مجاهدة تعيش في زنزانة و تحلم بمسكن شيد بسواعد و مواد جزائرية
تقيم المجاهدة عيسى فاطمة الزهراء في زنزانة تعود للحقبة الاستعمارية بالتراب الأحمر ببلدية بوعرفة بولاية البليدة منذ أزيد من 40 سنة، دون أن تتحقق أمنيتها القديمة في الحصول على مسكن مريح بني بسواعد و مواد جزائرية يأويها، بعد أن رفضت بعد الاستقلال مباشرة الإقامة في الفيلات التي كان يقيم بها المعمرون.
  لم تكن هذه المجاهدة التي كرست  وقتها و جهدها  خلال الثورة التحريرية لخياطة الرايات  الوطنية للمجاهدين، تتوقع أن حياتها في الجزائر المستقلة ستكون على هذا الشكل ، هي التي رفضت بشموخ الإقامة  في إحدى الفيلات التي غادرها الكولون مباشرة بعد إعلان الاستقلال، لأنها ،حسبها، تحمل آثار و ذاكرة الاستعمار، و لطالما تمنت أن تقيم في مسكن شيد بأياد و مواد و إمكانات جزائرية، لكن أمنيتها لم تتحقق بعد مرور أزيد من نصف قرن عن استقلال الجزائر، رغم أنها ليست صعب المنال، و لم يشفع لها سنها بعد أن تجاوزت العقد الثامن و لا تضحياتها خلال الثورة التحريرية  في إعادة الاعتبار إليها.
ابنتها بولوبية زبيدة شرحت للنصر، بأن والدتها عيسى فاطمة الزهراء تريد الاعتراف بتضحياتها في الحياة قبل الموت، حيث أنها لم تستفد من منحة المجاهدين قط ، و لم يبق الأمر عند هذا الحد، بل قضت جزءا كبيرا من حياتها في زنزانة صغيرة تفتقد لأدنى شروط الحياة.
 شاء القدر أن تكون هذه الزنزانة التي كان يستخدمها المستعمر لحبس إخوانها المجاهدين هي مأواها بعد الاستقلال، بعد أن رفضت الإقامة في فيلات المستعمر بعد خروجه من الجزائر، و أصرت على الإقامة في سكن مشيد بأيد وطنية.
وحسب نفس المتحدثة، فإن المجاهدة فاطمة الزهراء كانت مكلفة خلال الثورة التحريرية بخياطة الرايات الوطنية في منزلها، و في مظاهرات 11 ديسمبر 1961 خرجت المجاهدة فاطمة الزهراء تحمل العلم الوطني بمنطقة بوعرفة، ليتم تفريق المتظاهرين الذين خرجت معهم، ثم اعتقلوا من منازلهم بعد أن تم تحديد هوياتهم من خلال آلة تصوير استخدمها الجيش الفرنسي على متن طائرة رصدت تحركات المتظاهرين على الأرض، وكانت من بينهم المجاهدة فاطمة الزهراء.
أضافت ابنة المجاهدة  بأن الجيش الفرنسي قام بعد المظاهرات بتفتيش منزل عائلتها  وعثر فيه على العلم الوطني، فقاموا بتعذيب والدتها و أشرف على العملية حركي يدعى معمر قدور، و حسب نفس المتحدثة فإن والدتها المجاهدة خضعت لتعذيب وحشي طيلة 12 ساعة، كما خرب جنود الجيش الفرنسي آلة الخياطة التي كانت تستعملها في خياطة الراية الوطنية، كما خربوا أثاث المنزل.  و أشارت السيدة بولوبية زبيدة بأن هول التعذيب و التهديد بقتل ابنتها، جعلا والدتها تصاب بانهيار عصبي.
المجاهدة فاطمة الزهراء لا تزال تعاني من آثار الانهيار العصبي الشديد على شخصيتها وحياتها، فهي لا تزال  تخرج في كل ذكرى 11 ديسمبر إلى محيط المنزل وتحمل على ظهرها الراية الوطنية، و في السنوات الأخيرة و تحت وطأة المرض و التقدم في السن وعدم قدرتها على الحركة، أصبحت تأمر ابنها بتثبيت العلم الوطني فوق سطح الزنزانة التي تقيم بها في كل 11 ديسبمر .
و شرحت السيدة زبيدة، ابنة المجاهدة، بأن أمها انتقلت بعد الاستقلال للعيش في عدة مساكن بمدينة البليدة، لكنها  كانت ترفض البقاء فيها كونها فيلات بناها المستعمر الفرنسي، لهذا فضلت العيش في زنزانة التراب الأحمر،  على أساس أنها هي من ساهمت في تحرير المكان من دنس المستعمر و كانت تؤكد بأنها  ستبقى بها ولن تعيش في فيلات المستعمر، وأشارت إلى أن والدتها تقيم في هذه الزنزانة مع ابنها و أحفادها الثلاثة الصغار، على أمل الحصول على  سكن اجتماعي، فقد تقدمت بطلب بهذا الخصوص منذ السبعينات.
و المؤسف أن المجاهدة فاطمة الزهراء  تعيش هذه الأيام ظروفا صحية صعبة و هي تفترش الأرض بهذه الزنزانة،  و قد اضطرت ابنتها  إلى البقاء إلى جانبها لرعايتها،و قد أشارت هذه الأخيرة إلى أن والدتها كانت قد كرمت الموسم الماضي من طرف السلطات الولائية بالبليدة، لكن  أملها في منحها سكنا  شيده جزائريون لم يتحقق، و لا تزال ترفض الإقامة في قصور و فيلات الفرنسيين، و تقيم في زنزانتها التي تعتقد أنها حررتها من الاستعمار .
نورالدين.ع

الرجوع إلى الأعلى