19مارس 62 انتصار لروح التحرر التي سادت الجزائر
كثير من الفرنسيين يعترفون بأن اتفاقيات إيفيان مثلت هزيمة للمفاوض الفرنسي
أكد الباحث في تاريخ الحركة الوطنية، الدكتور عامر رخيلة للنصر، أن 19 مارس 1962 يمثل انتصارا لروح التحرر التي سادت الجزائر والتي كان انعكاسها وشعاعها موجودا على المستوى العالمي، مبرزا أن أهم مكسب للدبلوماسية الجزائرية  أنها تمكنت في ظرف 3 سنوات من اندلاع الثورة  من  إقناع الرأي العام العالمي بعدالة القضية الجزائرية.
  وأضاف أن المنتصر في 19 مارس 1962 هو جبهة التحرير الوطني ، لأن الطرف الجزائري تمكن من إسقاط كل المحاولات الفرنسية، و أشار إلى أن كثيرا من الفرنسيين يعترفون أن هذا التاريخ هو هزيمة للمفاوض الفرنسي،  معتبرا أن هذه  الذكرى هي مناسبة لنا للاهتمام بالتاريخ من جديد وتكثيف الكتابة التاريخية وتسليط الضوء على العديد من المحطات  وقال في حوار مع النصر ، أن الثورة التحريرية كانت عظيمة، لكننا كجزائريين قصرنا في إبراز الجوانب التي اتسمت بها الثورة .
•النصر : 19 مارس 1962 يعتبر محطة هامة في تاريخ الشعب الجزائري حيث حقق انتصارا تاريخيا على فرنسا الاستعمارية ، ما ذا يمكن أن تقوله بهذه المناسبة ؟ 
•عامر رخيلة : أكيد أن 19 مارس 62 يمثل انتصارا لإرادة التحرر لشعب في مواجهة قوة استعمارية، امبريالية، استيطانية راهنت على البقاء في الجزائر، حيث كانت الجزائر بالنسبة إليها مدخلا إلى افريقيا وتاريخها يقول أن احتلالها للجزائر مكنها من أن تبني إمبراطورية استعمارية ولاسيما في إفريقيا ولذلك بكل المقاييس 19 مارس هو يوم الانتصار، هو يوم تاريخي عظيم لأنه وضع حدا نهائيا للوجود الفرنسي بالجزائر ، وقد كان البعد الديني حاضرا في الاستعمار وأيضا البعد الديني الجزائري كان حاضرا في إذكاء النضال الشعبي الجزائري في مواجهة القوات الغازية الفرنسية للجزائر، لذلك لا حظنا أنه خلال القرن الـ19 ، أن المقاومات الشعبية تقريبا التفت حول رموز دينية أكثر مما هي رموز أخرى ذات بعد آخر. وقد توج  19 مارس بالاستفتاء الشعبي العظيم الذي أكد أن 97 بالمئة من الجزائريين هم من أنصار استعادة الجزائر لسيادتها واستقلالها فلذلك الحدث هذا يمثل انتصارا لروح التحرر التي سادت الجزائر والتي كان انعكاسها وشعاعها موجودا سواء على مستوى الإقليمي و الإفريقي و العربي والآسيوي وعلى مستوى أمريكا اللاتينية، بل على مستوى العالم، لكن بالمناسبة نقول أن ثورتنا كانت ثورة عظيمة قضت على الظاهرة الاستعمارية المادية، لكننا كجزائريين قصرنا في إبراز الجوانب التي اتسمت بها الثورة الجزائرية ولم نعطها حقها من دراسة ومن تفسير لما تمثله في مسار التحرر،  و ذكرى 19  مارس هي مناسبة لنا للاهتمام بالتاريخ من جديد وتكثيف الكتابة التاريخية وتسليط الضوء على محطات عديدة ويأتي 19 مارس اليوم والشعب الجزائري مع موعد سياسي هام جدا في مجال تكريس المبادئ التي نص عليها دستور 2016 ولذلك سنحتفل بعرسين ، عرس استرجاعنا لاستقلالنا وهو النصر على القوات الفرنسية وعرس استكمال ومواصلة تجسيد و دسترة الأحكام الدستورية الجديدة في حياة المؤسسات الوطنية.
