تجار ينشغلون بالفايسبوك و المسلسلات و آخرون لا ينظرون إلى المُشتري!
يجد الكثير من زبائن المحلات التجارية أنفسهم أمام مواقف محرجة تثير الاستغراب و أحيانا الغضب، و ذلك بسبب سلوكات فظّة يقوم بها العديد من الباعة الذين  صنّفوا الزبون ضمن آخر اهتماماتهم، فمن منّا لم يجد التاجر، و لو لمرّة واحدة، منشغلا بمشاهدة الفضائيات أو بتصفح هاتفه النقال، دون أن يرفع عينيه ليجيب على أسئلتك أو حتى يرحب بك عند دخول محله.
«الزبون ملك».. هو مثل فرنسي يعكس القداسة التي يُفترض أن تكون عليها العلاقة بين التاجر و المُشتري، و ذلك من خلال الحرص على راحة الزبون و كسب رضاه من أجل شراء السلعة التي يعرضها، لكن الوضع ينقلب في عالم التجارة ببلادنا، فكثيرا ما يقابل البائع زبونه بسلوكات غير لبقة و باستعلاء و جفاء كبيرين، يجعل المواطن يحجم عن شراء السلعة و يخرج من المحل متذمرا، بعدما لم يكلف التاجر نفسه عناء التبسم في وجهه أو الترحيب به.
تقول الآنسة آمال إن أكثر ما يزعجها في بعض التجار، أنهم لا يردون السلام على المواطنين عند دخول محلاتهم، و هو سلوك يثير الاشمئزار، حسب وصفها، و يجعلها تخرج من ذلك المحل دون تفكير، لأن هذا التصرف يعبر برأيها عن قلة احترام واضحة و يجعلها لا تتعامل بأريحية مع البائع، مضيفة أن ما يزعجها أيضا قيام الكثير من التجار بوضع لافتات قرب السلع، يُكتب عليها بأن “المحل مُراقب بالكاميرات”، و هو تصرف ذكرت آمال إنها لم تره إلا ببلادنا، حيث يُحرَج الزبون بهذا التصرف و يشعر أنه لص مُحتمل في نظر التاجر، زيادة على قيام البعض بوضع إعلانات في الواجهات يكتب عليها أن البضاعة التي تُشترى لا تستبدل و تُعاد و حتى لا تُلمس، و هنا تتساءل آمال بسخرية “هل هذه محلات أو معارض أحجار نفيسة؟”.
أما ليلى و هي طالبة جامعية، فسردت لنا موقفا محرجا قالت إنها تعرضت في إحدى المرات عند دخول محل لبيع الملابس، حيث وجدت صاحبه منهمكا في مشاهدة مباراة كرة قدم داخل المحل، و هو محملق بعينيه في التلفاز دون أن يكاد يلحظ تواجدها، إلى درجة أنها أحست بأنها قد أزعجته في كل مرة كانت تسأل فيها عن ثمن قطعة معينة، حتى أنه سلمها ما اشترته و هو يشاهد التلفاز دون حتى أن يشكرها، و أضافت ليلى أنها لاحظت هذا الأمر أيضا في بعض المحلات التي تعمل بها فتيات، حيث ينشغلن بمتابعة المسلسلات التركية التي تُبث في الفضائيات العربية، و لا يكدن يُفوتن منها أي مشهد و كأنهن جالسات في البيت. و يقول خالد و هو موظف، إنه يصادف في بعض المرات بائعين يتصرفون بشكل غير لائق في محلات المواد الغذائية، حيث يرفضون بفظاظة استبدال السلعة و يجيب البعض «هذا اللي عندي واش ندريلها»، أما بمحلات الملابس مثلا، فيلاحظ أحيانا إنزعاج التاجر من الزبون عندما يُجرب السلعة عدة مرات ثم يقرر ألا يشتريها، لكن محدثنا يرى أن تصرفات التجار لائقة بشكل عام، و بأن هذه الحالات لا تمثل سوى استثناءات لا يمكن القياس عليها، على عكس مصطفى الذي أخبرنا أنه لاحظ أن ظاهرة المحادثات عن طريق الفايسبوك زادت وسط التجار، فتجد البائع منهمكا في استعمال «المسنجر» لبعث الرسائل، فيما لا يتحرج آخرون من إظهار انزعاجهم من أسئلة الزبون عن سلعة ما، و يجيبونه بفظاظة، ما يؤدي إلى حدوث صدامات بين الطرفين، تصل في بعض الأحيان إلى حد المناوشات اللفظية و حتى التشابك بالأيدي. و يرى العديد من المواطنين، أنه من الضروري أن يلتزم الباعة بآداب التعامل مع الزبون، لأنه هو من سيشتري السلعة في النهاية و يُحقق أرباحا للتاجر، كما يستغربون إسناد مهمة البيع لشخص لا يجيد التبسم في وجه الآخر و ينفرون كل من يدخل المحل، فيما ذهب آخرون إلى حد المطالبة بإخضاع بعض التجار إلى دورات تكوينية حول فن التعامل مع الزبائن.
ي.ب

الرجوع إلى الأعلى