واكبت بلدية بلخير الانجاز الذي صنعه فريقها مساء أول أمس، و عاشت على وقع الحدث الكروي، لأن الآلاف من الأنصار تجمعوا على مستوى مدخل المدينة على امتداد شارع أول نوفمبر، و احتفلوا بالتأهل التاريخي إلى الدور ثمن النهائي من السيدة الكأس، في أجواء خرافية امتزجت فيها الألعاب النارية و الشماريخ بالأصوات المنبعثة من منبهات السيارات و مختلف أنواع المركبات.
اعداد: صالح فرطاس
الاحتفالات الهستيرية لأنصار بلخير كسرت «الروتين» الذي ظلت تعيشه هذه المدينة، التي لا تبعد عن عاصمة الولاية (قالمة) سوى بثلاثة كيلومترات، و لو أن العرس إنطلق من ملعب سويداني بوجمعة مباشرة، بعد كسب الرهان بركلات الترجيح، حيث إقتحم آلاف الأنصار أرضية الميدان للإحتفال مع اللاعبين و الطاقمين الفني و الإداري بالإنجاز التاريخي المحقق.
« الزرقاء « لم تكن في مباراة أول أمس ضد أولمبي المدية تمثل بلدية بلخير فقط، بل حملت على عاتقها مسؤولية تمثيل الرياضة القالمية، و الدليل على ذلك الجمهور القياسي الذي سجل تواجده بمدرجات الملعب، و الذي قدم من كل بلديات الولاية لتشجيع اتحاد بلخير، خاصة بلديات بومهرة، هيليوبوليس، حمام دباغ، قلعة بوصبع، الفجوج، وادي الزناتي و بوشقوف، دون نسيان أنصار «السرب الأسود» في أجواء أعادت إلى الذاكرة ما صنعه نصر الفجوج الموسم الفارط في مغامرة الكأس لما بلغ ثمن النهائي من ملعب سويداني بوجمعة.
و لئن كان العرس قد انطلق من عاصمة الولاية بمجرد اطلاق الحكم كباب صافرة نهاية اللقاء، باقتحام آلاف المناصرين أرضية الميدان للتعبير عن فرحتهم الكبيرة مع اللاعبين في حجرات تبديل الملابس، فإن الأجواء الخرافية بلغت الذورة عند عودة اللاعبين إلى بلخير، لأن إدارة الرئيس حملاوي أقامت على شرفهم مأدبة عشاء بأحد المطاعم على مستوى قالمة، ثم الدخول بالفريق في موكب رسمي خصه الأنصار باستقبال الأبطال على طريقة «الكبار»، مادام خروبي و رفاقه قد أصبحوا مفخرة البلدية، بفضل الإنجاز الذي حققوه، لتتواصل الأعراس إلى غاية ساعة جد متأخرة من الليل، بينما كان مقر النادي بمثابة القبلة التي حج إليها المئات من المناصرين لتقديم التهاني للطاقم المسير.
خروج اتحاد بلخير من دائرة الظل، كان بفضل انجاز تحقق في ظرف 210 دقائق، و هي مدة مقابلتي الكأس ضد وفاق أولاد ميمون و أولمبي المدية، لكن هذا الفريق الناشط في الجهوي الأول لرابطة عنابة، يعد من أعرق الأندية بولاية قالمة، و ظل على مدار 42 سنة من الوجود في الساحة الكروية يلازم الأقسام السفلى، رغم أنه يشتهر بالتكوين و العمل القاعدي، و خروجه إلى الأضواء كان عبر بوابة «السيدة المدللة»، و لو أن الفريق لا يتوفر على ملعب يستوفي الشروط، في انتظار تجسيد المشروع الحلم لتغطية أرضية ملعب عوادي قدور بالعشب الاصطناعي، فضلا عن الأزمة المالية الخانقة التي يتخبط فيها، لتكون الإرادة و «النيف» السلاح الوحيد الذي مكن أبناء «زيمو» من كتابة التاريخ و تسجيل تواجدهم مع «الكبار» في ثمن النهائي .             ص / ف

صالـــح حمــلاوي ( رئيس النادي)
لم نتلق سوى 30 مليونا و الإرادة أدخلتنا التاريخ
• كيف هو شعوركم بعد النجاح في تحقيق هذا الانجاز التاريخي؟
الأكيد أنني أعيش أسعد أيام حياتي، و شخصيا أعتبر نفسي أسعد رجل في العالم في تلك اللحظة، لأن التواجد في ثمن نهائي الكأس حلم لم يكن يخطر على بال أكبر المتفائلين في بلدية بلخير منذ تأسيس النادي، لكن المعجزة تجسدت ميدانيا، و أنا على رأس الفريق، و بالتالي فمن حقنا أن نفرح مطولا بهذا الإنجاز، لأن كتابة التاريخ بأحرف من ذهب لا يمكن أن تمسح مهما كانت الظروف.