•النصر : معركة دبلوماسية كبيرة خاضها المناضلون الجزائريون على طاولة المفاوضات قبل وقف إطلاق النار، مكنت من إسقاط كل المناورات الفرنسية ، ما رأيكم؟
•عامر رخيلة : فرنسا ظلت مند الفاتح نوفمبر 1954 تراهن على حسم النزاع عسكريا، يعني القضاء على الثورة الجزائرية قضاء عسكريا مبرما، لكن قوات جيش التحرير الوطني ومناضلي جيش التحرير الوطني والوطنيين الجزائريين تمكنوا في ظرف 3 سنوات من اندلاع الثورة أن يعزلوا فرنسا على المستوى العالمي سياسيا وهذا كان أهم مكسب للدبلوماسية الجزائرية، حيث أنها تمكنت في ظرف 3 سنوات من أن تقنع الرأي العام العالمي بعدالة القضية الجزائرية، إضافة إلى الدفع القوي بتأسيس الحكومة المؤقتة في 19 سبتمبر 1958 ، هذه الحكومة بينت للرأي العام العالمي أنها مدعومة بجيش يقوم بعملياته و كذلك 10 ملايين من الجزائريين مجندين حولها وقد تمكنت من أن تعطي دروسا في العمل والفكر الدبلوماسي للعالم ولفرنسا في المقام الأول، و لا ننسى أن  مفاوضات شاقة كانت وعرفت مراحل عديدة بداية من جوان 1960 بعد ما كانت اتصالات سرية لم تعلن عنها فرنسا قبل 1960 وبعدها أصبحت المفاوضات معلنة،  وكانت مطالب المفاوض الجزائري هي التمسك بالمبادئ المعلنة في بيان الفاتح نوفمبر 54 وهي وحدة تمثيل الثورة الجزائرية والتي تمثلها الحكومة المؤقتة ، الحفاظ على وحدة الإقليم الوطني ووحدة الشعب الجزائري وفرنسا ظلت في الفترة من 54 إلى 62 تلعب وفق سيناريوهات معينة لتشتيت الشعب الجزائري وتشتيت الإقليم الجزائري لمحاولة خلق ممثلين آخرين في مواجهة جبهة التحرير الوطني معناه خلق القوة الثالثة، لكن الجزائريين اتفقوا على أنهم سيتمسكون بالمبادئ المعلنة في بيان أول نوفمبر،  وقد كرست اتفاقيات إيفيان الأولى والثانية ما تضمنه بيان أول نوفمبر من أن الجزائر بإقليمها وحدودها الجغرافية هي المعنية باسترجاع الاستقلال ، الجزائر بشعبها الموحد وممثلها الوحيد والشرعي وهو جبهة التحرير الوطني ومؤسساتها جيش التحرير الوطني ، الحكومة المؤقتة التنظيمات الجماهيرية إلى غير ذلك وهنا نقول أن المنتصر في 19 مارس 1962 هو جبهة التحرير الوطني ، لأن الطرف الجزائري تمكن من إسقاط كل المحاولات الفرنسية الهادفة إلى ضرب هذه الأهداف لذلك كثير من الفرنسيين يعترفون أن هذا التاريخ هو هزيمة للمفاوض الفرنسي.
ولا ننسى أن المفاوض الجزائري كان مدعما بملفات، حيث وفر له جيش التحرير الوطني الكثير من الملفات الاقتصادية والإستراتيجية والثقافية و المفاوضون الجزائريون هم مناضلون عقائديون حتى وإن لم  يكونوا من خريجي المدارس الدبلوماسية، لكن أثبتوا أنهم عمليين في الدبلوماسية أكثر من أولئك الذين لهم باع فيها .
•النصر : ما ذا يمكن أن نستلهم ونستخلص من هذه الذكرى اليوم في ظل الوضع الراهن؟ 
•عامر رخيلة : علينا اليوم  التمسك بالقيم التي أنتجتها الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر باعتبارها القيم الفاعلة والحقيقية والصحيحة، وهي قيم التحرر وترجيح العمل السياسي على العسكري وترجيح الحلول السلمية لحل النزاعات وتمتين اللحمة الوطنية من خلال  الوحدة الشعبية، و هناك دروس كبيرة يجب أن نستخلصها ونحن نحتفل بهذه المناسبة ، وليبقى التاريخ للمؤرخين ولا للاستغلال      السياسي للتاريخ .                   
مراد - ح

الرجوع إلى الأعلى