كانت نهاية النسخة 20 لبطولة الجهوي الأول لرابطة عنابة بإنجاز تاريخي لأمل بئر بوحوش، الذي سرق الأضواء بصعوده إلى قسم ما بين الجهات، بعد موسم استثنائي، كان قد قدم خلاله أوراق الاعتماد كواحد من أبرز المرشحين للتنافس على تأشيرة الصعود، فحقق المبتغى عند خط الوصول، ليبقي على اللقب في ولاية سوق أهراس للموسم الثاني على التوالي، بعدما كان جاره اتحاد سدراتة قد كسب الرهان قبل سنة، ويصبح الأمل رابع فريق من الولاية 41 ينجح في التتويج بلقب بطولة الجهوي الأول لرابطة عنابة منذ اعتمادها في سنة 2003، بعد كل من وفاق سوق أهراس وشباب حمة لولو منذ نحو عقدين من الزمن، وكذا سدراتة.
قراءة: صالح فرطاس
اعتلاء أمل بئر بوحوش منصة التتويج كان بتقدير «ممتاز»، لأن المحافظة على مشعل القيادة على مدار 28 جولة يبقى أبرز مؤشر على جدارة الصعود، رغم أن الطريق لم يكن مفروشا بالورود، حيث بقيت هوية البطل مجهولة إلى غاية آخر لحظة من البطولة، و»السيسبانس» تواصل بريتم عال، في ظل المطاردة اللصيقة من اتحاد عمار، فكان الانتصار في تبسة على حساب الوفاق المحلي الخيار الحتمي والوحيد لتأشير ملف الصعود في آخر مقابلة من الموسم.
واللافت للانتباه، أن إنجاز أبناء بئر بوحوش لم يتخلف كثيرا في معطيات مع ذلك الذي كان قد حققه الجار اتحاد سدراتة الموسم الفارط، وهذا في وجود بعض القواسم المشتركة، انطلاقا من الرصيد النقطي الإجمالي، الذي بلغ 75 نقطة، مرورا بتلقي كل فريق هزيمة واحدة على مدار موسم كامل، ولو أن هذا الأمر تكرر للسنة الثالثة تواليا في جهوي عنابة الأول، وصولا إلى هوية المدرب الذي بصم على تأشيرة الصعود، لأن الأمر يتعلق بالتقني القالمي السعيد مرزوق، الذي كتب إسمه بأحرف من ذهب في سجل بطولة الجهوي الأول، على اعتبار أنه أصبح أول مدرب ينجح في قيادة فريقين لتحقيق الصعود إلى قسم ما بين الجهات لموسمين متتاليين، واحتفظ بالتالي باللقب.
إلى ذلك، فإن سباق الصعود كان بريتم سريع جدا، لأن الانطلاقة كانت قوية من عدة فرق، في صورة جيل طاشة، أمل بئر بوحوش، أولمبي بومهرة وفرفوس بئر العاتر، لكن مع نهاية مرحلة الذهاب خرج الجيل من الرواق، وأصبحت المعادلة رباعية الأطراف، في وجود العديد من المنعرجات الحاسمة والهامة، والتي كلفت «الفرفوس» رهن حظوظه في المواجهة المباشرة التي جمعته مع سيدي عمار، رغم أن أبناء «العاتر» كانوا قد نجحوا في وضع بصمتهم بصورة جلية، من خلال إرغام البطل بئر بوحوش على التنازل عن نقطتين بملعبه، وهو التعثر الوحيد للأمل داخل الديار طيلة الموسم، كما أن أولمبي بومهرة اضطر إلى رفع الراية البيضاء في آخر منعرج من السباق، عقب الهزيمة التي تلقاها في سيدي عمار، مما يعني بأن محطة حجار الديس كان «مفصلية» إلى حد كبير في أمر اللقب بالنسبة لكل الفرق، مادام اتحاد سيدي عمار يبقى الفريق الوحيد الذي حصد الزاد كاملا في معلقه، ولم يفرط في أي نقطة، وقد كان أمل بئر بوحوش من ضحايا ملعب بلادة عمار، أين مني بهزيمة في وقت قاتل، كانت الوحيدة له طيلة المشوار.
«سيسبانس» الصعود بلغ الذروة في آخر جولات البطولة، سيما بعد حادثة ملعب «بومهرة»، والتي كسب فيها أمل بئر بوحوش 3 نقاط على البساط، كان لها وزن كبير في تحديد هوية البطل، ولو أن منعرج الحسم كان بملعب سويداني بوجمعة، لأن جيل مجاز عمار كان بمثابة «الحصان الأسود» للسباق، بعدما تعادل مع الثنائي المتنافس على ورقة الصعود، الأمر الذي كان كافيا لتنصيب وفاق تبسة في خانة «الحكم» في آخر جولة، ليظفر أمل بئر بوحوش بالتذكرة، ويحقق انجازا تاريخيا، كانت الصلابة الدفاعية خارج الديار من أهم مفاتيحه، لأن الحارس العابد لم يتلق سوى هدفين في 15 مباراة لعبها الفريق بعيدا عن بئر بوحوش، وكانا في سيدي عمار وبرحال، وهو رقم ساهم بشكل كبير في اعتلاء منصة التتويج، في ظل النجاح في حصد 43 نقطة بملعب بركاني، وحسن التفاوض في السفريات.
