تكريم مصمم الختم و الشعار الرسمي للجمهورية الجزائرية الفنان الراحل محمد بوزيد
استذكرت مؤخرا دار الثقافة مولود معمري لمدينة تيزي وزو المسار الفني الطويل لعملاق الحركة التشكيلية الجزائرية الفنان الراحل محمد بوزيد،  تقديرا و عرفانا لإسهاماته الفنية التي امتدت لأزيد من 60 عاما، حيث أبدع المرحوم في رسم العديد من اللوحات الفنية، و تميز بتصميم و رسم الختم و الشعار الرسمي للجمهورية الجزائرية، كما يعد من مؤسسي الإتحاد الوطني للفنون التشكيلية عام 1964، و قد انطفأت شمعته بتاريخ 24 جوان 2014 بالعاصمة الفرنسية باريس عن عمر ناهز 84 عاما .
حفل التكريم الذي احتضنت  فعالياته قاعة المسرح الصغير بدار الثقافة، حضره إلى جانب عائلة الفقيد أصدقاؤه الذين تأثروا بمساره الفني ورصيده الإبداعي ، كما حضر أيضا العديد من الفنانين التشكيليين الذين يشاركون في الطبعة الثامنة لصالون جرجرة للفن التشكيلي الذي انطلق منذ يومين ببهو دار الثقافة مولود معمري.و أجمع الحضور على أن تكريم الفنان محمد بوزيد يعتبر تقديرا لإسهاماته في إثراء الفنون و الثقافة الجزائرية، خاصة في مجال الفن التشكيلي و أيضا رد اعتبار لمساره المهني الذي تميز بالنجاح المستمر و العطاء الجميل، فعبر عقود تمكن من رسم طريق فني لنفسه ظل راسخا في ذاكرة عشاق الفن التشكيلي، وتشهد لوحاته التي خلفها عبر مسيرته الفنية الطويلة وعلى إبداعه.
واعتبر هؤلاء بأن المرحوم فنان متألق، أتقن عمله و حرص على المحافظة على الفن التشكيلي الجزائري الذي نقله خارج الحدود و رغم رحيله، إلا أن أعماله العالمية ستبقى شاهدة على عبقريته.
جدير بالذكر بأن الفقيد محمد بوزيد من مواليد 12 ديسمبر 1929 بمدينة الأخضرية بولاية البويرة، بدأ مداعبة الألوان و الريشة و هو لا يزال في بداية شبابه، بعد أن  تأثر برواد الفن التشكيلي العالميين أمثال سوفور غاليير.أولى أعماله الفنية تعود إلى بداية الخمسينيات، زاول تعليمه بالمدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة و تخرج منها الأول في دفعته سنة 1950 . امتهن التدريس إلى غاية سنة 1955 ، قبل أن يتحصل على منحة للدراسة بمعهد لوماران فوكلوز  بفرنسا، ثم انتقل إلى كاسا دي فيلاسكيس بمدريد  في إسبانيا سنة 1959. فاز الفقيد بالجائزة الفنية الكبرى للجزائر سنة 1959، ولدى عودته إلى أرض الوطن سنة 1962، عمل كمستشار ثقافي لدى مالك حداد، الذي كان آنذاك مديرا للثقافة بوزارة الإعلام، صمم المرحوم سنة 1963ختم و شعار الجمهورية الجزائرية الذي لا يزال متداولا لغاية اليوم، و أنجز العديد من اللوحات و الجداريات و الرموز التي تزين مؤسسات الدولة الجزائرية والهيئات الوطنية الرسمية الكبرى، على غرار القاعة الشرفية لمطار هواري بومدين الدولي ووزارة الشباب والرياضة، و رسومات جدارية أخرى بمقر ولاية تيزي وزو و المدرسة متعددة التقنيات بالحراش، فضلا عن تصميمه لطوابع بريدية رسمية، وديكورات لحصص تلفزيونية وأفلام، أهمها «العفيون والعصا» للمخرج أحمد راشدي.
في مسار الفنان محمد بوزيد العديد من التكريمات، أبرزها الجائزة الكبرى للفن التشكيلي بمدريد سنة 1950، كما شارك خلال سنة 1963  في معرض «فنانو الجزائر» بمتحف فنون التزيين بباريس. وعرف محمد بوزيد الذي يعد أيضا من مؤسسي الاتحاد الوطني للفنون التشكيلية سنة 1964  بثراء مشواره الفني وعالمية أعماله، حيث شارك في العديد من المعارض الجماعية بالجزائر من سنة 1958 إلى غاية سنة 1984، كما شارك في معارض أخرى بباريس وبروكسل و عرض أعماله خلال معارض فردية بالمركز الثقافي الفرنسي بالجزائر سنة 1992 و بالمركز الثقافي الجزائري بباريس (1996-1997-1999) وبفضاء ريشليو بباريس.رحل الفنان محمد بوزيد في صمت يوم 24 جوان 2014 بباريس و ووري جثمانه الثرى في مقبرة العالية بالجزائر العاصمة، تاركا وراءه تراثا ثقافيا ثريا.

سامية إخليف

الرجوع إلى الأعلى