خرج، أمس، عشرات آلاف الجزائريين عبر كامل ولايات شرق البلاد، في مسيرات حاشدة للجمعة الخامسة على التوالي، للمطالبة بتغيير جذري لنظام الحكم في البلاد، وإقامة جمهورية ثانية بوجوه جديدة، وذلك على الرغم من الأجواء الماطرة والتي لم تمنعهم من الخروج إلى الشارع والتعبير عن آرائهم.
لم تمنع الأمطار  المتساقطة، نهار أمس الجمعة، المتظاهرين من الخروج إلى الشارع للتعبير عن آرائهم عما تعيشه البلاد، بل كانت عاملا محفزا للعائلات من أجل الخروج ومواصلة التظاهر رفقة أبنائها، وتحوّل الحراك في جمعته الخامسة إلى فسحة لمئات الأطفال والتلاميذ تزامنا مع أول يوم من عطلة الربيع، عندما نزلوا رفقة أوليائهم موشحين بالأعلام الوطنية والألعاب والورود إلى الشارع، في مشهد حضاري يعكس مدى الوعي الذي يعيشه الشارع الجزائري هذه الأيام.
وقد رفع المتظاهرون لافتات حملت ردود أفعالهم عن مختلف الأحداث التي شهدها الأسبوع الأخير، ومن بين ما جاءت به اللافتات «رفض التدويل « ومطالبة نائب الوزير الأول رمطان لعمامرة بوقف زياراته إلى العواصم الأوروبية، «لا روسيا ولا الصين الشعب هو من يختار الرئيس»، كما نال حزبا جبهة التحرير الوطني والأرندي نصيبهما من اللافتات وذلك تعليقا عن تأييد قيادتيهما للحراك الشعبي، وقد جاءت كل اللافتات برفضهم ضمن الحراك.
برودة الطقس لم تمنع المتظاهرين من الخروج
وكسابقاتها من الجمعات الماضية خرج آلاف القسنطينيين إلى وسط المدينة وبالضبط إلى ساحة الشهداء رافعين الأعلام الوطنية وشعارات تدعو لجمهورية جديدة وبأسماء من الكفاءات الوطنية الشابة التي لم تكن لها صلة مع النظام السابق، رافضين ما تضمنته خطابات أحزاب الموالاة المتضمنة تأييد الحراك الشعبي، وهي صراحة قال المتظاهرون أنها متأخرة كثيرة عن موجة الوعي التي يعيشها الشارع اليوم.
وبجيجل خرج حشد كبير من المواطنين في مسيرة سلمية، جابت شوارع وسط المدينة، وكانت الانطلاقة بعد صلاة الجمعة، أين عرفت الساحة المقابلة لمتحف كتامة، بداية تجمع المئات من المواطنين، ميزها حضور عائلات باتجاه شارع عبد الحميد ابن باديس، وطالب المتظاهرون بعدم التمديد الذي دعا إليه رئيس الجمهورية، وإستمرت المسيرة عبر شوارع المدينة، أين وقف المشاركون مطولا أمام مقر الولاية، مطالبين بتحقيق مطالبهم، كما شهدت باقي البلديات تنظيم مسيرات مماثلة.
أما بعاصمة الهضاب فخرج السطايفية بقوة للجمعة الخامسة على التوالي، رغم برودة الطقس، وتوافدوا تدريجيا مقابل مقر الولاية، قادمين من مختلف الأحياء، رافعين الشعارات والأعلام الوطنية، للمطالبة بتغيير نظام الحكم، فيما شهدت بعض البلديات الكبرى، على غرار بوعنداس، العلمة، عين ولمان وعين آزال، مسيرات سلمية جابت شوارعها الرئيسية للتعبير عن مواقفهم بضرورة إحداث تغيرات جذرية على مستوى نظام الحكم.