• لكننا كنا قد لمسنا الكثير من التفاؤل وسط المجموعة قبل مواجهة المدية؟
ذلك التفاؤل كان نتيجة الأجواء السائدة وسط المجموعة، لأن سر نجاحنا يكمن في التلاحم الكبير بين اللاعبين، الطاقمين الفني و الإداري، و حتى الأنصار الأوفياء، و لن أذيع سرا إذا قلت بأن إبداء التفاؤل بالقدرة على التأهل كان بمثابة رد فعل عفوي من اللاعبين لامتصاص الضغط النفسي الكبير الذي كان مفروضا عليهم، لأن مواجهة فريق أولمبي المدية لا يسمح لأي كان بالتقليل من قيمة المنافس، في ظل التباين الصارخ بين الفريقين من حيث الانتماء، الامكانيات المادية و التركيبة البشرية، هذا فضلا عن جانب مهم آخر يستوجب الوقوف عنده...
• تفضل .. ما هو؟
لقد كنا قد لوّحنا بمقاطعة مباراة الكأس ضد أولمبي المدية، بسبب الأزمة المالية الخانقة التي نتخبط فيها، لأننا كنا عاجزين عن توفير الأموال الكفيلة بشحن بطاريات اللاعبين من الناحية البسيكولوجية، و التهديد بعدم خوض اللقاء حرك السلطات المحلية، بدليل أن الفريق حظي بزيارة والي الولاية و كذا مدير الشباب و الرياضة في إحدى الحصص التدريبية، و هو الأمر الذي احتوى الأزمة نسبيا، و طمأن اللاعبين على مستحقاتهم، ليكون رد فعلهم تاريخيا فوق أرضية الميدان، حيث قدموا درسا لكل من شكك في موقفهم، و التأهل كان بفضل سلاح الإرادة و «النيف»، في غياب أي تحفيز مادي ملموس.
• نفهم من كلامكم أن الفريق يتخبط في أزمة مادية خانقة ... أليس كذلك؟
الحديث عن الجانب المادي ذو شجون، لأن البعض يعتقد أن تأهلنا إلى الدور ثمن النهائي كان بفضل التحفيزات المقدمة للاعبين، لكن الواقع الميداني مخالف لذلك تماما، على اعتبار أن النادي لم يتلق منذ بداية الموسم الجاري سوى 30 مليون سنتيم كدعم من ميزانية الصندوق الولائي، حتى أن حصته من إعانات وزارة الشباب و الرياضة و المقدرة ب 150 مليون سنتيم لم تدخل الخزينة بسبب خطأ إداري خارج عن نطاقنا،  و نحن في الانتظار منذ أزيد من 7 أشهر، كما ان مداولات المجلس البلدي تبقى قيد الدراسة على مستوى الدائرة، و عليه فإن تسيير الفريق كان بالاقتراض، مع ارتفاع مؤشر الديون، دون نسيان الثقة الكبيرة التي وضعها اللاعبون في الطاقم المسير، لتكون الثمار انجازا تاريخيا.
• و ما هي نظرتكم لباقي المشوار في مغامرتكم التاريخية مع الكأس؟
من حقنا أن نحتفل مطولا بهذا الإنجاز، و يكفينا فخرا تشريف ولاية قالمة ببلوغ الدور ثمن النهائي، لأننا نحمل الآن راية الكرة القالمية و ليس بلدية بلخير فحسب، و التواجد في دور الأضواء يجعلنا نحظى باهتمام الجميع، لكن ما لا يعلمه الكثيرون أن بلدية بلخير لا تتوفر على ملعب يستوفي شروط الممارسة الكروية، لأن الملعب البلدي ترابي، و مشروع تغطية أرضيته بالعشب الاصطناعي مسجل منذ عدة سنوات، من دون انطلاق أشغال الانجاز، و أتمنى أن تكون الفرصة مواتية لتجسيد هذا المشروع الحلم، و لو أننا لقينا كل التسهيلات من مسؤولي ملعبي عبدة علي و سويداني بوجمعة، و مهما يكن المنافس في الدور القادم فإننا سنلعب دون عقدة، رغم أن الكل يتمنى أن نستفيد مرة ثالثة من اللعب داخل الديار، ليكون العرس تاريخيا في قالمة، و تستعيد الولاية أجواءها الكروية التي افتقدتها منذ عدة سنوات.                         
