الرحـالة العرب و الأجــانب مصــادر هــامة لكتــابة تاريخ المنطقـة
أكد أمس أساتذة باحثون في التاريخ على ضرورة البحث في صفحات وكتابات الرحالة العرب والأجانب الذين مروا على منطقة الحضنة، عبر حقب زمنية مختلفة، واعتبارهم مصادر تاريخية لكشف النقاب عن تاريخ و أعلام المسيلة حيث شهد أصحابها على التحولات الهامة في منطقة تداولت على عمارتها إمارات وثقافات متنوعة، ومن بينهم الطبيب الفرنسي شارل إيمي أليكس الذي عايش ظهور وباء الكوليرا بمنطقة السوامع في 7جويلية سنة 1867 ، فخلف
 72 قتيلا من الأهالي و  4 من الأوروبيين، قبل أن يمتد إلى مدينة بوسعادة.
وأوضح الأستاذ كمال خليل، من جامعة سطيف، في مداخلته التي حملت عنوان «كتابات الرحالة الأجانب حول جغرافية المسيلة»، خلال فعاليات الملتقى الوطني الخامس حول تاريخ وأعلام المسيلة، أن الطبيب الفرنسي شارل إيمي أليكس، رصد في تقريره الذي أعده في القرن 19 ميلادي عن منطقة المسيلة، بأن انعدام شروط النظافة وانتشار الدماء في الشوارع بعد عيد الأضحى، تسببا في إصابة الأهالي بداء الكوليرا الذي أباد عددا كبيرا منهم وصل الى 72 ضحية، وأشار إلى أن الطبيب الفرنسي الذي استقر بشمال افريقيا واشتغل بالمسيلة ، سطيف و بوسعادة خلال تلك الفترة، كان شاهدا على عديد الحوادث التي وقعت بالمنطقة.
 ومن خلال الجغرافية الصحية يمكننا، كما أضاف الأستاذ كمال خليل، أن نستنتج بأن الإدارة الفرنسية التي كانت آنذاك منشغلة بإخماد ثورة سيدي الشيخ و المقراني، تركت الأهالي يصارعون المرض دون أن تتدخل، مشيرا إلى أن الطبيب بدأ نشاطه في عمالة وهران، وانتقل إلى المناطق الداخلية من الوطن، حيث قام بدراسات حول الجغرافية الصحية دونها في تقريره،و مفادها أن توفر الإمكانيات الطبية في مناطق غرب الجزائر، جعلها في منأى عن الكوارث والأوبئة، في حين شهدت في سنة 1888 مناطق الوسط والشرق انتشار المجاعة.
علق من جهته الدكتور عبد الكامل جويبة من جامعة المسيلة على تقرير الرحالة الفرنسي بأنه لا يمكن أن يكون موضوعيا، على اعتبار أن الأطروحات الفرنسية كانت دائما تحمل بين طياتها مغالطات، و فيها الكثير من الذاتية، فقد قال الطبيب شارل ايمي أليكس، بأن احتفال الجزائريين بمناسبة دينية وهي عيد الأضحى، وراء تعرض المنطقة لوباء الكوليرا و هنا تكمن بعض المغالطات التي تمس بعقيدة الجزائريين الإسلامية ، حيث أن هذه المناسبة كان المسلمون يحتفلون بها منذ قرون، ولم يحدث وأن واجهوا هذا النوع من الأمراض الخطيرة، وهو ما يجعل تحليل هذا الطبيب ليس في محله لدى تفسيره لأسباب الإصابة بالأمراض و الأوبئة، لافتا بأنه من الضروري أن نشرح هذه الأطروحات والتقارير بدقة، قبل نقلها.
الملتقى الوطني الخامس حول تاريخ وأعلام المسيلة الذي حمل شعار « المسيلة حاضرة التواصل بين المشرق والمغرب «، الذي تتواصل فعالياته اليوم يشهد مشاركة أساتذة وباحثين في التاريخ من جامعات سطيف ، عنابة ، بجاية، الجزائر العاصمة ، تيارت والجلفة، و يسعى المنظمون من خلال فعالياته ، يقول مدير دار الثقافة مباركية مبارك، إلى تحقيق منفعة علمية وتاريخية لأبناء المنطقة و المهتمين بالجانب التاريخي، بالنظر إلى نقص البحوث العلمية في هذا الجانب، وهو ما يفتح المجال نحو البحث في صفحات أولئك الرحالة وكتاباتهم التي تعتبر مصادر تاريخية ، شهد أصحابها على تلك التحولات الهامة في منطقة المسيلة التي تداولت على عمارتها إمارات وثقافات متنوعة، والتي سمح موقعها الاستراتيجي و توسطها البلاد بأن تكون حاضرة للتواصل بامتياز.               

فارس قريشي

الرجوع إلى الأعلى