وبالولاية رقم أربعة وعشرين خرج آلاف المواطنين في مسيرة حاشدة للمطالبة بالتغيير و بناء جزائر جديدة بعدالة حرة مستقلة، و قد جابت المسيرة الشوارع والساحات الرئيسية بينها شارع الولاية، ساحة النصب التذكاري المخلد للرئيس الراحل هواري بومدين، ثم شارع سويداني بوجمعة وسط المدينة، ومنه توجه المتظاهرون عبر شارع أول نوفمبر نحو ملعب حي قهدور مرددين هتافات مطالبة بتلبية المطالب الشعبية والمحافظة على الاستقرار ووحدة البلاد.
مسيرة ضخمة بعنابة ورفض تأطير الحراك بميلة
بدورها شهدت عنابة أكبر مظاهرة منذ بداية الحراك، وقد أغلقت حشود المتظاهرين جميع المنافذ المؤدية إلى ساحة الثورة والمنطقة المحيطة، وأمام الازدحام الكبير فضل المتظاهرون التوجه نحو الكورنيش مبكرا، لفك الاختناق الذي عرفه القلب النابض للمدينة، وكانت مطالب المتظاهرين تدعو لرحيل الأفلان والأرندي، وكذا لعمامرة، والابراهيمي، وهي أكبر الشعارات والهتافات التي رددها المتظاهرون من مختلف الاطياف والأعمار، كما انتقد المشاركون في المسيرات من خلال اللافتات المرفوعة أحزاب التحالف التي أعلنت مساندتها للحراك.
وتحت شعار «الجو بارد والقلب سخون» وعلى الرغم من الأجواء الباردة وتساقط الثلوج والأمطار بغزارة إلا أن ذلك لم يمنع الخناشلة من الخروج في مسيرة حاشدة انطلاقا من ساحة عباس لغرور نحو مقر الولاية ثم إلى ساحة البلدية وتنظيم تجمع حاشد تحت تساقط الأمطار مطالبين بالتغيير والقطيعة والاستماع إلى صوت الشعب حاملين لافتات وشعارات وأعلام وطنية مرددين أناشيد وطنية.
وبالطارف خرج المواطنون بعد صلاة الجمعة في أكبر مسيرة سلمية شارك فيها الآلاف من مختلف الفئات والأعمار قدموا من كل البلديات والمناطق الحدودية، مطالبين باحترام الدستور ورافضين تأجيل الانتخابات، كما طالبت جموع المتظاهرين برحيل الافلان ومحاسبة كل المتسببين فيما تعيشه البلاد، وقد جابت المسيرة شوارع المدينة بتأطير محكم دون تسجيل أي تجاوزات وصولا إلى غاية ساحة الاستقلال قبالة مقر الولاية.
أما بميلة فقد ردّد المتظاهرون طويلا عبارة «لن نكل ولن نمل نحن نطالب النظام دوما بأن يرحل» عندما شاركوا في مسيرة الجمعة الخامسة، والتي سارت حسب المسار المعتاد وبزيادة ملحوظة في عدد المشاركين من الجنسين ومختلف الأعمار والفئات، وانطلق المتظاهرون من روضة الشهداء بعين الصياح حتى مقر الولاية ثم العودة لنقطة الانطلاق مرورا بشارعي أول نوفمبر وجيش التحرير.
كما نالت ولاية ميلة نصيبها من الاحتجاجات بعد أن رفض المتظاهرون أن يعينوا ممثلين عنهم، وأوضحوا عدم وجود أسماء تقود الحراك.
يذكر أن ميلة شهدت مساء الخميس مسيرة بدأت من عين الصياح نحو دار الثقافة مبارك الميلي لإبطال اللقاء المحتمل لاختيار ممثلي الحراك الشعبي حيث عمدوا إلى غلق باب القاعة بعلم وطني كبير الحجم ورفعوا فوقها شعار نصه «الشعب سيد نفسه لا لتمثيل الحراك» وظلوا بعين المكان إلى غاية حلول الظلام، علما وأنه لم يبد أي مواطن نيته في الدخول، وذلك للتأكد من بطلان شائعات أطلقت عبر بعض صفحات التواصل الاجتماعي تشير إلى وجود قائمة لمواطنين يمثلون هذا الحراك.
