
• 2500 إلى 3000 إصابة جديدة بسرطان الرئة سنويا
تؤكد رئيسة مصلحة السرطان بمركز «بيار وماري كوري»، البروفسور أسماء قربوعة، أن سرطان الرئة يصنف اليوم، ضمن قائمة أكثر السرطانات فتكا وانتشارا في الجزائر، في ظل تزايد الحالات سنويا وتأخر غالبية المرضى في الوصول إلى التشخيص. وبين ضغط الحالات وتطور البروتوكولات العلاجية، توضح أن المركز يعد مرجعا وطنيا في علاج هذا المرض، خصوصا في ظل المعطيات الجديدة التي تتعلق بتوظيف الذكاء الاصطناعي لتحسين ظروف الرعاية و التي ستتضح تفاصيلها مع بداية السنة القادمة.
حاورتها: إيمان زياري
النصر: كيف تصفون واقع سرطان الرئة في الجزائر وما طبيعة منحنيات الإصابة حاليا؟
- البروفسور أسماء قربوعة: وفقا لأجدد إحصائيات السجل الوطني للسرطان، يأتي سرطان البروستات في المرتبة الأولى من حيث عدد الإصابات عند الرجال، متبوعا بسرطان الرئة الذي يعرف إحصاء 3448 حالة مستجدة، ومن ثم سرطان القولون والمستقيم.
وقد عرف هذا الترتيب تغيرا في السنوات الأخيرة، بتقدم أنواع وتراجع أخرى، إذ تشير الإحصائيات إلى أن سرطان القولون والمستقيم كان متصدرا، يأتي بعده سرطان الرئة وفي الأخير البروستات. لكن المعطيات تغيرت سنة 2023، وبات سرطان البروستات الأكثر انتشارا بـ 3592 حالة، يليه سرطان الرئة بـ 3448 حالة، والقولون والمستقيم بـ3441 حالة.
هل هنالك فوارق مسجلة بين المدن الكبرى والمناطق الداخلية والجنوب؟
- فعلا سجلنا اختلافا في الإصابات بين منطقة وأخرى في الجزائر، فقد بلغ عدد المصابين بين الرجال في منطقة الوسط 8627 حالة جديدة لكل السرطانات، وفي الشرق 11274 حالة جديدة بين الرجل، وفي الغرب 4815 حالة جديدة بين الرجل.
ويرجع سبب الاختلاف إلى الكثافة السكانية العالية بمنطقة الشرق، إلى جانب أن سجل السرطان خاصة بمنطقة سطيف يجري الإحصائيات بطريقة مستمرة.
الرجال أكثر إصابة بسرطان الرئة ومنطقة الشرق تحصي أعلى النسب
النصر: أي الفئات من حيث السن والجنس تعد الأكثر عرضة للإصابة بسرطان الرئة في الجزائر؟
- الرجال بسن 56 هم الأكثر إصابة برسطان الرئة، أما النساء فيأتين في مراتب متأخرة بالنسبة لهذا المرض، علما أنهن يشكلن النسبة الأكبر في سرطانات أخرى كسرطان الثدي، والقولون والمستقيم، والغدة الدرقية وعنق الرحم والمبيض.
بالمقارنة مع دول الجوار في المنطقة المتوسطية، أين تقف الجزائر من حيث معدلات الإصابة؟
- في الجزائر سجلنا 56139 حالة جديدة في جميع أنواع السرطانات بين نساء ورجال وذلك حسب إحصائيات 2023، أما السنة التي سبقتها فكانت الأرقام تشير لحوالي 54 ألف حالة جديدة. وقد سجلنا تزايدا في الإصابات لأن الإنسان الجزائري يعيش حياة أطول من جهة، وأيضا لتطور وسائل الكشف التي أصبحت متاحة للجميع.
مقارنة بالدول المجاورة، نجد أن تونس سجلت في نفس السنة 10880 حالة جديدة، علما أن هناك مناطق في ليبيا وحتى في تونس كذلك لا تتوفر على دفاتر إحصاء.
على صعيد دولي، سجلت كندا 292 ألف حالة، وأمريكا 2 مليون حالة، وفرنسا 433 ألف حالة جديدة خلال سنة 2022، ما يجعلنا نعتبر أنفسنا في المنطقة الوسط بين باقي الدول.
