أصدرت محكمة الجنايات بقالمة أمس الأحد؛ حكما بالسجن المؤبد في حق الشرطي (ح.ع.ب) 46 سنة، يعمل بأمن ولاية بسكرة، المتابع بجناية القتل العمدي مع سبق الإصرار و الترصد و حيازة سلاح ناري بدون رخصة، و برأت زوجته الشرطية العاملة بأمن دائرة بوشقوف (ب.ف) 37 سنة من تهمة تسليم السلاح المستعمل في قتل رئيس أمن دائرة بوشقوف رميا بالرصاص بأحد شوارع بوشقوف في 23 أكتوبر 2013 ؛في واحدة من أبشع جرائم التصفية التي تحدث بجهاز الشرطة بولاية قالمة حتى الآن.  
وقائع الجلسة الجنائية التي تابعتها النصر كشفت عن تفاصيل جريمة التصفية التي وقعت في ذلك اليوم الحزين و هزت عاصمة الإقليم الشرقي بوشقوف و القت بظلالها على جهاز الأمن بالمنطقة،  بعد ان تبين بان الضحية الذي عثر عليه يحتضر بشارع مظلم وسط المدينة  هو رئيس أمن الدائرة و أن القاتل شرطي كان يعمل   ببوشقوف قبل تحويله إلى ولاية بسكرة، عقابا له على الغيابات المستمرة التي تزامنت مع مشاكل صحية بدأت تعترضه بين حين و آخر تحت تأثير اعتداء إرهابي تعرض له سنة 1998 ، حيث قتلت زوجته الأولى و أصيب هو بجروح خطيرة و نجا من الموت، لكنه ظل يعاني من نوبات عصبية أثرت على قدراته العقلية و مساره المهني و أجبرت رؤساءه على تجريده من السلاح و إخضاعه للعلاج و إبقائه قيد الخدمة بلا سلاح إلى جانب زوجته الثانية الشرطية المتهمة بمساعدة زوجها على قتل رئيسها و تمكينه من سلاحها الشخصي و 5 طلقات نارية تبين بأنها حصلت عليها بطريقة غير قانونية خارج الكمية القانونية المرخص بها في النظام الداخلي لجهاز الامن الوطني.   
سبب الجريمة حسب وقائع جلسة المحاكمة التي استمرت ساعات طويلة شكوك انتابت المتهم الرئيسي حول علاقات غير عادية بين زوجته و رئيس أمن الدائرة رئيسه السابق، الذي يقف وراء اقتراح تحويله إلى بسكرة، و ظلت هذه الشكوك تتعاظم مع مرور الوقت خاصة بعد انتقال الجاني الى بسكرة و ابتعاده عن زوجته الشرطية العاملة بأمن دائرة بوشقوف، و ظل المتهم يترصد تحركات زوجته و يبحث عن قرائن تثبت علاقتها برئيسها لكنه لم يعثر على دليل مؤكد، و ظل يحاول حتى وقعت عيناه على اتصالات بين زوجته و رئيسها مدونة على هاتف آيفون الذكي الذي تملكه زوجته و عندما اطلع على فحوى الرسائل قال لقضاة الهيئة الجنائية بأنه أصيب بالإغماء،  و عندما أفاق وجد الهاتف محطما و الذاكرة لم تعد صالحة للاستعمال،  حيث سارعت الزوجة إلى إتلاف عنصر الإدانة و تهدئة زوجها الثائر و وعدته بالتوبة و قطع الاتصالات الهاتفية التي وصفتها بالعادية مع رئيسها ، مؤكدة بأن علاقتها به لم تصل إلى الحد الذي توهمه زوجها ، و أضافت بأنها شريفة و محافظة على كرامتها و كرامة زوجها و عائلتها العريقة بعد أن أصبحت أما لأطفال صغار. و حضر شهود من زملاء المتهمة للدفاع عنها و عن سمعة رئيسهم مؤكدين بأنهم لم يلاحظوا تصرفات مشبوهة بينها و بين رئيسها داخل مقر العمل.  
هدأت ثورة الزوج بعد حادثة الآيفون اللعين في ذلك اليوم وعادت الأوضاع إلى طبيعتها قبل أن تنتاب الزوج نوبات حادة من القلق و الشكوك، حيث بقيت محتويات ذاكرة الهاتف الذكي راسخة في ذهنه يستحضرها بين الحين و الآخر.       
عاد من بسكرة بعد مدة لقضاء إجازة مع عائلته و بين أهله و أصدقائه بمدينة بوشقوف و كانت زوجته سعيدة بعودته، و في غفلة منها فتح خزانة الملابس و بحث عن مسدسها فوجده داخل حقيبة يد صغيرة و معه 5 طلقات نارية، حمل المسدس معه و خرج إلى مقهى الحي للعب الورق و كان في غاية السعادة و هو يمارس هوايته المفضلة مع أصدقائه دون أن تظهر عليه علامات قلق و انفعال رغم اعتياده على تناول أدوية مهدئة تساعده على تجاوز النوبات العصبية التي تعترضه بين حين و آخر.   بدأ الظلام يخيم على المدينة الجميلة الهادئة و قرر المتهم العودة إلى منزله بأحد الأحياء القريبة من المقهى الذي اعتاد الجلوس فيه، و في طريق العودة صادفه رئيس أمن الدائرة الذي كان في جولة بالمدينة على متن سيارته الشخصية.  
توقف الضحية قرب قاتله و طلب منه الصعود الى السيارة حتى يوصله الى منزله و هو يسأل عن احواله ببسكرة و ظروف العمل هناك و سأله أيضا عن احوال أبنائه و زوجته و في هذه الأثناء ثارت ثائرة الجاني و استحضر واقعة الآيفون بسرعة و العقوبات المهنية التي أبعدته عن عائلته و الظروف الصعبة التي مر بها بعد الاعتداء الإرهابي ، اخرج مسدس زوجته و بدأ يطلق النار على رئيسه السابق داخل السيارة و أفرغ الرصاصات الخمس في جسده و تركه يسبح في بركة من الدماء قبل أن يصل إليه مواطنون كانوا مارين بالقرب من مسرح الجريمة و قبل أن يفقد وعيه أخبرهم بان الشرطي (ح.ع.ب) هو من أطلق عليه النار.
و اعترف المتهم بالجرم المنسوب إليه و قال بانه كان في حالة دفاع عن الشرف و انه كان أيضا تحت تأثير نوبة عصبية حادة بعد تناوله أدوية مهدئة ذات مفعول قوي في ذلك اليوم ، بينما نفت زوجته وجود علاقة مشبوهة مع الضحية و  أكدت انها لم تسلم مسدسها لزوجها و لم تكن تعلم بأنه عثر عليه داخل خزانة الملابس.  النيابة العامة أكدت على خطورة الوقائع الجنائية و ثبوت الجرم المنسوب للشرطيين و طالبت بإعدام المتهم الرئيسي و تسليط عقوبة 10 سنوات على زوجته التي استماتت في الدفاع عن نفسها بقوة طيلة المحاكمة التي استمرت 10 ساعات كاملة.
فريد.غ

الرجوع إلى الأعلى