تلقى المجلس الوطني لحقوق الإنسان أكثر من 1400 شكوى خلال عام 2018، معظمها يتمحور حول القضايا المتعلقة بالسكن والعدالة والعمل، كما دعا المجلس إلى ضرورة التفكير في إدخال تعديلات على قانون الانتخابات، وإعادة النظر في القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء، وكذا عدم التسرع في متابعة الصحفيين الذين ينتقدون الشخصيات العمومية.
وأوضح المجلس في تقريره السنوي، الذي سلمه رئيسه، بوزيد لزهاري إلى رئيس الدولة، أنه تلقى العام الماضي 1439 شكوى واستقبل 885 شخصا، حيث قام على إثر ذلك بدراسة 1258 ملفا أي بزيادة تتجاوز 67 بالمائة مقارنة بـ 2017.
وحسب التصنيف الموضوعي للشكاوي والعرائض التي تلقاها المجلس، فإن السكن يعد أكثر الحقوق طرحا، حيث بلغ عدد الشكاوي الخاصة بهذا الملف 345 شكوى، أما الحق الثاني الأكثر حضورا في الشكاوي الموجهة للمجلس فهو العدالة والمطالبة بمحاكمة عادلة، حيث بلغ عدد الملفات في هذا الإطار 327 شكوى، أما الحق الثالث الأكثر طرحا في الشكاوي فهو الحق في العمل، والذي تلقى بشأنه 115 ملفا.  وجاءت الشكاوي المتعلقة بحقوق السجناء في المركز الرابع، من حيث عدد الملفات التي تلقاها المجلس الوطني بـ 60 شكوى متبوعة بالشكاوي المتعلقة بالمأساة الوطنية والتي أخذت حيزا مهما بـ 40 شكوى.
ولدى تفصيله لوجهة المراسلات التي قام المجلس الوطني، تبعا للشكاوي الواردة إليه، أظهر التقرير عن إرسال 268 مراسلة إلى ولاة الجمهورية، و 60 مراسلة إلى الولاة المنتدبين، غير أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان لم يتلق سوى 175 ردا، من طرف الجهات المختصة التي اتصل بها، وهو ما اعتبره عددا «قليلا جدا»، مقارنة بعدد الشكاوي وهو ما يؤكد حسبه، أن «الجهات المختصة لم تدرك بعد أن من مهامها الرد على مراسلات المجلس الوطني بوصفه مؤسسة دستورية تقوم بمهامها المرتبطة بمعالجة الشكاوي والقيام بالوساطة».
وأوضح المجلس في تقريره أن «أغلب المؤسسات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان في العالم تملك صلاحيات في مجال الانتخابات»، مشيرا إلى أن الانتخاب والترشح باعتبارهما من الحقوق السياسية الأساسية المهمة، تجعل المجلس الوطني «ملزما بتقديم مساهمة في ميدان الانتخابات وذلك بتقديم تقرير خاص حول ملاحظاته للعملية الانتخابية». وبشأن استقلالية القضاء ومحاربة الفساد، شدد المجلس على «ضرورة إعادة النظر في القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء وإعطاء نيابة رئاسة المجلس لقاض وليس لعضو في الجهاز التنفيذي»، مبرزا أن ذلك ينبغي أن «يتجسد عمليا بإعطاء نيابة رئاسة المجلس الأعلى للقضاء للرئيس الأول  للمحكمة العليا بدلا من وزير العدل». من جهة أخرى، أشار التقرير إلى أن «الرشوة والفساد ينتهكان حقوق الإنسان»، لافتا إلى أنه «إذا أصبحت الرشوة مستشرية، فإن العزوف يزداد في اللجوء إلى العدالة، وذلك بسبب الاعتقاد الجازم أن هذا اللجوء لن يحمي حقوقهم»، مشيرا إلى أنه في مثل هذه الظروف «تصبح الضبطية القضائية والقضاء عرضة لشبهة الفساد من قبل المتقاضين الذين يريدون إحقاق حق المحاكمة العادلة، يطبق فيها القانون تطبيقا صحيحا وعادلا».
وبشأن حرية التعبير والصحافة، ذكر التقرير أن هذه الأخيرة تشكل «أحد الركائز الأساسية للمجتمع الديمقراطي والنصوص الدستورية والقانونية في الجزائر»، لافتا إلى أن الوثائق الدولية المصادق عليها من طرف الدولة الجزائرية «تعطي لهذا الحق أهمية كبيرة». وفي هذا الإطار، دعا المجلس إلى «الابتعاد عن استخدام الوسائل المالية والمادية وغيرها لإجبار الصحف ووسائل الاتصال بصفة عامة، سواء أكانت تنتمي للقطاع الخاص أو العمومي، على إتباع توجه معين»، مشيرا إلى أن «الإنصاف والمساواة يجب أن يكونا المعيار في معاملة وسائل الإعلام بصفة عامة». وفي هذا الشأن، شدد التقرير على أن «توزيع  الإشهار العمومي خاصة يجب أن يكون طبقا لمعايير محددة مسبقا، هدفها تشجيع الصحافة على الاستمرار في التطور والعطاء وليس وأدها في المهد»، مبرزا أن مهمة توزيع الإشهار العمومي «يجب أن توكل لهيئة تنشأ بقانون، مكونة من أشخاص مشهود لهم بالكفاءة والمهنية».
كما يهيب بالسلطات العمومية بـ «عدم التسرع في متابعة الصحفيين الذين ينتقدون الشخصيات العمومية»، معتبرا أن «من يدخل الحياة العامة ويريد خدمة المواطنين والوطن وكل الناس الذين يعيشون فوق إقليم الدولة يجب أن يخضع للمساءلة والرقابة من طرف السلطات الدستورية كالبرلمان ومجلس المحاسبة وغيرها، لكن أيضا يجب أن يخضع لانتقادات الصحافة على كيفيات تسييره للشأن العام». وأكد التقرير على ضرورة «توسيع دائرة حماية الصحافيين من أي نوع من المتابعة عند ممارستهم لهذه المهام»، مشددا على أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان «لا يمكن أن يتساهل مع سجن الصحافيين، إذ يجب الابتعاد كلية عن هذا النهج الذي يمكن أن يرتقي إلى انتهاك حرية التعبير».
ق.و/واج

الرجوع إلى الأعلى