يعرض الوزير الأول، عبد العزيز جراد، اليوم مخطط عمل حكومته على نواب المجلس الشعبي الوطني، الذين سيشرعون مباشرة بعد ذلك في مناقشته وطرح مختلف التساؤلات بشأنه، على أن يتم التصويت على اللائحة الخاصة به يوم الخميس القادم.
يشرع نواب الغرفة السفلى للبرلمان اليوم في مناقشة مخطط عمل حكومة السيد عبد العزيز جراد، وهذا بعد أن صادق عليه مجلس الوزراء في اجتماع استثنائي له الخميس الماضي و وزعت نسخا عنه على النواب بداية هذا الأسبوع.
ويقدم مخطط عمل الحكومة الجديدة – الذي جاء في خمسة فصول- تصورا شاملا لبناء جمهورية جديدة كما وعد بذلك رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون والالتزام بالتكفل بكل حاجيات المواطنين،  وهذا من خلال إدخال إصلاحات عميقة على منظومة الحكم، ومراجعة عميقة لأنماط  الحكامة من خلال إصلاحات سياسية معمقة، تترجم في تعديل الدستور وتعديل القوانين العضوية الأساسية بعد ذلك، أهمها قانون الانتخابات، وتؤدي إلى إحداث القطيعة مع أنماط الحكم السابقة، وبناء نظام حكم حديث وعصري يقوم على الشفافية والصرامة، ومكافحة كل أشكال الفساد والمحاباة والمحسوبية.
 وفي سياق متصل يولي مخطط عمل الحكومة أهمية كبيرة لتعزيز دولة الحق والقانون والممارسة الكاملة للحقوق والحريات، من خلال تكريس جملة من المبادئ من بينها حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وإقامة مجتمع مدني حر ومسؤول  وتعزيز الحوار والتشاور، حيث ستعيد الحكومة النظر بشكل عميق في الترتيبات القانونية التي تؤطر حق التظاهر السلمي، من خلال تعزيز الضمانات لممارسة حرية التظاهر السلمي كفعل مدني يمارس بعيدا عن كل أشكال العنف،و في ظل احترام قوانين الجمهورية، وتكييف الإطار القانوني الذي سينظم الاجتماعات العامة وإخضاعها لنظام التصريح.
وسيترجم هذا بعد تعديل الدستور في إعادة النظر في القانون العضوي الخاص بالجمعيات والعمل بذلك على بروز مجتمع مدني حر ومسؤول، وفي ذات السياق يندرج حرص الحكومة على تعزيز حرية التعبير ودعم الصحافة الوطنية وتأطيرها وتسوية وضعية أنواع منها.
ويضع المخطط استقلالية القضاء في صلب أولوياته، إذ ستقوم الحكومة بالتعديلات الملائمة على الترسانة التشريعية التي ترمي إلى تعزيز حق الدفاع وضمان احترام مبدأ نسبية العقوبات وتحديد اللجوء إلى الحبس المؤقت غير المبرّر والوقاية من الأخطاء القضائية.
وحسب الوثيقة الخاصة بالمخطط فإن هذا الأخير يرافع من أجل قواعد جديدة لإنجاح سياسات التنمية و خلق دينامكية جديدة تفاعلية في الاقتصاد، تقوم على ثلاثة ركائز هي الأمن الغذائي، الانتقال الطاقوي، والاقتصاد الرقمي، وتفعيل آليات مبتكرة للإصلاح المالي والضريبي، و وضع خريطة وطنية للاستثمار وفتح فضاءات جديدة للعقار الصناعي، سيما في الهضاب والجنوب.
ويرمي أيضا إلى إصلاح مالي وتجديد اقتصادي، من خلال مراجعة النظام الجبائي، اعتماد قواعد جديدة لحوكمة الميزانية، عصرنة النظام البنكي والمالي، وتطوير المعلومات الإحصائية الاقتصادية والاجتماعية ووظيفة الاستشراف، وأيضا تطوير المؤسسة الجزائرية، وتحسين مناخ الأعمال، وتوزيع التنمية بشكل عادل على كافة أرجاء القطر، وبعث الشعب الصناعية ، وترشيد الواردات وترقية الصادرات وتطهير الفضاء التجاري، وبعث الفلاحة والصيد البحري والسياحة، و اعتماد تكنولوجيات الإعلام والاتصال والتحول الرقمي السريع.
وفي ذات الوقت محاربة البطالة والتكفل بانشغالات وحاجيات المواطنين، وترقية التشغيل وتكييف التكوين المهني مع احتياجات سوق العمل.
أما ما تعلق بالتنمية البشرية فقد خصص لها مخطط عمل الحكومة فصلا كاملا، وهي تقوم على إدخال إصلاحات جذرية على المنظومة التربوية والجامعية و تحسين جودة التكوين والتمهين، وذلك عبر تجديد المؤسسة المدرسية ومراجعة البرامج المدرسية ومناهج التكوين والتعليم، وإدراج تكنولوجيات الإعلام والاتصال والتقليل من التسرب المدرسي.
وأولى المخطط فصلا كاملا لبعث سياسة خارجية نشطة و استباقية للدولة الجزائرية حتى تعود إلى لعب دورها المحوري على المستويين الإقليمي والدولي، وأيضا تعزيز الأمن والدفاع الوطنيين وتطوير قدرات الجيش الوطني الشعبي وعصرنتها.
والمؤكد أن مناقشة مخطط عمل حكومة السيد عبد العزيز جراد ستشكل "حدثا سياسيا هاما" بالنظر إلى الوضع الجديد الذي دخلت فيه البلاد بعد حراك شعبي مستمر منذ سنة تقريبا وانتخابات رئاسية أخرجت البلاد من أزمتها بشكل آمن، ومن دون شك فإن النقاش الذي سيشهده قصر زيغود يوسف اليوم وعلى مدار ثلاثة أيام سيكون ساخنا بين الحكومة والنواب بالنظر لمميزات الظرف الحالي، وأيضا بالنظر لما ينتظره عموم الشعب من الحكومة الجديدة.
وإذا كانت الكتل البرلمانية لأحزاب الموالاة قد عبرت عن استعدادها لمناقشة مخطط الحكومة وإثرائه فإن كتل من المعارضة انضمت هي الأخرى إلى النقاش، بعدما قاطعت أشغال ونشاطات الغرفة السفلى للبرلمان لشهور، وهي مستعدة اليوم للمساهمة في إثراء المخطط وتنوير الرأي العام بمضمونه.
وستأخذ مناقشة مخطط عمل الحكومة على مستوى الغرفة السفلى ثلاثة أيام على أن يرد الوزير الأول يوم الخميس على انشغالات النواب، والمصادقة على اللائحة الخاصة به، ثم سيعرض على أعضاء مجلس الأمة يوم السبت القادم ويرد عبد العزيز جراد على انشغالاتهم يوم الأحد ويتم التصويت على اللائحة الخاصة به في ذات اليوم.
 إلياس -ب

الرجوع إلى الأعلى