتظار نموّ مدن قابلة للاحتراق ومشاريع جثث، في انتظار مطر يعيد الحياة إلى الوادي الصامت في بلدته والصخب المكتوم في لغته. لا يستعجل خالد بن صالح الشعر. لا يذهب إليه، كآدم كبير يعرف متى يأكلُ التفاحة.
سليم بوفنداسة

 

المزيد من الأعمدة

حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com