بعث فكر الغزالي نافذة على الإسلام السوي و الفتوى الاجتماعية المعتدلة
دعا أمس أساتذة في الفقه و الشريعة شاركوا في افتتاح فعاليات الملتقى الدولي العاشر للشيخ محمد الغزالي بقسنطينة، إلى التعمق في دراسة فكر الإمام و محاولة الترويج لخطابه الإسلامي المعاصر، بطريقة جدية إعلاميا و أكاديميا، لما له من أطر مرجعية من شأنها أن تقدم صورة حضارية معتدلة عن الإسلام، فضلا عن توفر أعماله على العديد من الأفكار
 و الحلول الاستشرافية للقضايا السياسية و الاقتصادية الراهنة.
 المشاركون في الملتقى الذي انطلقت فعالياته أمس بقاعة المحاضرات بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، اعتبروا بأن معالم الخطاب الفكري لدى الشيخ الغزالي تعد بمثابة حلول جاهزة لقضايا راهنة، مؤكدين بأنه كان من الشخصيات التي امتلكت فراسة و فكرا استباقيا، باعتباره تناول في معظم أعماله العديد من قضايا الأمة التي سبقت عصره بأبعادها الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية، و قدم دراسات خاصة حولها تضمنت بعض الحلول و الفتاوى المستمدة من قيم و تعاليم الدين الإسلامي السوي و المعتدل، حسبما عبر عنه الأستاذ العربي الشايشي، أستاذ الشريعة بجامعة غرداية ، الذي أشار إلى أن ما قدمه الإمام من أعمال تتطابق بشكل كبير مع ما نعيشه حاليا، خصوصا ما تعلق بالطرح الإسلامي لقضايا الأمة و الفتوى و سبل الحفاظ على ثوابت الأمة، و كلها جوانب تتطلب تجديدا في الخطاب الديني و هي غاية ذهب إليها الشيخ الغزالي في أعماله التي أظهرت قوة الإسلام كدين رحمة فيه حل لمشكلات العالم.
و أضاف الأستاذ إلى أن  الفصل في بعض القضايا الاجتماعية و الاقتصادية الراهنة، كالقرض السندي و القرض الاستهلاكي مثلا، يتطلب دراسة معمقة من قبل خبراء اقتصاديين و رجال دين و فقه لطرح المسالة في ظل مقاصد الشريعة و الخروج بفتاوى صحيحة تخدم المصلحة العامة و لا تتعارض مع قيم الإسلام.
عميد كلية العلوم الإسلامية بجامعة السلطان محمد الفاتح الوقفية بإسطنبول، أكد بدوره على أهمية ترجمة أعمال الإمام الغزالي إلى لغات العالم، بعد اللغة التركية، وذلك لتكريس فكره كمادة فلسفية إنسانية تدرس لما لا في جامعات العالم ككل، لأن ذلك من شأنه أن يقدم الدين بصورة سليمة و يبرأه من كل التهم التي ألصقت به، مضيفا بأن فكر الشيخ الغزالي يحظى باهتمام كبير من قبل طلاب الشريعة بتركيا، خصوصا بعدما أصدرت الحكومة التركية مؤخرا قرارا بتعميم تعليم اللغة العربية، وهو ما سمح للطلبة بالنهل أكثر من كنوز الفكر في المؤلفات و المعاجم العربية، و قال المتحدث بأن تعميم تدريس هذا الفكر المتجدد و المعتدل في الجامعات من شأنه محاربة التطرف و العصبية.
من جهته اعتبر الأستاذ خالد الشريف من جامعة تلمسان، بأن دراسة أعمال و فكر الشيخ الغزالي ضرورة في الزمن الراهن الذي تبرز فيه مساعي الحفاظ على الهوية و الثوابت كتحديات حقيقية، على اعتبار أن ما قدمه الإمام طيلة حياته يخدم بشكل كبير مقاصدنا الحالية، بما في ذلك الحديث عن الحرية و العدل و مقاربة المقاصد و قضايا العولمة و اللاهوت.
و أضاف بأن فكره كان عميقا و متجددا يبرز من خلال تحليله للقضية الفلسطينية و تأكيده في كل مرة على أن الصراع  الفلسطيني اليهودي، ليس صراعا على الأرض بقدر ما هو في الواقع صراع عقائدي بين ديانتين، و أن حله لا يمكن أن يتأتى دون أن نعترف بأصل المشكل، مشيرا إلى أن التركيز على ما قدمه الإمام و إدخال بعض أعماله في المقررات الدراسية، من شأنه تحقيق الكثير على الصعيد الحضاري و الفكري مستقبلا.
للإشارة تستمر فعاليات الملتقى الدولي الذي تحتضنه جامعة الأمير عبد القادر على مدار يومين، حيث تتطرق المداخلات إلى مجموعة من المحاور، على غرار الخطاب الإسلامي المعاصر و مقومات الحداثة، تراثنا في نظر الشيخ الغزالي بين التقديس و التدنيس، مرتكزات الهوية ، إضافة الى قراءة في معاهدة سيداو و أثرها على الإسلام و المسلمين و محاور أخرى عديدة.
نور الهدى طابي  
 

الرجوع إلى الأعلى