أكد الأستاذ الأمريكي وليام ب . كاند المختص في مسائل الشرق الأوسط بأن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أصبحت تفضل خيار الحلول السياسية و الدبلوماسية لتسوية النزاعات و الأزمات سيما في منطقة الشرق الأوسط التي تعاني من عدم الاستقرار و تشهد تحولات كبيرة.

و أوضح الأستاذ وليام خلال محاضرة بجامعة الجزائر تحت عنوان " تحديات أوباما في الشرق الأوسط " أن  الرئيس أوباما مع حل سياسي للنزاعات و الأزمات في سياسته الخارجية سيما في الشرق الأوسط عكس سابقه جورج بوش الذي فضل التدخلات العسكرية "، مضيفا  بأن إدارة الرئيس الأمريكي قد أظهرت إلتزامها بهذا الخيار من خلال فتح عدة جبهات للحوار سيما مع إيران و سوريا "، مشيرا إلى أن الوضع في سوريا غاية في التعقيد حيث خلف النزاع أكثر من 220 ألف قتيل و ملايين المرحلين، مبرزا في ذات السياق أنه لا يمكن الحديث في الوقت الراهن عن إستراتيجية أمريكية في سوريا لأن تعقد الوضع في هذا البلد سيما مع بروز غير المتوقع للجماعة الإرهابية "الدولة الإسلامية داعش" يجعل من اتخاذ القرار أكثر صعوبة.

و كان كاتب الدولة الأمريكي و عضو سابق في مجلس الأمن الأمريكي قد صرح خلال الشهر الفارط أن الرئيس السوري بشار الأسد يعد جزء من الحل و أن الولايات المتحدة كانت دوما تؤيد مفاوضات في إطار مسار السلام جنيف 1 ، مع العلم أن الولايات المتحدة تقود تحالفا عسكريا دوليا ضد تنظيم داعش في العراق و سوريا .

و بخصوص المفاوضات حول الملف النووي الإيراني أكد السيد كاند الذي ترأس قسم الدراسات السياسية بجامعة فرجينيا في الفترة ما بين 1994 – 2013  أن  القطيعة مع إيران كانت سلبية  حيث منعت الأمريكيين و بلدان المنطقة من الاستفادة من الثقل السياسي و الاقتصادي و الإستراتيجي لإيران ، مشيرا إلى أن  المفاوضات حول النووي الإيراني يعد نجاحا للسياسة الخارجية الأمريكية ، و أن التوصل إلى اتفاق نهائي خلال الأيام المقبلة يعد ممكنا ، معتبرا في ذات السياق أن معارضة النواب الجمهوريين أصحاب الأغلبية في الكونغرس لا يمكن أن يعيق التوصل إلى اتفاق محتمل حول النووي الإيراني .

كما أعرب المختص في شؤون الشرق الأوسط عن تشاؤمه بشأن مسار السلام الإسرائيلي الفلسطيني المتوقف منذ سنة فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق بين الجانبين محملا في ذلك كامل المسؤولية للحزب الحاكم في إسرائيل " الليكود " الذي يرفض حل الدولتين ، مقرا بأن إدارة أوباما  قد اقترفت عديد الأخطاء  في سياستها الشرق الأوسطية سيما مع التدخل العسكري في ليبيا و التغاضي عن كثير من المسائل ، موضحا بأنه رغم كل تلك الأخطاء إلا أن سياسة أوباما قد سجلت أيضا عديد النجاحات .

و  في ذات السياق أرجع الخبير الأمريكي  أسباب الأزمات التي تعرفها بلدان الشرق الأوسط إلى نظام الحكم الاستبدادي الذي دفع بالشعوب إلى الثورة، موضحا بأن المشاكل التي تواجهها حاليا بلدان في الشرق الأوسط ناجمة خاصة عن النظام الاستبدادي الذي دفع بشعوب تلك البلدان إلى الثورة من أجل تغيير طبيعة النظام، مشيرا في هذا الخصوص إلى كل من تونس و مصر اللتين كانتا مسرحا لثورات شعبية سنتي 2010 و 2011 و نجم عنها تنحية رئيسين في تلك الحقبة، مضيفا أن فترة ما قبل الثورات  تميزت بأنظمة هيمنت على السلطة مما أعطى الانطباع للشعب بأن السلطات الحاكمة في البلاد لا تخدم إلا مصالحها الخاصة، و هو ما دفع حسبه بالشباب إلى الثورة باستعمال الشبكات الاجتماعية كوسيلة لتبادل المعلومات التي أصبحت حيوية في عصر التكنولوجيات الحديثة، مؤكدا بأن تلك الانتفاضات كانت تتميز بأنها حركات أفقية و ليست عمودية مع غياب للقيادة ،إلا أنها تمتلك عدة مراكز للتعبئة بهدف تغيير النظام، موضحا في ذات الوقت بأنه رغم تلك الاضطرابات الاجتماعية  إلا أن الدولة لم تنهار و بقيت المؤسسات قائمة مثل ما حدث في تونس و مصر و ذلك بفضل نظام الدولة الذي ساهم في تجنيب تلك الدولتين الوقوع في الفوضى.
و أشار السيد كاند في هذا الصدد،  إلى الأزمة الليبية حيث قال بأن هذا البلد  وقع في أتون الفوضى بسبب غياب نظام دولة يضمن استمرارية مؤسسات البلاد، مبرزا بأن نظام الدولة يلعب دورا جوهريا في استقرار البلد لتجنب الفوضى.
و في رده عن سؤال حول صورة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط قال السيد كاند أن "الشعوب العربية لا زالت تحتفظ بصورة سلبية عن الأمريكيين" ، معتبرا بأن المسألة الفلسطينية و الأزمة العراقية قد أضرتا كثيرا بصورة الولايات المتحدة التي و من خلال تدخلها العسكري قد تركت فراغا في العراق مما ساهم على حد قوله في ظهور الجماعات الإرهابية على غرار تنظيم ما يسمى "داعش"، معتبرا أن الولايات المتحدة الأمريكية تجعل من مكافحة "داعش" أولوية في منطقة الشرق الأوسط ،لأنها الهدف الرئيسي  وراء التدخل العسكري في العراق و في جزء من سوريا، موضحا  بأن التحالف الدولي الذي يقوده الأمريكيون بإمكانه القضاء على المتطرفين في العراق، لكن في سوريا قال بأنه لايعتقد أن له إستراتيجية لأن الأمر أكثر تعقيدا و الوضع اخطر في هذا البلد.

و في رده عن سؤال حول تصريحات كاتب الدولة الأمريكي جون كيري خلال الشهر الماضي بخصوص استعداد الولايات المتحدةلحوار محتمل مع الحكومة السورية ، أكد العضو السابق في مجلس الأمن الأمريكي وليام كاند أن  في " سوريا ليس هناك حوار مع الرئيس بشار الأسد و لكن عملا موازيا"
موضحا أن "ذلك يعني أننا لا نهاجم قوات الأسد و لا ندعمها، و التشاور يقوم أساسا حول عناصر داعش من اجل القضاء حسبه عليهم في العراق أولا ثم في سوريا ، كما رد الخبير في سؤال حول دور الأمريكيين في مكافحة الإرهاب في منطقتي المغرب العربي و الساحل الإفريقي قائلا  أن بلاده تكتفي بالتعاون الأمني مع بلدان المنطقتين، مؤكدا أن المسؤولين الأمريكيين يفضلون الحل السياسي لتسوية الأزمات في ليبيا ، مالي و اليمن.

أسماء . ب

الرجوع إلى الأعلى