القشابية اللباس الرجالي المفضل لمواجهة البرد القارس  
عادت مؤخرا موضة ارتداء القشابية في تيزي وزو التي تشتهر كثيرا بالبرنوس القبائلي، حيث يختاره الكثير من المواطنين ليقيهم من البرد القارس و يوفر لهم الدفء في عز أيام فصل الشتاء.
أصبحت القشابية اليوم، المنافس الوحيد للبرنوس القبائلي، فقد اختارها سكان جرجرة للاحتماء من البرد القارس السائد في المنطقة، و تبقى من أفضل الألبسة الشتوية التي يستنجد بها الشباب و الشيوخ، و حتى الأطفال الصغار في الشتاء، خاصة في المرتفعات الجبلية التي تتميز بكثرة تساقط الثلوج و انخفاض شديد في درجات الحرارة، كما أن شكلها الجميل وتصميمها العصري المُتقن، يجعلهم يقبلون عليها دون حرج، وتكون بذلك منافسة لآخر صيحات الموضة من معاطف الكاشمير و تلك المصنوعة من أجود أنواع الجلود التي لا تقيهم من هجوم البرد و الصقيع.
و يعكس تزايد الإقبال على القشابية التي تمثل أرقى الألبسة الشتوية التقليدية، مدى سعي سكان جرجرة إلى المحافظة على كل ما هو تقليدي جزائري، دون استثناء، و يفضلونها على  سائر المعاطف و الألبسة الشتوية الأخرى، كونها خفيفة و دافئة، حيث تقيهم من برودة الأمطار و الثلوج، ويمكنهم التجول بها بكل حرية في المدن أو القرى، كما أنهم يرغبون في نفس الوقت في رد الاعتبار لهذا اللباس و العودة إلى الأصل، لأن القشابية، حسبهم، لها دلالات تاريخية حيث كان لعبت دورا هاما خلال الثورة التحريرية إلى جانب البرنوس، وقد رافقت هذه الألبسة التقليدية المجاهدين في الفترة الاستعمارية، وكان اللباس الوحيد الذي يشترك فيه كافة الجزائريين في تلك الفترة، فبالإضافة إلى كونه سلاح لمجابهة البرد، يتخذونه أيضا كوسيلة لإخفاء الأسلحة و الأدوية والطعام عن أعين العدو حتى لا ينكشف أمرهم.
لمسات إبداعية لاستقطاب مختلف الفئات الاجتماعية
هذا الموروث التقليدي أصبح اليوم مصدر إلهام للعديد من الحرفيين الذين يبدعون في تصميمه، حيث أضفوا عليه لمسات إبداعية ليتجاوز الاستخدام اليومي، ويرتبط بالمناسبات الدينية والعائلية والسهرات والأفراح، من خلال طريقة تطريز الأكمام وفتحة الصدر بأجود أنواع الحرير، وبقي يحافظ على شعبيته و يلقى رواجا كبيرا في أوساط كافة الفئات الاجتماعية و للقشابية وزنها و قيمتها لدى المثقفين و الموظفين و كبار المسؤولين في الولاية، كما يؤكّده المختصون في تجارة الألبسة التقليدية في تيزي وزو.وحسب أصحاب المهنة، فقد استطاعت القشابية التي تُصنع من أجود أنواع الوبر المنزوع من الجمل و الصوف، أن تصمد أمام موجات التحديث، بفضل ابتكارات استجابت إلى مستلزمات العصر، وواكبت متغيراته محافظة على طابعها التقليدي الأصيل، كما ساهمت في إنقاذ حرفة تقليدية كانت مهددة بالزوال.
و يمكن لزائر عاصمة جرجرة أن يتوجه إلى دار الصناعات التقليدية في وسط مدينة تيزي وزو ، و يقف على مدى تنوع هذا اللباس التقليدي الذي يعرضه التجار في محلاتهم، كما يلاحظ مدى إقبال السكان عليه شيوخا و كهولا و أكثرهم من فئة الشباب الذين يتفاخرون به لجماليته، كما أن للأطفال الصغار نصيبهم من هذا اللباس التقليدي في المحلات، حيث يجدون قشابيات على مقاسهم صنعت خصيصا لهم.  
سامية إخليف

الرجوع إلى الأعلى