أما بولاية برج بوعريريج، و خلافا للمسيرات السابقة حملت مسيرة الجمعة الخامسة شبه إجماع بين المتظاهرين، برفع العديد من اللافتات التي دعوا فيها الرئيس السابق اليامين زروال لتلبية نداء الوطن، وتسيير المرحلة القادمة، كما طالبوا ببناء دولة جديدة أساسها العدل والحرية، ورحيل النظام الحالي وجميع رموزه، بمن فيهم قادة ورؤساء الأحزاب السياسية، وذلك في رد فعل منهم تجاه الحراك السياسي في الأسبوع الأخير، الذي أعلن فيه قادة العديد من الأحزاب بما فيهم حزبا الأفلان والأرندي بدعم الحراك الشعبي، معتبرين هذه التحركات محاولة التفاف حول مطالب الشعب، كما دعوا قيادتي هذه الأحزاب إلى الرحيل في هتافاتهم وفي الشعارات المكتوبة على غرار «الأفلان الأرندي .. لا للرسكلة».
وبعاصمة الأوراس انطلق المتظاهرون في المسيرة كسابق الجمعات الأربع الماضية من مسجد أول نوفمبر كما خرجت الحشود أيضا من مختلف الشوارع والأحياء بالآلاف. وعرفت المسيرة مشاركة نسوية بارزة وخرجت العائلات بأطفالها في أجواء بهيجة بدت وكأنها عرس تحت وقع الفوفوزيلا التي رسمت أجواء كروية افريقية، ورفع المتظاهرون الراية الوطنية مرددين شعارات سلمية تطالب بتغيير النظام وبعدم تمديد العهدة الرئاسية. وقد جاب المتظاهرون الشوارع الرئيسية على غرار طريق بسكرة وممرات مصطفى بن بولعيد واستمر التظاهر إلى ما بعد صلاة العصر في أجواء هادئة.
ولاية سكيكدة شهدت بدورها أكبر مسيرة منذ بداية الحراك الشعبي عند التحاق موجة بشرية عقب صلاة الجمعة بالشارع الرئيسي بوسط المدينة ديدوش مراد إلى غاية حي الممرات بقرب الملعب البلدي على مسافة 3 كلم أول نوفمبر بمحاذاة النزل البلدي، وحمل المتظاهرون الأعلام الوطنية، ورددوا النشيد الوطني وهتافات تطالب برحيل رموز النظام وعدم التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للبلاد. ونادى المشاركون في المسيرة برحيل الأفلان والأرندي وعدم قبول توبة قيادات هذين الحزبين كما هتفوا بعبارات «الشعب الجيش خاوة خاوة» وقد استوقف مشهد تجسيد بعض المواطنين لأفراد الجيش باللباس الرسمي وترديدهم أغان وطنية وهتافات تطالب بتغيير النظام ومحاسبة رموزه انتباه الجميع اين قاموا بأخذ صور تذكارية. ولم تغب النسوة عن هذه المسيرة وشكل المتظاهرون مجموعات على طول الشارع الرئيسي في مشهد أثار اعجاب الجميع بينما ظلت قوات الأمن متمركزة على طول الشارع الرئيسي وخاصة أمام الهيئات والمرافق العمومية تراقب الوضع دون تسجيل أي تجاوزات.
أما بالوادي فقد غصت ساحة «الشهيد حمة لخضر» وعدد من الساحات بالبلديات البعيدة عن عاصمة الولاية على غرار دائرتي جامعة والمغير بآلاف المواطنين الذين خرجوا للجمعة الخامسة على التوالي مطالبين بالتغيير ورفض التمديد و التأجيل.
كما رفع المتظاهرون في وقفتهم السلمية بالوادي شعارات تؤكد أن الحراك الشعبي يستوحي مطالبه ومبادئه من مبادئ 1 نوفمبر 1954، كما انتقدوا تصريحات مسؤولي حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي المتعلقة بمساندة الشعب، كما طال الانتقاد أيضا مسؤولي الاتحاد العام للعمال الجزائريين على المستويين الوطني والمحلي، مطالبين بتحرير النقابة من المسؤولين الحاليين وإبعادها عن فلك السياسة .          مراسلون

الرجوع إلى الأعلى