أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أن المستوى الذي بلغه تنويع الاقتصاد الوطني ليس بالهين لكنه يبقى غير كاف من أجل إعادة توازن القيّم المضافة القطاعية، وشدّد على ضرورة ترقية القطاع الخاص ومكافحة البيروقراطية، موضحا أن المراجعة الجارية لقانون المحروقات، ستسمح بتطوير الشراكة مع الشركات الأجنبية، وقال إن إرادة الجزائر هي جعل إطارها التشريعي والتنظيمي المسيّر لقطاعات النشاطات «أكثر جاذبية».
اعتبر رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، أن تنويع الاقتصاد الوطني هدف «محوري» و غاية «لا مفر منها»، مضيفا أن النتائج المحققة إلى حد الآن «ليست بالهينة» ولكنها تبقى «غير كافية»، وذلك في حوار نشر يوم الأربعاء في تقرير حول الجزائر لمكتب النصح الاقتصادي «أوكسفورد بيزنس غروب»، حيث أبرز الرئيس بوتفليقة أن «التنويع الاقتصادي لا مفر منه بالنسبة للمسعى الاقتصادي للجزائر، وأكد بأن تجسيد هذا الخيار ليس سهلا لأنه يتطلب سياسات اقتصادية و صناعية و فلاحية ملائمة
 و الوقت و المثابرة في تطبيقه.
واعتبر رئيس الدولة أن هذا التنويع «يستلزم أيضا حشد كافة الطاقات و جميع الفاعلين في التنمية سواء تعلق الأمر بالسلطات العمومية والجماعات المحلية و المؤسسات الوطنية الخاصة و العمومية أو بالشركات الأجنبية التي يمكنها تقديم الكثير لاقتصادنا». وأوضح أن الأمر يتعلق بالتزام تم تبنيه منذ عدة سنوات و يجري تطبيقه ميدانيا.
ذكر الرئيس بمختلف برامج الاستثمار العمومي التي ساهمت في تدعيم شبكة الهياكل القاعدية واستحداث مناصب شغل و تثمين فرص الاستثمار و تعزيز القدرة الشرائية و تحسين الظروف المعيشية للمواطن. كما شدد بصفة خاصة على سياسات إعادة التوزيع الصناعي و دعم الاستثمار التي ساهمت في بعث و بروز نشاطات صناعية (الحديد و الصلب و الصناعة الصيدلانية و السيارات و الصناعة الالكترونية و الغذائية و الاسمنت...).
و استطرد رئيس الجمهورية يقول «إن المستوى الذي بلغه تنويع الاقتصاد الوطني ليس بالهين لكنه يبقى اليوم غير كافي من أجل إعادة توازن القيّم المضافة القطاعية بشكل دائم و تشكيل خيار جاد للمحروقات من خلال ترقية صادرات السلع و الخدمات».
ترقية القطاع الخاص ومحاربة البيروقراطية
وتطرق رئيس الجمهورية لعوامل نجاح مسار التنويع الاقتصادي. و يتعلق الأمر، أولا، بدور القطاع الخاص «الضروري لنجاح هذا المسار»، مؤكدا أن «التنويع لا يمكن أن يتحقق دون حضور قوي و نشيط للمؤسسة الخاصة في جميع قطاعات النشاط الاقتصادي». أما العامل الثاني، يتعلق بتحسين نوعية التسيير الاقتصادي، ليس فقط على مستوى المؤسسات و الإدارات الاقتصادية للدولة بل أيضا على مستوى المؤسسات العمومية و الخاصة.
أما الجانب الثالث، فهو يتطلب «مكافحة صارمة لكل أشكال التسيير و الممارسات البيروقراطية»، حيث شدد الرئيس بوتفليقة، على ضرورة العمل أكثر على تحسين مناخ الأعمال. و أكد في هذا الإطار أنه «من غير المقبول أن تثبط المبادرات و الإرادات الحسنة و الالتزام الوطني والمالي للمقاولين بفعل سلوكات بيروقراطية أو منفعية» مذكرا بما تحقق في مجال التبسيط الإداري و التنظيمي من تقدم أكيد في إطار مسعى تحسين مناخ الأعمال الذي تمت مباشرته منذ سنوات.
