وثائقي "سقوط قسنطينة" قصة مدينة قاومت المستعمر و استسلمت للقدر
ضرب أمس كل من المخرج حيا جلول و المنتج المنفذ سليم بن عليوش، موعدا لعشاق الأفلام الثورية بالمركز الثقافي محمد اليزيد بالخروب، أين عرضا آخر أعمالهما و هو الفيلم الوثائقي « سقوط قسنطينة وقائع و عصر»، الذي تم انجازه في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، فكان اللقاء مشبعا بعبق التاريخ و مجد مقاومة أحمد باي، آخر بايات قسنطينة، الذي حفر ذكراه عميقا في قلوب أبناء سيرتا.   الوثائقي عرض تكريما لروح أحد صناعه، و يتعلق الأمر بالأستاذ الباحث أحمد سيساوي، أما أحداثه التي تدور في ساعتين من الزمن، فقد رحلت بالجمهور إلى محطتين تاريخيتين هامتين من تاريخ المدينة، و يتعلق الأمر بمعركتين فاصلتين، الأولى سنة 1836 و هي معركة الانتصار التي استطاعت خلالها المدينة الصمود بفضل أبنائها، فكبدت القوات الفرنسية خسائر فادحة في العتاد و الجنود، كما كانت بمثابة محرقة لجنرالات الاحتلال آنذاك. أما المرحلة الثانية فهي معركة 1837، فقد استغلت فرنسا هدنتها مع الأمير عبد القادر في الغرب لدك حصون المدينة، التي سقطت بعد أسبوع من الجهاد امتزجت خلاله رائحة الجثث برائحة الدماء، و انتهت المعركة باستسلام أحمد باي الذي مثل دوره في العمل الفنان كريم بودشيش، و قد أثري الوثائقي بمشاهد خيالية تجسد آخر أيام الباي في قصره.
العمل، حسب كاتبه و مخرجه حيا جلول، استنزف الكثير من الوقت و الجهد، خصوصا بعدما تم تقليص ميزانيته، على غرار باقي الأعمال المنتجة في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، لكنه استطاع أن ينقل جزءا هاما من الأرشيف التاريخي المنسي لمعركة قسنطينة التي تعتبر محطة تاريخية هامة في حرب التحرير، باعتبارها ثاني أكبر مقاومة بعد الزعاطشة، و كان لها تأثير كبير في مسار الحرب على الجزائر و إفريقيا عموما، وهو ما اختزله العمل المقرر عرضه قريبا على شاشة التلفزيون الجزائري.  
الوثائقي الذي تضمن مشاهد فنية و جمالية، نقل شهادات و آراء تحليلية لمؤرخين مختصين في الفترة العثمانية، من قسنطينة و تركيا و فرنسا و تونس. في محاولة لاستعادة الحلقات الضائعة من تاريخ مدينة قسنطينة في نهاية الحكم العثماني و رسم أحداث المقاومة القسنطينية خلال القرن 19، ضد المستعمر الفرنسي، وتسليط الضوء على آخر أيام آخر باي لقسنطينة وتلخيص سيرته وقوته وعلاقاته بداي الجزائر و الباب العالي و جنرالات فرنسا و شيوخ القبائل، ويعد، حسب مخرجه، بمثابة مرجعية للباحثين و المؤرخين، على حد تعبيره، لاسيّما وأنه شمل شهادات وآراء مهمة لمؤرخين معروفين، منهم المؤرخة فاطمة الزهراء قشي و المؤرخ أحمد سيساوي و الأستاذة معاشي.                
ن/ط

الرجوع إلى الأعلى