نجح المخترع سعدون لخضر مولاي ابن مدينة عين البيضاء بأم البواقي، هذه الأيام، في اختراع «روبوت» يتحكم فيه بجهاز لا سلكي متطور عن بعد، بإمكانه القيام بعديد الأعمال التي تساعد على الحد من انتشار فيروس كورونا، على غرار  عمليات التعقيم والتعامل في فترة الحجر الكلي خلف شاشة الكاميرا مع المواطنين المتواجدين خارج المنزل، من خلال التحدث الصوتي معهم ومطالبتهم باستظهار بطاقات هوياتهم، كما يقوم بالتحسيس والتوعية عبر مكبر الصوت المزود به.

حاوره: أحمد ذيب

المخترع الذي سبق للنصر أن التقته قبل سنتين، بعد تمكنه من صيانة إشارات المرور الثلاثية وسط مدينة أم البواقي وتجنيبه البلدية لأضرار  تتجاوز قيمتها 3 ملايير سنتيم، عادت لتلتقيه في أول يوم لشهر رمضان الجاري، في هذا الحوار.
النصر: بداية هل لك أن تعرف مجددا قراء الجريدة على سعدون لخضر مولاي؟
سعدون لخضر مولاي، من مواليد السابع والعشرين من شهر ماي من سنة 1985 بمدينة عين البيضاء بأم البواقي، درست بثانوية براكنية علي بعين البيضاء تخصص الكتروتقني وتحصلت على البكالوريا سنة 2000، لألتحق بعدها بمعهد الالكتروتقني بجامعة العربي بن مهيدي، أين تخرجت سنة 2006 وتحصلت على شهادة الدراسات التطبيقية الجامعية كمهندس دولة في الالكتروتقني وكنت من الأوائل على مستوى دفعتي وبعد تخرجي مباشرة، شاركت أسرتي تجارتهم وفلاحتهم إلى جانب النشاطات المتنوعة للعائلة، لألتحق بعدها وبشكل مؤقت للتدريس بأحد معاهد التكوين المهني بمدينة عين البيضاء، أين تعاقدت مع المعهد في إطار عقود الوكالة المحلية للتشغيل “أنام” وعملت أستاذا طيلة 8 أشهر، ليستقر بي الأمر حاليا بشركة سوناطراك، أين أشتغل مهندسا بحاسي مسعود على مستوى قسم الإنتاج.
متى كانت بدايتك مع الاختراعات؟  
اهتمامي بالاختراعات، كان قبل التحاقي بالجامعة سنة 2003، عندما شاهدت طريقة تغيير اللاعبين بملعب 5 جويلية الأولمبي، فقمت بإنجاز لوح إلكتروني وشاركت به على مستوى معرض علمي أقيم بثانوية الشيخ لخضر بوكفة التي كنت أدرس بها وبعد تخرجي من الجامعة، شرعت في القيام بأبحاث علمية في مجال اختصاصي وكانت أبحاثي حينذاك نظرية ومعززة بتطبيقات وخلال سنة 2008، شاركت في مسابقة “نجوم العلوم” المنظمة بدولة قطر وكنت حينها من بين أحسن المخترعين في العالم العربي، حيث أجري البرايم الأول بالجزائر وانتقلت بتفوق للمرحلة الثانية بتونس وتوجت حينها ضمن أفضل 40 مخترعا عربيا من بين 5600 مشارك، وهذه المشاركة فتحت لي أبواب الاحتكاك بالمسؤولين، خاصة عندما سلطت علي وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية الضوء، أين نجحت في السنة نفسها في تطوير أنظمة تكنولوجية تكلف خزينة الدولة فاتورة استيراد باهظة وهو التطوير الذي يختزل المسافات ويقلص استيراد هاته الأنظمة.
هل لك أن تعدد لنا الاختراعات التي نجحت في تجسيدها؟
لي عديد الاختراعات، فبعضها أوجهه للاستعمال المنزلي والبعض الآخر أسعى لتعميم تجسيده و استغلاله عبر الوطن، على غرار اختراعي الذي حزت على براءته من طرف المعهد الوطني للملكية الصناعية ويتعلق بنظام أمني للوقاية من السرقة باستعمال الهاتف النقال، وهو الاختراع الذي يضم بين طياته عدة اختراعات، في مجال تأمين المنازل والسيارات من السرقة، فعند لمس الباب يصلك إشعار على الهاتف وعند فتحه كذلك وحتى في حال قيادة المركبة إلى جانب هذا الاختراع، العديد من المشاريع المنجزة وغير المسجلة بالمعهد الوطني للملكية الصناعية وعددها 12 مشروعا في مجالات مختلفة، تنوعت بين الأمن والصناعة والنظافة وغيرها، فقد نجحت في إنجاز مكنسة آلية وقطع الغيار لآليات اعتادت مؤسسات على صرف ملايير لاقتنائها ولو كان باستطاعتي وتوفرت بعض الظروف، لاخترعت أنظمة كل شهر أو شهرين، غير أن الاختراع الواحد يكلفني 12 ألف دينار للحصول على براءة اختراعه، ناهيك عن المصاريف التي يجب تخصيصها لكل اختراع وتوجد عدة اختراعات انتهيت من إعدادها وعرضتها على أعلى السلطات، غير أني لم أتلق أي رد، على غرار اختراعي لنظام وقائي من حوادث المرور.
كيف فكرت في تجسيد مشروعك الجديد؟
كنت أعمل على إنجاز مشاريع مختلفة ووصلت إلى نسبة تتراوح بين 40 إلى 50 بالمائة، غير أن الظروف الحالية التي تمر بها البلاد والعالم ككل، جعلتني أشعر بأن الدولة وكأنها في حرب من الجيل الرابع أو الخامس، تلغى فيها الأسلحة التقليدية وأقحم فيها السلاح البيولوجي، وعندما شاهدت دولة الصين كيف تتعامل آليا مع المرضى المصابين بفيروس كورونا، من خلال إنجاز روبوتات تنقل لهم الوجبات الغذائية في المستشفيات، فكرت في إنجاز آلي مشابه بمواصفات أخرى، من شأنه أن يسمح لكل من يستعين به، بتجنب التعامل المباشر مع الأشخاص المشتبه بحملهم للفيروس وكذا مع المواطنين العاديين من باب الاحتياط ونجحت في رفع التحدي والوصول إلى هدفي، من خلال إنجاز آلي يتحكم فيه بجهاز لاسلكي متطور وبقطر عرضي بألفي متر واستعنت فيه بتكنولوجيا دقيقة.