وقال في هذا الشأن بأن «النتائج جلية في عديد مجالات الحياة اليومية للمواطن و المتعامل الاقتصادي (الحالة المدنية و العدالة و السجل التجاري و الجمارك...) و لكن علينا تحقيق المزيد من التقدم على هذا الدرب»، يقول رئيس الجمهورية. كما يتطلب نجاح مسار التنويع الاستمرار «بعزم» في برنامج الإصلاحات سواء على الصعيد المؤسساتي و الإداري أو في مجال الاقتصاد و المالية و البنوك، أضاف رئيس الجمهورية. 
وفي رده على سؤال حول النموذج الاقتصادي الذي تبنته الجزائر من أجل تنميتها في آفاق 2030، أوضح الرئيس بوتفليقة أن الهدف من النهج الجديد المعتمد هو التصدي لمقتضيات الاقتصاد العالمي والتخفيف من آثاره وإقرار نمو على أسس «صحيحة ومستدامة». وأردف يقول أن «هذا المسعى القائم على نموذج النمو الجديد المعتمد سنة 2016، قد زادت من ضرورته الملحة التغيرات غير المنتظمة لأسواق النفط التي تؤثر سلبا على توازناتنا المالية الداخلية منها والخارجية.»
واعتبر رئيس الجمهورية، أن هذا المسعى يتمثل أساسا في احتواء الاستثمارات في الهياكل الأساسية التي لا يكون لها صدى على قدرات الإنتاج والتخلص تدريجيا من عجز الميزانية وميزان المدفوعات وإضفاء الوضوح و الشفافية على سياساتنا واستراتيجياتنا القطاعية ومواصلة تطهير مناخ الأعمال وترقية الصادرات، خاصة خارج المحروقات، عن طريق أعمال أكثر تنظيما واستهدافا.
النموذج الاقتصادي سيعرف تعديلات ظرفية
و في سياق آخر، أوضح رئيس الجمهورية أن الجزائر ستواصل تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي لاسيما في القطاعات والشعب ذات القيمة المضافة العالية، على غرار الطاقات المتجددة والصناعات الزراعية الغذائية والخدمات والاقتصاد الرقمي والنشاطات البعدية لقطاعي المحروقات و المناجم وكذا السياحة و المناطق اللوجيستية.
وأضاف رئيس الجمهورية، قائلا «ما ننتظره من هذا المسعى الجديد ليس فقط استعادة توازن الحسابات العامة تدرجيا،  وخاصة بالنسبة للفترة الممتدة من 2020 إلى 2030، ولكن هو زيادة نمو الناتج المحلي الخام لاسيما خارج المحروقات وارتفاع محسوس للناتج المحلي الخام للفرد وكذا زيادة كبيرة لحصة الصناعة التحويلية في القيمة المضافة الإجمالية وكذا تحوّل لنموذجنا الطاقوي يسمح باقتصاد مواردنا غير المتجددة وتنويع الصادرات لدعم تمويل النمو». وأكد الرئيس بوتفليقة، بأن نموذج النمو الذي يجري تجسيده تدريجيا، «يمكنه أن يعرف تعديلات ظرفية تمليها تذبذبات الاقتصاد العالمي وضغوطاته»، ولكنه سيظل محافظا على وجهته نحو اقتصاد منتج و فعال اجتماعيا ومتحرر تدريجيا من التبعية لعائدات صادرات النفط وحدها.
و بخصوص المراجعة الجارية لقانون المحروقات، أوضح رئيس الجمهورية أن «هذا سيساهم بالتأكيد في تطوير شراكة رابح-رابح مع الشركات الأجنبية في هذا المجال» مؤكدا أن إرادة الجزائر هي جعل إطارها التشريعي والتنظيمي المسير لقطاعات النشاطات «أكثر جاذبية».
و عن دور الجزائر في تعزيز التعاون الإفريقي البيني، اعتبر الرئيس بوتفليقة أن الاستثمار في تطوير إفريقيا يمثل «فرصة حقيقية يجب انتهازها» في عالم يواجه صعوبة في تحقيق نمو اقتصادي. و استطرد يقول «نحن مقتنعون بأن النشاطات والإمكانات المتاح استغلالها هي ملائمة لإقامة شراكات جديدة بين المؤسسات الجزائرية و الإفريقية». كما جدد الرئيس بوتفليقة مشاركة الجزائر «الفعالة» في المفاوضات حول إنشاء منطقة تبادل حر قارية بغية تحرير الطاقات و تشجيع المبادلات و المساهمة بذلك في تحول هيكلي للبلدان الإفريقية.
ع سمير

الرجوع إلى الأعلى