أثبت المنتخب الوطني للسيدات في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2024، أنه منتخب للمستقبل، بعدما بصم على مشاركة مشرفة وواعدة توّجها ببلوغ الدور ربع النهائي للمرة الأولى في تاريخه، من دون أن تتلقى شباكه أي هدف في أربع مباريات كاملة، ورغم الإقصاء المؤلم أمام غانا بركلات الترجيح، إلا أن الأداء العام والمستوى الفني العالي يُنبئان بولادة جيل قادر على رفع سقف الطموحات في الاستحقاقات القادمة، وعلى رأسها «كان 2025» ومونديال البرازيل 2027، حيث أصبح الحلم العالمي هدفا مشروعا بعد المشاركة الايجابية، والظهور اللافت في هذه النسخة.
دفـاع فولاذي يقود إلى مجد غير مسبوق
دخلت زميلات المتألقة كلوي نقازي، أفضل حارسة في دوري المجموعات البطولة القارية برغبة جامحة في قلب الموازين، وهو ما تجسد عبر منظومة دفاعية متماسكة وروح جماعية عالية، بقيادة الثنائي المحوري غيلاتي ودافور، وعدة لاعبات ينشطن في أندية أوروبية مرموقة، ونجحت كتيبة المدرب فريد بن ستيتي في فرض الانضباط التكتيكي الكامل طيلة أطوار المباريات الأربع، دون أن تتلقى أي هدف، وهو رقم مميز، يعكس حجم التطور في الجانب التنظيمي والدفاعي.
وقد راهن المنتخب الوطني على الصلابة الجماعية في الخط الخلفي، والذكاء في غلق المساحات، ما صعب من مهمة المنافسين، خاصة في ظل تألق اللاعبة لينا بوساحة في استرجاع الكرات ونقل الهجمات.
هجوم باهت عكّر المشوار المثالي
ورغم الحضور القوي دفاعيا، إلا أن العقم الهجومي شكّل النقطة السوداء في مشوار سيدات الخضر خلال هذه النسخة، فباستثناء هدف وحيد وقعته غوتية كرشوني في المباراة الافتتاحية أمام بوتسوانا، لم تتمكن زميلاتها من الوصول إلى الشباك في المواجهات الثلاث الأخرى، وهو ما قلص من فرص المنتخب الوطني النسوي، في تجاوز الدور ربع النهائي.
وكانت كرشوني، التي سبق لها اللعب مع إنتر ميلان الإيطالي، صريحة في تقييمها بعد الإقصاء، حيث قالت في تصريحات لوسائل الإعلام: «علينا أن نتحسن هجوميا...في لحظة كنت أمام فرصة للتسجيل، لكني فضلت التمرير للينا بوساحة، لقد كان عليّ أن أتحمل المسؤولية، وسأتعلم من هذا الدرس للمستقبل».
غياب الخبرة الهجومية وبوهني الحاضر الغائب
ويبدو أن غياب المهاجمة المخضرمة نعيمة بوهني عن التشكيلة، بسبب معاناتها من الإصابة، ربما ساهم بشكل كبير في ضعف الفعالية الهجومية، إذ أن اللاعبة التي شاركت في خمس نسخ من «الكان» وسجلت 36 هدفا في 61 مباراة، كانت قادرة بخبرتها وحسها التهديفي على ترجيح كفة الجزائر في مباريات مغلقة، كالتي لعبت أمام غانا.
ورغم ذلك، استطاع المدرب بن ستيتي أن يُكوّن مجموعة صلبة من اللاعبات الشابات المحترفات، وهو ما مكنه من تقديم أداء جماعي لافت، تُوّج بالتأهل لربع النهائي دون تلقي أي أهداف، وهي سابقة تاريخية.
مشاركة ايجابية تُبنى عليها آمال المستقبل
واللافت في مشاركة سيدات الخضر في هذه النسخة، هو الحضور الاستثنائي للاعبات محترفات في أفضل الأندية الأوروبية، وهو ما يشير إلى توفر مجموعة متميزة من حيث التكوين والاحتكاك الدولي، وهذا الجيل، وإن فشل في بلوغ نصف النهائي، إلا أنه كسب احترام الجميع، وسيكون أكثر جاهزية للمواعيد القادمة، وعلى رأسها «كان 2025»، والمؤهلة بدورها إلى مونديال البرازيل 2027.
ومما لا شك فيه، هو أن ما حققته سيدات الخضر في نسخة 2024 ليس نهاية مشوار، بل انطلاقة نحو منافسة أكبر على الألقاب
القارية. سمير. ك