سقوط «الزناتية» كرّس تراجع الأندية القالمية
على النقيض من ذلك، وإذا كانت أفراح الصعود قد أقيمت بإقليم ولاية سوق أهراس للسنة الثانية على التوالي، فإن «النكسة» كانت بولاية قالمة، إثر تجرع شباب وادي الزناتي مرارة السقوط إلى الجهوي الثاني، في «سيناريو» مستنسخ من مخلفات الموسم المنصرم، لأن شباب هواري بومدين ونجم تاملوكة كانا قد غادرا الجهوي الأول منذ سنة، ليلحق بهما الجار شباب وادي الزناتي، ولو في مشهد أكثر «دراماتيكية»، لأن «الزناتية» لهم تقاليد في هذا القسم، ونشطوا فيه لفترة طويلة، منذ جهوي قسنطينة، إلا أن الأزمة المالية التي عاش على وقعها النادي كبدت الفريق فقدان مكانته في الجهوي الأول، بعد مشوار متذبذب، كانت انطلاقته كارثية، رغم التمسك ببصيص من الأمل في الثلث الأخير، غير أن الرزنامة لم تكن رحيمة ب «الزرقاء»، فكان الانهيار في بوشقوف وبئر بوحوش كافيا لترسيم النزول، كزبون وحيد على متن القطار المؤدي إلى الجهوي الثاني، بالنظر إلى وضعية ممثلي رابطة عنابة في قسم ما بين الجهات، ونجاتهم من السقوط.
سقوط شباب وادي الزناتي، لا يحجب الرؤية عن المعاناة التي عاشتها فرق أخرى، صارعت من أجل البقاء لموسم آخر في الجهوي الأول، منها شباب هيليوبوليس ونجم بوشقوف من ولاية قالمة، ولو أن «البوليس» عاني كثيرا من مشكل الملعب، بعدما اضطر إلى استقبال ضيوفه ببن جراح طيلة الموسم، كما كان أولمبي الطارف من أبرز أطراف معادلة السقوط، ونجا في الجولة ما قبل الأخيرة، والأمر ذاته ينطبق على شباب الذرعان، الذي كاد أن يدفع «فاتورة» انهياره الكبير في مرحلة الإياب، لولا الانتفاضة التي كانت أمام كل من وادي الزناتي، طاشة والبوني، في الوقت الذي اكتفى فيه بعض الزبائن التقليديين بالمراهنة على عنصر الشبان في مرحلة الإياب، على غرار جيل طاشة، حمراء عنابة، وفاق سوق أهراس ووفاق تبسة، لأن الخروج من كل الحسابات في بداية مرحلة الإياب أجبر مسؤولي هذه الأندية على تغيير الأهداف، بعد تبخر حلم الصعود.
ص / ف
أرقـــــــــــــــــــــــام مـــــــــــــــــــــــن الموســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم
عرفت البطولة إجراء 240 مقابلة، كان فيها الفوز على البساط مرتين، لصالح أمل بئر بوحوش ووفاق تبسة في بومهرة والذرعان تواليا، بسبب حادثتي تعرض الحكام لاعتداءات جسدية..
تساوي البطل أمل بئر بوحوش ووصيفه اتحاد سيدي عمار في عدد الانتصارات المحققة، وذلك بإحراز كل فريق 23 فوزا، لكن الفارق الذي حسم في أمل الصعود كان تعادل وحيد، لأن الاتحاد انهزم في لقائين، بينما تجرع الأمل مرارة الهزيمة مرة واحدة.
شهدت المنافسة تسجيل 188 حالة فوز، من بينها 134 داخل الديار، والبقية كانت من نصيب الزوار، ولو أن الملفت للانتباه أن تألق الضيوف تراجع بشكل ملحوظ في مرحلة الإياب، بإحرازهم 19 انتصارا فقط، بعدما كانت حصيلتهم في الذهاب 35، من أصل 39 فوزا محققا في النصف الأول من الموسم.
ارتفعت حصيلة الأهداف في مرحلة الإياب من البطولة إلى أعلى المستويات، خاصة في الجولة 29، والتي شهدت اهتزاز الشباك في 51 مناسبة، فكان الحصيلة الإجمالية للموسم 770 هدفا، من بينها 448 في الإياب، مع نجاح الضيوف في تسجيل 282 هدفا.
أكبر عدد من الأهداف كان في مباراة البطل أمل بئر بوحوش والفريق النازل شباب وادي الزناتي، والتي كانت قد انتهت بنتيجة (8 / 2)، ولو أن شباب هيليوبوليس انهار بالقوة الثامنة في مناسبتين ببئر العاتر وسيدي عمار، في حين تلقى وفاق سوق أهراس سباعية في بومهرة، بعدما كان الوفاق قد سبق له وأن دك شباك نجم بوشقوف بنفس الحصيلة.
ص / ف