وضعه "الدواعش " الوحوش في قفص و سكبوا على بدلة أسره البرتقالية البنزين ثم اضرموا النار التي أتت عليه كاملا و هو حيا يرزق و في كامل وعيه...ثم حملوا بقايا جثته المتفحمة برافعة..

"الدواعش " كانوا كثرا وكان معاذ وحده..كانوا مدججين بالأسلحة وكان هو أعزل و رهينة.يتلو القرآن...

معاذ سفر وجهه حسنا وبعينين مفتوحتين لم تنزل منهما ولا دمعة ..و كان الوحوش باللثام وعيونهم حائرة..

لم يستعطفهم...لم يصرخ ولم يبك...ووقف مرفوع الهامة  في إباء خلف قضبان القفص..دون إكثار من الحركة و دون رجفة بائنة من الموت وهيبته بجسارة الراحل صدام حسين عندما قاده "الروافض " إلى المشنقة.

الكساسبة إبن الكرك الهاشمية كان شهما ،لم يخف ولم يسقط حيا..واجه الموت و القتلة بجسارة و إيمان وفي "الفيديو "الذي بثه الوحوش تلا كلمة دون تلكؤ وبلا لعثمة وبلسان طليق كعادة النشامى والأردنيين.

لقد فاز بالشهادة يوم خانته طائرته " الأف 16" في طلعته الجوية وسقطت به في ليلة أعياد الميلاد وهو النقيب الجريء المتمرس في الطيران الملكي الذي كان يغيرعلى " الوحوش " من " الدواعش " في جريهم بين الأنقاض في مدينة الرقة السورية كالجرذان ..

الشهيد الحريق .مشى إلى مصيره المحتوم واثق الخطوة دون أن يتوجس خوفا من رشاشات " الدواعش " ولكن طلبا لموت يوهب له الحياة الأخرى ..فبدا قويا،وسيما وكعريس يزف إلى الشهادة التي لا يرومها العاديون ممن يخافون ولو كانت حياتهم في كنف المذلة والهوان والخنوع إلى الحيف والطغيان .وإرادة الشر .

أبدا لم يخف معاذ و في أنفاسه الآخيرة كانت عيناه تشعان بالسؤال الكبير:لما يخاف الليل من النهار؟ولما سيرمى في النار ك "الخليل " عليه السلام ؟قد يكون إبتسم بل أكيد إبتسم في تلك الأنفاس الأخيرة ولكن مقص "الدواعش "أكل إبتسامته من شريط الفيديو لأنه أحرجهم حتى وهو يموت وبإبتسامة قالت لهم : "أنتم و قوم إبراهيم سيان ".

لقد هزمهم كما هزم النار لأنه وجه جنة وهم وجوه سعير...وهو الخير و هم الشر..وله الآن " البرد و السلام " وعليهم اللعنة و الدمار.

معاذ اليوم شهيد في دار الخلد التي سار إليها في السابعة والعشرين شابا،يافعا،مؤمنا و قد حاز إعتراف كل الدنيا و تعاطف كل البشر..وقبره قد يكون أي قبر جندي مجهول توضع فوقه شمعة أو وردة أو تتلى عليه فاتحة الكتاب...اما قتلته فسيبصق الجميع على قبورهم و سيدانون إلى يوم الدين.

سلاما معاذ..سلاما أيقونة الخير ..والويل والثبور ل" داعش " الهمجية

محمد تليلاني

الرجوع إلى الأعلى