التدخين السبب الرئيسي والمباشر لهذا المرض الخبيث
التدخين معروف كعامل أساسي، لكن ماهي العوامل الأخرى التي تسبب انتشار المرض في بلادنا؟ وهل للتلوث الصناعي والهوائي دور فعلي في ذلك؟
- التدخين هو السبب الرئيسي والأول للإصابة بهذا المرض الخبيث، وذلك لأنه مسؤول عن 8 من أصل 10 حالات. هناك أيضا عوامل أخرى مثل التلوث، دخان السيارات ومادة الأميونت في بعض الأحيان التي لا نراها وأنا أركز كثيرا على التدخين لأنه من الممكن محاربته لأنه سبب هذا المرض فضلا عن سرطان البلعوم، وحتى الأذن والحنجرة.
وماذا عن العامل الوراثي؟
- العامل الوراثي موجود في جميع السرطانات، ويمثل ما بين 5 إلى 10 بالمائة من الإصابات، إلا أن غالبية الإصابات بسرطان الرئة لا ترتبط به.
أعراض سرطان الرئة قد تعيق عملية الكشف المبكر عنه
من الناحية الطبية، ما هي أبرز الصعوبات التي تواجه الأطباء في تشخيص سرطان الرئة في مراحله الأولى؟
- أبرز الصعوبات التي تواجه الأطباء في تشخيص سرطان الرئة، هي طبيعة المرض، لأنه يمس المدخنين وله أعراض يومية تتمثل في التهاب القصبات الرئوي المزمن، إذ يفرز المريض فضلات صباحا مع سعال وقد يستمر الأمر طوال اليوم، كما تحمل الإفرازات أحيانا بعض الدم، مع آلام في الصدر وصعوبة في التنفس، وهي أعراض يجب على المدخن الانتباه لها و تستوجب الفحص للتأكد، وهذا مالا يقوم به المدخنون عادة.
كيف يمكن الكشف المبكر عن سرطان الرئة؟ وما هي العلامات التحذيرية؟
- من غير الممكن الكشف عن المرض لأي كان، فقد أصبح الكشف المبكر يستهدف الأشخاص المدخنين بنسبة كبيرة، إذ يخضعونهم للفحص بأشعة أقل من أجل البحث عن صورة للأورام ثم تشخيصها إن كانت تمثل بداية للسرطان أم لا، وبهذا يمكننا القول إنه لا يوجد كشف مبكر عن المرض ولذلك لابد من الوقاية الأولية لتفادي التدخين.
ما هي الطرق المتاحة حاليا للتشخيص المبكر؟
-التشخيص يكون من خلال جهاز المسح الطبي «سكانير» بأشعة أقل كما يجري حاليا استغلال الذكاء الاصطناعي لتحليل الصورة، من أجل الحصول على دقة أكبر وتفاصيل يمكن لها أن تظهر مؤشرات السرطان. وفي هذا المجال، تم إبرام اتفاقية بين وزارة الصحة الجزائرية ومخبر «آسترا زينيكا» من أجل دمج الذكاء الاصطناعي في هذه الفحوصات التي ستوزع عبر بعض المستشفيات والمراكز لكل من يجري فحص الأشعة السينية للصدر، لرصد ظهور السرطان من عدمه، علما أن كل الإجراءات قد تم القيام بها وينتظر أن تنطلق العملية بداية سنة 2026.
ما هي الإجراءات الرئيسية التي ينبغي اتخاذها لتحسين معدلات التشخيص المبكر وتقليل وفيات سرطان الرئة في الجزائر؟
- هذه الاتفاقية من بين أهم الإجراءات لتحليل البيانات الناتجة عن فحوصات الأشعة بالنسبة لسرطان الرئة، وتعتبر خطوة كبيرة من شأنها أن تطور عملية التشخيص، إضافة إلى أهمية محاربة التدخين، كما يجب مرافقة ومساعدة المدخنين للإقلاع عن السجائر من خلال تكثيف الفحوصات والمتابعات الطبية لهم.