ما هي استخدامات الروبوت الجديد وخصائصه التقنية؟
الروبوت الجديد الذي نجحت في إنجازه في ظرف قياسي وفي فترة لم تتعد 15 إلى 20 يوما، يتم التحكم فيه عن بعد وبواسطة جهاز لا سلكي خاص وهو يقوم بعملية التطهير والتعقيم من دون الحاجة لأي موظف يقف أمامه لتشغيله، لحمايته من خطر الإصابة بعدوى فيروس كورونا، وهو يشتغل بزاوية 360 درجة وباستطاعته التجول بين أزقة المدينة لحث المواطنين على الالتزام بالحجر المنزلي ومراقبة مدى التزام المواطنين بالحجر الجزئي أو الكلي وبإمكانه التجول في المدن وذلك بكاميرا محمولة على الروبوت متصلة بمركز المراقبة على المباشر ويمكنه التحدث مع المواطن الذي يقف أمامه وتصويره ومطالبته بإظهار البطاقة الشخصية ورخصة التنقل في فترة الحجر وذلك لتقديم العون لمصالح الدرك والشرطة وتقدر مسافة التحكم فيه، بقطر ألفي متر والعمل جار لتصل إلى ألف كلم  أو يزيد وبإمكانه العمل لمدة 10 ساعات متواصلة من دون توقف.
هل واجهتك عراقيل في إنجاز الإختراع وما هي طبيعة قطع الغيار المستعملة فيه؟
من بين أبرز العراقيل التي واجهتني في تجسيد المشروع، هي قطع الغيار المستعملة فيه، حيث استعنت بقطع غيار مستوردة، كنت بصدد توجيهها لإنجاز روبوت آخر، غير أنني حولت المشروع كليا لإنجاز روبوت في هذا الظرف الذي تشهده الجزائر والعالم ككل وانتظرت طيلة 3 أشهر كاملة لتصلني قطعة غيار واحدة من دبي، فتوقف الرحلات من وإلى الخارج، جعل الروبوت في هيئته الحالية وكان بالإمكان أن يكون أحسن مما هو عليه الحال حاليا، كما واجهت صعوبات حتى في إنجاز الهيكل الخارجي، في ظل غلق ورشات الحدادة والدهن وغيرها وجعلني ذلك أضيع مدة أطول بحثا عن ورشات حدادة وغيرها، على حساب التفاتي للجانب التقني الذي قضيت ليال بيضاء لتطويره.
وهل يمكن تعميمه على مصالح مختلفة؟
رسالتي ردا عن سؤالك، أوجهها لرئيس الجمهورية والوزير الأول، فأنا أطلب دعما كافيا لتسجيل الاختراع بالمعهد الوطني للملكية الصناعية وتجنيد فريق بحث متنوع الاختصاصات، يرافقني في تعميم المشروع الذي يتطلب مختصا في الاتصال وآخر في البيولوجيا، حتى يسهر على نوعية مواد التعقيم وغير ذلك وفي حال تمت المصادقة على المشروع بعد عرضه على مخبر علمي مختص، سأنجز آليات مماثلة بدعم الدولة، تكون كلفتها أقل بكثير من الروبوت الصيني.
أ.ذ

الرجوع إلى الأعلى