العلامة الجزائري أبو رأس الناصري يبعث  فوق خشبة المسرح
حاكت مسرحية «الملهم الحافظ» حياة أحد أهم الشخصيات الدينية في التاريخ الجزائري وهو المتصوّف العلامة الحافظ محمد أبو رأس الناصري المعسكري الجزائري وذلك على مدى ثلاثة أيام متتالية بالمسرح الجهوي بقسنطينة من إنتاج تعاونية «الملقى» لولاية تيندوف، تأليف مزيان محمد وإخراج بومدين بلة.
المجاهد محمد أبو رأس الناصري هو علامة ومحقق في العلوم الإسلامية وحافظ للحديث النبوي من الجزائر، ألف ما يزيد عن الـ137 كتابا في شتى أنواع العلوم منها كتابه في تفسير القرآن «مجمع البحرين، ومطلع البدرين، بفتح الجليل، للعبد الذليل، في التيسير إلى علم التفسير»، وكتبه في ثلاثة أجزاء وكتاب «مفاتيح الجنة و أسناها، في الأحاديث التي اختلف العلماء في معناها» وغيرها من الكتب الدينية والصوفية « .
وتذكر المصادر التاريخية بأن أبو رأس الناصري ولد بقرية ويزغت بنواحي مدينة معسكر يوم 8 ديسمبر 1751م وتوفي يوم 27 أفريل 1823م ودفن بمعسكر، و كان قد شارك في الجهاد لفتح مدينة وهران سنة 1795م، إلى جانب باي معسكر محمد بن عثمان، له إسهامات كثيرة في علوم الحديث والقرآن والأنساب وله مؤلفات عدة في هذا المجال، و يعتبر من أهم الشخصيات التي أنجبتها مدينة معسكر ومن أكبر علماء الجزائر على مر التاريخ .
العرض التاريخي الذي أنتج في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015 أرجع الحاضرين لزمن كانت الأخوة سائدة ما بين العثمانيين والجزائريين حيث اتحدوا من أجل إخراج الإسبانيين من شواطئ الجزائر وخاصة ميناء وهران ليستعين باي معسكر بالعلامة أبو رأس الناصري من أجل تعليم الناس والعدل بينهم في مجلس القضاء وتعبئة الناس على الجهاد.
المسرحية التي كانت مليئة بالرقصات الفلكلورية التي تتميّز بها منطقة تيندوف والصحراء الجزائرية عبّرت في كثير من الأحيان عن عمق المعنى الذي فضل المخرج إيصاله من خلال التعابير الجسدية والحوارات الصامتة وعبر الاستعانة بديكور بسيط تميّزه الأزياء الفلكلورية الجميلة والملوّنة والتي كانت تعبّر عن التنوّع الثقافي الموجود في تلك المنطقة.
مسرحية الملهم الحافظ ركزت كثيرا على النواحي الروحانية والصوفية التي اتسم بها العلامة الجليل، حيث تطرّقت لأرائه في الدين والعبادات ومقاومة الإسبان وعلاقته بأهل بيته وطريقة ممارسته لأحكام القضاء و العدل التي تميّز به بين الناس.
كانت لغة المسرحية لغة عربية فصحى أبدع الممثلون في إبراز جمالية هذه اللغة من خلال وضعها في قالبها المغاربي الجميل، حيث كانت لكنة أهل تيندوف بادية على اللغة العربية المنطوقة في المسرحية وهو ما جعل الحاضرين يألفونها بسهولة كما أن الاستعانة بالأشعار التي كانت متداولة في تلك المرحلة التاريخية أعطى العمل المسرحي بعدا شعريا جميلا.
مخرج المسرحية بومدين بلة أوضح بأنه تعمد أن تكون المسرحية بإيقاع مدينة تيندوف من خلال الأزياء والرقصات وذلك من أجل إيصال عراقة مدينة عبر تناولها لشخصية دينية كبيرة في الجزائر.
جدير بالذكر بأن عروض المسرحية شهدت إقبالا ضعيفا جدا إذ لم يتجاوز جمهور المسرح الجهوي بقسنطينة أثناء عرض الجمعة الماضي بضعة أشخاص وهو ما سبب إحباط كبير للممثلين لرؤيتهم قاعة العرض فارغة عن آخرها.                               
حمزة د

الرجوع إلى الأعلى