أنت عضو في لجان خبراء تابعة لوزارة الصحة معنية بوضع سياسات الكشف المبكر وتحسين رعاية مرضى السرطان، إلى أي مدى تساهم السياسات الحكومية في تعزيز عمليات الكشف المبكر عن هذا المرض أو غيره من السرطانات والتكفل بالمرضى؟
- فيما يتعلق بسرطان الرئة، فقد عرف الكثير من التطور ونحن في الجزائر لا ننكر أننا عانينا في البداية، لكن خلال السنوات الأخيرة أصبحنا نملك العديد من مخابر التشخيص ونوجه المرضى، ونبحث عن الحالات التي تحتاج للدواء المناعي، كما نمتلك الأدوية وبإمكاننا علاج سرطان الرئة حسب المؤشر الحيوي أو الطفرة الجينية التي تساعد في فهم سبب المرض وتحديد العلاج الموجه المناسب.
نلمس تحسنا في الحالات من خلال الأرقام المسجلة لدينا، فقد كنا نستقبل ما بين 70 إلى 80 بالمائة من الحالات في مراحل جد متقدمة، أما في أواخر هذه السنة، فانخفضت النسبة إلى 50 بالمائة من الحالات متقدمة والحالات التي كانت في بدايتها في حدود 2 بالمائة فقط، إلا أنها ارتفعت إلى 10 %، وهو تحسن مهم.
13 % من تلاميذ الطور المتوسط يدخنون
أي إستراتيجية مستقبلية من شأنها أن تساهم في إنقاذ الأرواح وتقليل تكاليف العلاج مستقبلا؟
- الإستراتجية الأهم في نظري، هي محاربة التدخين والتبغ بكل أشكاله سواء سجائر التبغ، أو سجائر إلكترونية، أو شيشة وغيرها، فكلها تحتوي على مواد مسرطنة. والأطفال أكثر عرضة لهذا الخطر فهم يبدؤون بشراء السجائر لآبائهم ثم يتحولون إلى مدخنين، وأعلمكم أن 13% من المتمدرسين في المرحلة المتوسطة يدخنون من 6 إلى 7 سجائر في اليوم، وهم أطفال تتراوح أعمارهم بين 11 و 14 سنة، وهذا واقع خطير جدا، وأرى بأن الحل الوحيد لتقليص الإصابات يتمثل في محاربة التدخين.
ما الذي تقومون به حاليا من أجل تقليل عدد الإصابات بسرطان الرئة؟
- قمنا ومازلنا نقوم بتكوين الأطباء العامين، من خلال دورات متتالية في الكشف عن السرطان، ولدينا برنامج خاص حول سرطان الرئة، وذلك لتسهيل تحديد الإصابة أو الشك فيها من خلال التعريف بالأعراض خاصة إذا كان الشخص مدخنا، لتحديد ما إن كانت الحالة تستوجب فحوصات دقيقة ومتخصصة قد تساعد في كشف الحالة في مراحلها الأولى.
لابد أيضا من التوعية والمراقبة خاصة في وسط الأطفال بالمؤسسات التربوية، كما أن الاتفاقية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي ستساعد بشكل كبير في اكتشاف حالات مبكرة، وتحدد المرض في المراحل الأولى لرفع نسب الكشف عنه من 10 إلى 15 بالمائة بفضل هذه التقنية.
تشغلين منصبا مهما وحساسا بمركز «بيار وماري كوري»، هل لنا أن نعرف عدد الحالات التي يستقبلها ويتابعها المركز، وكيف تسير المصالح هناك؟
- مركز «بيار وماري كوري» هو أول وأكبر مركز لعلاج ومكافحة أمراض السرطان في الجزائر، نستقبل سنويا ما بين 2500 إلى 3000 حالة جديدة، إضافة إلى الحالات القديمة التي تتابع العلاج.
تضم المصلحة 7 وحدات، وكل وحدة مختصة في سرطان معين، مثلا وحدة سرطان الثدي، وسرطانات الجهاز الهضمي، ووحدة سرطان الأنف الأذن والحنجرة، وكذا الأعصاب والدماغ، ووحدة سرطانات النساء كعنق الرحم، المبيض وغيرها. ويسير كل وحدة مختص في مجاله،.
لدينا أيضا موقع إلكتروني خاصة بالمركز، يساعد في التواصل بين الإدارة والمرضى، وتنشر عبره أعمال البحث الخاصة بالمرض، كما تضم المصلحة مخبر بحث يقوم بأعمال ومشاريع بالتعاون مع وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي. إ.ز