حين يصير العيش بجوار القمامة أرحم من الانخراط في النفاق الاجتماعي
استمتع جمهور دار الثقافة محمد بوضياف بولاية برج بوعريريج، مساء أمس الأول، بعرض مسرحي كوميدي لجمعية ميميسيس الثقافية، بعنوان «كيشغل ..» و يعالج هموم المجتمع و ينقل قصة مجموعة من الأشخاص يفضلون الهجرة  و الهروب للعيش بالقرب من مكان تجميع القمامة ، على تحمل نفاق و زيف الحياة وسط مجتمع سلطوي. فكرة العرض قدمت في مشاهد منفصلة لم تستقر على نص موحد، و تناولت صورا حية عن المجتمع بسقطاته و نجاحاته في شتى المجالات السياسية و الاجتماعية و الثقافية، محاولة محاكاة حالة الفوضى و التيه المجسدة في انقسام رأي الجماعة بين مؤيد و معارض لهذا الواقع على اختلافه، و في كل هذا يحاول كل طرف تلميع صورته و فرض كلمته، كالصراع الأبدي بين المرأة و الرجل.
و لعل ما ميز هذا العرض المسرحي، هو دخول وجوه شابة في المشهد المسرحي أثبتت قدراتها من خلال تقمص الدور باقتدار في شكل الممثل الشاب منير عي، فضلا عن تطعيم الواقع المر و الجدية في توصيف الواقع، بصور هزلية و كوميدية، ساهمت في جذب انتباه الجمهور على مدار ساعة و نصف تقريبا، و قد أضاف القالب الهزلي الذي أجاد الممثلون توصيفه ركحيا، الكثير من الحيوية و النشاط في قاعة العرض التي غصت عن آخرها بالجمهور، ما يثبت أن ثمار التكوين و العمل الجاد الذي اعتمدت عليه جمعية «ميميسيس» الفتية، قد بدأت في قطفها من خلال إعادة الجمهور إلى خشبة المسرح، خلافا لبعض الجمعيات المعروفة بالولاية التي أصبحت تتغنى باسمها و بتاريخها و تخلت تدريجيا عن التكوين و تقديم أعمال جادة تستقطب اهتمام الجمهور مكتفية بالنرجسية القاتلة  .
تدور وقائع المسرحية حول تطليق مجموعة من الأشخاص لمجتمعهم و هجره للعيش بالقرب من مكب للقمامة اتخذوه ملاذا و ملجأ، و أصبحوا يتقاسمون فيه تفاصيل المكان، بكل ما يحمله من متناقضات و توصيف لواقع الحياة في مجتمعات تناسلت فيها مظاهر النفاق و الزيف و التسلط و تكاثرت بشكل كبير، إلى حد التشبه بالقمامة و الأوساخ، فأصبحت شيئا مألوفا في حياتهم وينظرون إليها نظرة محبة و تفضيل عن الواقع.
 و يتواصل العرض بإسقاط العديد من المشاهد الحية على المجتمع، إلى أن يأتي عامل النظافة الذي يحاول ترهيب شخوص المسرحية و إبعادهم عن مكب القمامة، ما يثير حالة من الفزع و الرهبة، لكن هذه الرهبة سرعان ما تزول و تتلاشى، بمجرد اتفاقهم على الوقوف كرجل واحد في وجهه، ما يمكنهم من استعادة المكان.
وركز مخرج العرض المسرحي إدريس بن شرنين و مقتبسه من نص «المزبلة الفاضلة» للكاتب السعودي عباس الحايك، على تقديم صور من المجتمع، في قالب كوميدي يشرح الواقع المعاش بزاوية مختلفة عن باقي العروض، باختياره ديكورا خاصا لمكب القمامة تحت عمود متهالك للإنارة، أين تدور وقائع العرض المسرحي الذي تداول على تقديم أدواره مجموعة من الممثلين الشباب و هم بلال لعرابة، عبد الرزاق بلمسعود، عيسى سقني، نورالدين قيشي، و الممثل الصاعد منير عي،  و كذا الممثل محمد بن جدو.
 عثمان/ب

الرجوع إلى الأعلى