شهدت أسعار فاكهة الدلاع الموسمية بولاية الطارف انهيارًا غير مسبوق، حيث تراجعت إلى أدنى مستوياتها، مسجلةً 100 دينار فقط للحبة التي يتجاوز وزنها 5 كلغ، بينما انخفض سعر الكيلوغرام إلى أقل من 20 دينارًا.
وأكد منتجون في تصريحات لـ«النصر» أنّ هذا الموسم شهد وفرة غير مسبوقة في إنتاج الدلاع، نتيجة توسعة المساحات المزروعة بعد إقبال عدد كبير من الفلاحين والمستثمرين وحتى الخواص على هذا النشاط الزراعي، نظرًا لتكاليفه المنخفضة ومردوديته العالية. غير أن الإنتاج فاق كل التوقعات، ما تسبب في أزمة تسويق وكساد كبير للمحصول، الذي يُعرض يوميًا بالقناطير على متن الجرارات، خاصة في مناطق بوثلجة، بالريحان، القالة والطارف، دون أن يلقى إقبالًا من تجار الجملة أو التجزئة.
وقد أدى هذا الوضع إلى تلف كميات كبيرة من المحصول. وأوضح عدد من المنتجين أنهم اضطروا لخفض سعر الجملة إلى 20 دينارًا للكلغ على أمل تسويق محاصيلهم المعروفة بجودتها، إلا أن ذلك لم ينجح في استقطاب التجار .
واضطر البعض إلى ترك كميات كبيرة من الفاكهة مرمية على حواف الطرقات، وتوقفوا عن جني المحصول من المزارع تفاديًا لمزيد من الخسائر وتكاليف العمالة، فيما لجأ آخرون إلى تحويل كميات من الدلاع إلى علف للحيوانات (الأبقار) في ظل أزمة التسويق التي يعيشونها.
وطالب المنتجون السلطات الوصية بمرافقتهم من خلال وضع تحفيزات لولوج الأسواق الخارجية وتصدير الفائض من الإنتاج الذي يتميز بجودة عالية وطعم مميز. كما دعوا إلى الاستفادة من دعم الدولة لإنشاء وحدات تحويل وتعليب للدلاع بهدف تثمينه وتطوير هذه الشعبة الفلاحية الواعدة.
وقد عاينت «النصر» خلال جولة ميدانية ببلديتي بالريحان وبوثلجة، الرائدتين في إنتاج الدلاع، أعدادًا كبيرة من الجرارات والعربات النفعية مصطفة على طول الطرقات الرئيسية، محملة بأطنان من الدلاع المسقي بمياه «بوقلاز» المعروفة بمذاقها العذب، في انتظار تسويقه. وساهم التنافس الكبير بين كبار المنتجين على توسيع المساحات المغروسة وإبرام عقود شراكة في إغراق السوق بكميات كبيرة دفعة واحدة، في محاولة لتحقيق أرباح بالنظر للإقبال الكبير الذي كانت تعرفه هذه الفاكهة خلال موسم الاصطياف.
وأرجعت مصادر مطلعة جزءًا من أزمة الكساد إلى تراجع الطلب من قبل المستهلكين، بسبب تخوفهم من الأمراض المتنقلة المرتبطة بالدلاع، خاصة بعد طرح كميات في الأسواق مجهولة المصدر ومجهولة نوعية المياه المستعملة في سقيها. كما تأثر الطلب بما يُتداول حول وجود شوائب خطيرة في بعض أنواع الدلاع نتيجة الاستخدام المفرط للمبيدات، بعضها مستورد من دول مجاورة ويُشتبه في كونه مسببا لامراض خطيرة، ناهيك عن تسجيل حالات تسمم في مناطق مثل العيون وبوحجار، أثبتت التحاليل المخبرية أن مصدرها دلاع سُقي بمياه ملوثة واستُعملت في إنتاجه مواد كيميائية ضارة.
من جانبها، أكدت مديرية المصالح الفلاحية تسجيل وفرة كبيرة في محصول الدلاع هذا العام، واجهت منافسة كبيرة من دلاع ولايات الجنوب، ما أدى إلى فائض كبير مقابل تراجع الطلب، وانعكس ذلك على انهيار الأسعار. وأشارت إلى أن الإنتاج تجاوز مليون قنطار على مساحة تفوق 2500 هكتار، أغلبها موزعة على بلديات بالريحان، بوثلجة، الشافية، البسباس، العصفور وبوحجار.
ورغم أن فاكهة الدلاع لا تُعد من المحاصيل الاستراتيجية المرتبطة بالأمن الغذائي، فإن كل الجهود - حسب المديرية - تُبذل لمرافقة المنتجين نحو خلق آليات جديدة للتسويق، بما في ذلك التصدير، مع تشجيع الاستثمار في هذا المجال من خلال استحداث وحدات تحويلية. وقد تمت الموافقة فعليًا على إنجاز وحدتين لتحويل مختلف المنتجات الفلاحية والخضر والفواكه، بما فيها الدلاع.
من جهتها، دعت غرفة الفلاحة المنتجين إلى تنظيم أنفسهم في تعاونيات وشُعب مهنية لتجاوز إشكالية التسويق وتطوير نشاطهم، خاصة فئة الشباب التي ساهمت في توسيع المساحات المزروعة مقارنة بالسنوات الماضية. كما دعت إلى وضع مخططات بيانية لحملة الغرس المقبلة لتحديد المساحات وتفادي الخسائر الناتجة عن فائض الإنتاج، ضمن إطار تنظيمي تشارك فيه جميع الأطراف الفاعلة.
ونوهت الغرفة بالمبادرات التضامنية التي أقدم عليها بعض المنتجين، من خلال توزيع كميات من الدلاع على العائلات المحتاجة، والهيئات الاجتماعية، والمخيمات ومراكز العطل.
نوري. ح