ص / ف

حليــم كشــار ( مدرب الفريق)
قادرون على الذهاب بعيدا و لن نتوقف عند هذه المحطة
• ما تعليقكم على الانجاز التاريخي بالتأهل إلى الدور ثمن النهائي؟
كل من شاهد مقابلتنا ضد أولمبي المدية يجزم بأننا لم نسرق التأهل، لأننا وقفنا الند للند أمام منافس من الرابطة المحترفة الأولى يفوقنا عدة و تعدادا، لكننا نجحنا بفضل سلاح الإرادة من رفع التحدي و صنع الحدث، و هذا أهم عامل يمكن أن يصنع الفارق في مثل هذه المواعيد، لأن نكهة منافسة الكأس تكمن في المفاجآت التي يفجرها الصغار.
• إلا أن الأمر لم يكن سهل التجسيد ميدانيا، سيما بعد لعب 120 دقيقة ثم الاحتكام إلى ركلات الترجيح ؟
هذا الجانب كنا قد أخذناه بعين الاعتبار في تحضيراتنا لهذا الموعد، لأننا نعمل بجدية كبيرة في التدريبات منذ انطلاق الموسم، كوننا نمتلك مجموعة شابة متحمسة للعمل، و متعطشة لتطوير مؤهلاتها، يؤطرها بعض العناصر من أصحاب الخبرة، مما ساعدنا على تجسيد البرنامج الذي سطرناه، خاصة و أننا نسعى دوما لإعطاء الفرصة للأكثر جاهزية من جميع الجوانب، مع خلق روح أخوية بين اللاعبين، و عليه فإن روح المجموعة و سلاح الإرادة من أبرز المفاتيح التي راهنا عليها لتحقيق هذا الإنجاز، من دون أن يكون للجانب البدني تأثير على عطاء اللاعبين، لأن الصمود على مدار 120 دقيقة أمام منافس من الرابطة المحترفة الأولى ليس سهلا، و الجاهزية البدنية تلقي بظلالها على المردود، غير أن الإرادة الفولاذية للمجموعة مكنتنا من تخطي كل العقبات و الصعاب.
• بعد هذا التأهل كيف سيكون العمل تحسبا للدور القادم ؟
الحقيقة أن تنشيط ثمن النهائي ليس تاريخيا بالنسبة لي، لأنني كنت قد بلغت هذا الدور مع وفاق سوق أهراس، و بالتالي فلا بد من تسيير المرحلة المقبلة حسب الأجواء السائدة في محيط الفريق، لأن احتفال اللاعبين و الأنصار بالانجاز أمر منطقي، لكننا بالموازاة مع ذلك ملزمون بمراعاة رزنامتنا في البطولة، لأننا سنخوض مقابلة متأخرة هذا الثلاثاء ببوشقوف، و نتائجنا في الجهوي الأول لا تتماشى و انجازنا في الكأس، و عليه فمن الضروري تكييف برنامج التحضيرات مع مشوار البطولة، و تجنب حصر تفكير اللاعبين في مغامرة الكأس، إذ سننتظر عملية القرعة للتعرف على المنافس في ثمن النهائي، قبل الشروع في التحضير لهذا الموعد، شريطة إبداء الكثير من التفاؤل بالقدرة على مواصلة المشوار، و بلوغ أبعد محطة ممكنة، لأن هذا السلاح جد مهم، بعد تخلص اللاعبين من جميع الضغوطات، مادام التأهل على المدية قد أعطاهم الكثير من الثقة في النفس و الامكانيات، و من حقنا أن نطمح لأدوار جد متقدمة.
ص / ف

الرجوع إلى الأعلى